دول الخليج في تقرير الشفافية لعام 2009

لا يزال أداء دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة موحدة غير مقنع فيما يخص محاربة الفساد في المعاملات الرسمية كما تبين من تقرير مدركات الفساد لعام 2009 الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية. غير ذلك، نجحت أكثر من دولة خليجية في تحسين ترتيبها الدولي في التقرير الذي صدر بتاريخ 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وتباين الأداء الخليجي ما بين المرتبة 22 لقطر مقارنة بالمركز 66 للكويت.

قطر في المقدمة
حقيقة القول، حافظت قطر على المرتبة الأولى بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 22 عالميا ما يعني تحسين ترتيبها ست مراتب عن عام 2008. وتعني هذه النتيجة استمرار قطر في تحسين ترتيبها الدول حيث تقدمت أربع مراتب في تقرير عام 2008. وقد جمعت قطر سبعا من النقاط على المؤشر المكون من عشر نقاط, ما يعني زيادة غلتها بواقع 0.5 من النقاط.
بدورها نالت الإمارات المرتبة 30 عالميا ما يعني تحسين ترتيبها خمس مراتب في سنة واحدة. وعلى هذا الأساس، نجحت الإمارات في وقف مسلسل تأخرها بعد أن حلت في المرتبتين 35 و34 في تقريري 2007 و2008 على التوالي. وكانت الإمارات قد حظيت بالمرتبة الأولى خليجيا وعربيا عام 2006 بحلولها في المركز 31 عالميا.
بدورها، واصلت عمان تقدمها حيث حلت في المرتبة 39 دوليا ما يعني تحسين ترتيبها بواقع مرتبتين وعليه حلت في المرتبة الثالثة عربيا. وكانت عمان قد تقدمت 12 مرتبة في تقرير 2008. من جهة أخرى، تراجع ترتيب البحرين ثلاث مراتب حيث حلت في المرتبة 46 دوليا. وكانت البحرين قد تقدمت بالنتيجة نفسها في تقرير 2008. في المقابل، تقدمت السعودية 17 مرتبة وعليه حلت في المركز 63 عالميا. حقيقة القول، يعد التقدم السعودي الأفضل بين دول مجلس التعاون الخليجي في التقرير الأخير. بدورها حلت الكويت في المرتبة 66 دوليا بعد أن تأخرت مرتبة واحدة.

مرتكزات التقرير
غطى تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2009 مستويات الشفافية في 180 بلدا وإقليما في العالم ما يعني عدم إضافة دول جديدة. اعتمد المؤشر على 13 استطلاعاً ومسحاً من تنفيذ مؤسسات عالمية من بينها وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونوميست البريطانية والمنتدى الاقتصادي العالمي والمعهد الدولي للتنمية الإدارية ومركز التنافسية العالمي وبيت الحرية. وشملت عمليات الاستطلاع وجهات نظر رجال الأعمال والمقيمين الأجانب بخصوص مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام الرشا. تشترط المنظمة توافر ثلاث دراسات على الأقل حتى يتم شمول أي بلد في التقرير. وتبين من التقرير استخدام ما بين خمسة وستة من المسوحات لتقييم أداء دول مجلس التعاون.
تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. كما لا تميز المنظمة بين الفساد الإداري والفساد السياسي, أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى المنظمة أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. ركز تقرير 2009 على معضلة ظاهرة الفساد في الحروب والمعارك المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم. تأسست منظمة الشفافية الدولية عام 1993 وتتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا وتحصل على تمويل من الجهات الرسمية والأهلية.
تتمتع الدول الاسكندنافية بأفضل سجل في محاربة مختلف أنواع الفساد في المعاملات الرسمية كما تأكد من تقرير 2009. فقد حلت نيوزيلندا في المرتبة الأولى عالميا في محاربة الفساد في المعاملات الرسمية حيث جمعت 9.4 نقطة من أصل عشر نقاط على المقياس. وحلت كل من الدنمارك وسنغافورة والسويد وسويسرا وفنلندا وهولندا وأستراليا وكندا وآيسلندا في المراتب العشر الأولى. تشترك الدول الحاصلة على مراتب متقدمة في بعض صفات إيجابية تتمثل في محدودية قبول أصحاب القرارات, خصوصا في الدوائر الرسمية إغراءات تجارية أو شخصية.

الحاجة لإصلاحات إدارية
تعتقد منظمة الشفافية الدولية أن الإصلاحات الإدارية ضرورية لأي دولة لم تسجل سبعا من عشر نقاط على المقياس. وكشف تقرير عام 2008 أن 22 دولة فقط في العالم من أصل 180 بلدا وإقليما تمكنت من جمع سبع نقاط أو أكثر. وتبين أن قطر هي الوحيدة بين جميع الدول العربية التي جمعت أقل قدر من النقاط لتفادي تنفيذ إصلاحات إدارية شاملة.
من جملة الأمور التي تطالب بها منظمة الشفافية الدولية إلزام الحكومات نفسها بنشر إحصاءات دورية دون تدخل من السلطات للتأثير في الأرقام أو تاريخ النشر لأغراض سياسية. يشار إلى أن المستثمرين الدوليين يعتمدون جزئيا على تقرير منظمة الشفافية كمتغير أثناء اتخاذ قرارات الاستثمار في الدول. الأمر المؤكد هو أن مسألة الشفافية في المعاملات بشكل عام باتت مهمة أكثر من أي وقت مضى, حيث أكدت الأزمة المالية الأخيرة التي لم تنته فصولها, أهمية نشر إحصاءات وأرقام صحيحة في كل الظروف لتفادي الخسائر المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي