Author

سوق الأسهم وأزمة دبـي

|
في حين تتعرض دبي لأزمة ائتمانية قاسية نتيجة تأخير سداد ديون تقدر بنحو 60 إلى 80 مليار دولار، يتساءل كثير من العامة في المملكة عن مدى تأثير هذه الأزمة في سوق الأسهم السعودية. وفي هذا المجال، فإنه لا بد من النظر إلى جذور هذه الأزمة في دبي وعلاقة اقتصادنا بتلك الجذور أو المسببات. فالأصل في التأثير وجود علاقة سببية بين المشكلة والأطراف المحتمل تأثرها بالمشكلة، لأن ما عدا ذلك لا يعدو كونه تأثيرا نفسيا غير منطقي لا يلبث أن يتلاشى مع الزمن. وحيث إن المشكلة ائتمانية في الدرجة الأولى، لذا فإن الجهات التي ستتأثر في الدرجة الأولى هي المؤسسات المالية المقرضة لشركات ''دبي العالمية''. وحسب المعلومات المتوافرة، فإن انكشاف البنوك السعودية لأزمة دبي سيكون محدودا جداً، فكثير من المراقبين يؤكدون أن البنوك السعودية لم ترتبط أصلاً بعمليات تمويل ضخمة مع ''دبي العالمية''. وهذا ما أكدته التقارير الاقتصادية العالمية التي نشرت أسماء البنوك المرتبطة بعمليات تمويل مع دبي، حيث لم يكن من ضمنها أي بنك سعودي. والواقع أن عدم ''تورط'' البنوك السعودية في هذه الأزمة لهو دليل قاطع على صرامة ومتانة النظام البنكي في المملكة نتيجة السياسات الرزينة لمؤسسة النقد، التي قللت تأثر المملكة بهذه الأزمة، ومن قبل عدم تأثرها بالأزمة العالمية. أما من ناحية الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية، فالمعروف عدم وجود ارتباط مباشر لها مع ''دبي العالمية''، لذا فإن تأثرها بالأزمة يبقى محدودا جداً. بل إن أغلبية الشركات المدرجة ليس لها استثمارات جوهرية في دبي من الأساس. والخلاصة أنه لا ينبغي استغلال هذه الأخبار من قبل البعض للتأثير في نفسيات المتعاملين وتحقيق أرباح على حسابهم. فالأزمة أزمة ائتمانية لشركات محددة مرتبطة بشركة ''دبي العالمية''. إن النظرة الواقعية للأزمة ترى أنها استمرار للأزمة المالية التي هزت العالم في أيلول (سبتمبر) 2008، وبحكم أن شركة ''دبي العالمية'' تعمل وفقاً للنظام التجاري وليس الحكومي، لذا فهي كغيرها تعاني من الأزمة المالية والائتمانية، والواقع أنه ليس له خيار سوى إعادة هيكلة الديون. وهذا في الواقع أمر طبعي في العمل التجاري، إلا أن ارتباط ''دبي العالمية'' بإمارة دبي أضفى على هيكلة الديون تساؤلات عدة حول المستقبل الاقتصادي لـ ''دبي الإمارة''. فالمشكلة الأساسية في شركة ''دبي العالمية'' ارتباطها بإمارة دبي، لذا فالبعض يرى أن هذه إشارة قوية إلى أزمة مالية في الإمارة نفسها. ولعل هذا تحليل منطقي ويقترب من الحقيقة أكثر من غيره. ويبقى أن نقول إن أزمة دبي تعني انتهاء فترة الخيال المعماري في المشاريع العقارية، التي بهرت منطقة الخليج العربي في العقد الأخير وأشعلت فتنة التقليد لدى جارتها، فهل يعي الآخرون الدرس ويركزون على التنمية الاقتصادية المستديمة القائمة على الاستثمار في العنصر البشري الوطني في الدرجة الأولى؟ وفي الوقت نفسه، لا ينبغي التقليل من إرهاصات هذه الأزمة على ''دبي الإمارة'' من الناحية السياسية ومن الناحية الاقتصادية. ومن ذلك ضرورة النظرة الواقعية لدبي كإمارة ضمن الاتحاد الإماراتي وليس دولة مستقلة بذاتها، وضرورة التنسيق والتكامل مع دول مجلس التعاون كمنظومة اقتصادية إقليمية ذات تأثير عالمي.
إنشرها