القراء يتفاعلون: الإسكان معضلة والنقل العام لا يدعم ترشيد الطاقة
في الحلقة الرابعة من ملف الشهر تنحاز ''الاقتصادية'' إلى القراء الذين تابعوا الحلقات الأولى وأدلوا بأصواتهم عبر الموقع الإلكتروني. تظهر التعليقات والمداخلات التي حملها الموقع أن هناك شبه اتفاق على عدم منطقية استيراد البنزين وهو إجراء ينتج عن تنامي الاستهلاك في السوق المحلية، لكن القراء يتفقون أيضا حول سؤال واحد: فيما لو تم وقف الدعم الذي توجهه الدولة للبنزين الذي يقدر بنحو 30 مليار ريال سنويا، هل ستكون هناك برامج تنفيذية محددة بسقف زمني لمعالجة السكن؟ أسئلة مشروعة.
## إلى تفاصيل المداخلات:
شهدت الحلقات الأولى من ملف الشهر الذي تنشره ''الاقتصادية'' حول استهلاك البنزين، تفاعلا واسع النطاق من قبل القراء عبر موقع الجريدة الإلكتروني.
ويرتكز الملف على أن المملكة أكبر منتج في العالم للنفط الخام، تستورد بنزينا لمواجهة الطلب المتزايد على هذه السلعة محليا.
وتضمنت الحلقة الأولى تصورا عاما عن الاستهلاك وعرجت على ظاهرة تهريبه للخارج، إلى جانب ما يستنزفه ذلك من خزانة الدولة سنويا من مبالغ تقدر بـ 30 مليار ريال، وهو مبلغ كبير كان يفترض توجيهه لقنوات أكثر نفعية للمواطنين، مثل مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود والمتوسط.
#2#
بينما استعرضت الحلقة الثانية الأسباب الحقيقية التي تقف خلف استيراد البنزين من الخارج، ومدى قدرة مصافي النفط السعودية على العمل بكامل طاقتها التكريرية، وأهمية الاستثمار المستقبلي في مشاريع التكرير والموازنة بين تغطية الطلب المحلي والتصدير.
ذهبت أغلب أطروحات القراء التي ضمت آراء ثرية وعميقة وطرحت أفكارا جديدة، إلى أهمية التحرك عاجلا لمعالجة وضع الاستهلاك المتنامي للبنزين وسط تحفظ بالمعالجة عن طريق السعر (إشارة إلى إمكانية رفعه)، لما لذلك من تبعات اقتصادية واجتماعية قد تنعكس على المعيشة بشكل سلبي، فنجد على سبيل المثال أنه في حالة زيادة سعر الوقود ستقابل ذلك زيادة في أسعار النقل والمواصلات وهو الأمر الذي سينعكس مباشرة على أسعار الكثير من السلع الاستهلاكية والخدمية والعقار، وبالتالي زيادة العبء المالي على المواطن، إلى جانب أن هناك عديدا من الحلول لمعالجة موضوع أزمة الاسكان وليس حلا واحدا.
فيما ذهب البعض إلى أن إمكانية رفع سعر الديزل قد تكون أجدى من البنزين على اعتبار أن أكثر مستهلكي الديزل هي الشركات والمؤسسات (حكومية أو خاصة) التي تدخل في عملها المعدات الثقيلة والشاحنات والحافلات والمولدات الكهربائية وغيرها، بينما نجد أن السيارات الخاصة التي تعتمد في استهلاكها على الديزل قليلة.
ودعا أحد المشاركين حول موضوع الاستهلاك المتنامي للبنزين عبر الموقع الإلكتروني إلى النظر في تشكيل لجنة حكومية لبحث هذا الموضوع الخطير على الاقتصاد الوطني حسب قوله، ودراسة أفضل الحلول حياله والتي منها رفع سعر بيع البنزين والمشتقات الأخرى في المحطات الحدودية التي يجب تبعد عن الحدود 100 كيلو متر حتى تقل الفائدة للمهربين وتصعب على المقيمين في الدول المجاورة، ورفع سعر البنزين في داخل المملكة وليكن سعر البنزين نوع (91) بسعر65 هللة والبنزين نوع (95) بسعر95 هللة، إلى جانب تطوير وسائل للنقل الداخلي وصديقة للبيئة ورخيصة الثمن لتشجيع الناس على تقليل استخدام السيارات الصغيرة وتخفيف الازدحام في المدن.
وقال مشارك آخر ''إن من ضمن الأسباب لزيادة استهلاك الوقود هو الزحام داخل المدن الكبيرة، فالمشوار الذي كان لا يتجاوز عشر دقائق في السيارة أصبح حاليا يأخذ على الأقل 45 دقيقة، ناهيك عن المسافات المتباعدة بين سكن الموظف ومقر عمله''.
لافتا إلى أن مشكلة الإسكان حقيقية ويجب النظر في الحلول العملية لمعالجتها بأسرع وقت، وهناك الكثير من المصادر لتمويل الإسكان غير موضوع رفع سعر البنزين.
كما قدم مشاركون أيضا حزمة أفكار وطروحات أخرى ستسهم في حل المشكلة في حال الأخذ بها - حسب قولهم - منها إنشاء مصاف للتكرير وتصدير البنزين والديزل بدلاً من الاستيراد لاستيعاب الطلب المتزايد محليا وبهذا تحقق المملكه عائدا على الناتج المحلي من خلال الأرباح الداخلية نتيجة استهلاك السوق المحلية والخارجية من خلال التصدير للدول المجاورة، إضافة إلى أن هذه الخطوة ستسهم في توفير فرص عمل للشباب.
ولمواجهة مشكلة الازدحام المروري فإنه يجب العمل على تقنين إصدار رخص القيادة للمقيمين من خلال تحديد المهن المسموح لأصحابها بالحصول على رخصة قيادة، إلى جانب ضرورة إيجاد قنوات نقل ومواصلات عامة ذات شبكة حديثة ومتكاملة وعلى مستوى عال من الأداء والدقة والتنظيم وبمستويات تناسب مختلف طبقات المجتمع كقطارات المترو والحافلات داخل المدن وشركات للنقل بين المدن لتكون بدائل لاستخدام وسيلة النقل الوحيدة والمتاحة وهي السيارات الخاصة.
وعلق أحد المشاركين على الموضوع قائلا '' أولا لا توجد مقارنة بين دخل المواطن السعودي ودخل مواطني الدول المجاورة باعتباره يعد دخلا متدنيا، ثم إن أسعار البنزين أحد أركان التوازن الاقتصادي ورفعه في هذه الفتره سيؤثر في معيشة المواطن سلبا، لأن الدولار الأمريكي الذي يرتبط به الريال السعودي في قيعان تاريخية أمام العملات الأخرى ثم إنه لا يمنع من جدولة مشاريع البنى التحتية إلى خمس سنوات مقبلة والاحتفاظ بالنقد الاحتياطي المتوافر لدى الدولة حتى ارتفاع قيمته دون المساس بالمواطن ودخله''.
فيما ذهب البعض بالقول إنه في حال إعادة النظر في سعر البنزين المحلي يجب أيضا إعادة النظر في مستوى الرواتب ومعاشات التقاعد عامة ليكون هناك توازن بين الدخل والمصروفات، خاصة أن هناك دراسات تشير إلى أن مستولى رواتب ومعاشات التقاعد في المملكة هي الأقل بين دول الخليج.
لذا عند إعطاء الحلول المناسبة والجذرية لاستهلاك البنزين المتنامي لابد أن يتم دون الإضرار بالمواطن، فالبنزين سلعة مكملة وعند المطالبة برفع سعرها يجب رفع الدخل بنسبة موازية.
كما يجب عند إعادة النظر في سياسة الدعم ضمان استفادة رب الأسرة المباشرة كتوفير بطاقات بنزين بسعر خاص للمواطنين وبعدد لترات محددة من قبل الدولة أو زيادة الإعانة على معاشات الضمان الاجتماعي والرواتب أو إعادة توزيع نواتج رفع الدعم على قطاع الإسكان والخدمات الاجتماعية.
ويقول أحد المواطنين ''بتحليل الأرقام الذكورة في التقرير المنشور بدقة وموضوعية نجد أنه لابد من العمل على تعويض المواطن ذي الدخل المحدود في حال رفع سعر البنزين من خلال بطاقة الوقود التي تضمن سعرا مناسبا لفئة معينة أو تعويضا غير مباشر من خلال تخفيض قيمة الكهرباء على ذوي الدخل المحدود أو صرف مبالغ معينة مثل بدل أطفال أو غيره''.
لافتا إلى ضرورة المبادرة سريعاً بإنشاء الهيئات الإحصائية التي تقوم بدراسة مثل هذه المواضيع بعمق وتحليلها واقتراح الحلول المناسبة لها بدلا من أن تكون القرارات مبنية على ردود أفعال ومحاولات إطفاء حرائق.
وتابع ''للأسف فإن من أكبر المشكلات التي نواجهها هي عدم وجود هيئات حكومية أو شعبية تتولى القيام بتحليل الأرقام ودراستها، فمثلا: هل هناك دراسة تفصيلية أجريت حول مقدار استفادة المواطن ذي الدخل المحدود والمتوسط من دعم البنزين في مقابل استفادة كل من الشركات الكبيرة التي تمتلك أساطيل من السيارات والعمالة الأجنبية والمواطنين ذوي الدخل العالي، وأيضا دراسة نسبة تكلفة الوقود على السلع والنسبة المتوقعة من تضخم الأسعار بسبب زيادة أسعار الوقود.
وعند الحديث بلغة الأرقام، يرى أحد المشاركين أنه بما أن معدل استهلاك مشتقات النفط يبلغ مليوني برميل تقريبا وسعة البرميل الواحد تقدر بـ 150 لتراً، إذاً في حال زيادة سعر البنزين مثلا نوع 91 بمعدل 100 في المائة ليصبح بـ 90 هللة فإن ذلك سيضيف لخزانة الدولة مبلغ 50 مليار ريال سنويا، وهذا المبلغ في حال تحقيقه سيسهم في إنهاء قائمة الانتظار لدى البنك العقاري خلال عامين فقط، ودعم الأسر الفقيرة بمعدل 76 ألف ريال للأسرة سنويا إذا علمنا أن المشتركين في الضمان 650 ألف أسرة، وكذلك توفير مليون وظيفة براتب أربعة آلاف ريال للوظيفة شهريا، وبالتالي نحن مع زيادة أسعار مشتقات النفط إذا تم صرف هذه المبالغ على المحتاجين.
فيما علق مواطن آخر بالقول إن السبب في زيادة الطلب على مادة البنزين مع احترامي لكل الآراء التي طرحت ليس بسبب انخفاض سعرها، وإنما يرجع أولا إلى أن البنزين يعد اقتصاديا سلعة غير مرنة بمعنى أن معدل التغير في الطلب يكون بنسبة أقل من معدل التغير في السعر، أي أنه لن يزيد الاستهلاك للضعف في حال انخفض السعر للنصف والعكس صحيح، وبالتالي لن يقل الطلب برفع السعر ولن يزيد بانخفاضه.
ثانيا أن معدل الزيادة في إنتاج المواد المكررة بحسب ما ذكر في التقرير يبلغ 2.27 في المائة وهذا المعدل في اعتقادي أقل من متوسط الزيادة السكانية والزيادة في عدد السيارات أو حتى الزيادة الطبيعية على مدى السنوات خلال الفترة نفسها وذلك بافتراض أن المعدل لإنتاج البنزين هو نفسه، وبالتالي نجد أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة يتمثل في القصور في الإنتاج وليس في زيادة الطلب الذي قد يكون ناتجا عن التوجه لإنتاج منتجات أخرى أكثر جدوى أو أنه يدل على سوء في التخطيط بشأن توقعات الطلب المستقبلية.
وهو ما يتفق مع رأي مشارك آخر والذي يؤكد أن المشكلة تكمن في سوء التخطيط والتنفيذ، طارحا في هذا السياق حزمة حلول من شأنها ،حسب قوله، أن تسهم في إنهاء مشكلة استهلاك البنزين المتنامي، وهي: إيجاد المصادر البديلة من الطاقة المتجددة، تطوير وسائل المواصلات العامة لتحفيز التنقل عبرها داخل المدن وخارجها وسرعة إنجاز مشاريع القطارات التي تربط بين المدن وأيضا المترو داخل المدن الكبيرة، وكذلك تخفيض أسعار تذاكر السفر عبر الخطوط الجوية وفتح مجال النقل الجوي الداخلي أمام شركات الطيران الخليجية، والتشجيع على استخدام السيارات ذات المحركات التي تعمل بالديزل، إلى جانب العمل على زيادة عدد المصافي السعودية إلى الضعفين لمواجهة ارتفاع الطلب المتنامي على البنزين محليا.