التعليم الإلكتروني لن يكون بديلا للتعليم التقليدي

عندما يدور الحديث مع الزملاء والمختصين، أكون أكثر الأشخاص حماساً لتطبيق التعليم الإلكتروني كأداة مساعدة للطالب (أو المتدرب) لزيادة التحصيل العلمي. حيث إنني أعتقد أن تطبيق التعليم الإلكتروني سوف يثري المحتوى العلمي للمادة ويساعد الطالب على زيادة المعرفة، ولكن للأسف فإن الكثير من المختصين في التعليم والمهتمين بالتعليم الإلكتروني في الجامعات يعتقدون أن التعليم الإلكتروني سوف يحل محل التعليم التقليدي.
وأتذكر أنني في محاضرة ألقيتها في إحدى المنشآت التعليمية الحكومية، سئلت من أحد الحاضرين عمَّا إذا كان يتوجب عليه أن يستخدم التعليم الإلكتروني في عرض مادته (وهي ذات طابع عملي صرف) على تلاميذه، وكانت إجابتي هي أنه لا يتوجب عليه استخدام التعليم الإلكتروني للمادة (المحتوى الإلكتروني) ويمكن أن يستخدم الأدوات المساعدة في أنظمة إدارة التعليم فقط إذا كانت قابلة للتطبيق على مادته.
ولكن ما يقلقني هو تفكير بعض المسؤولين عن التعليم أو الممارسين لمهنة التعليم حيث يعتقد البعض أنه من الممكن أن يحل التعليم الإلكتروني محل التعليم التقليدي. وفي إحدى حلقات النقاش مع بعض الزملاء، أخبرني أحدهم أن ابنته (التي تدرس في إحدى جامعات الرياض الكبيرة) لا تذهب إلى الجامعة بناءً على توجيه أستاذة المادة التي تطلب منهن مشاهدة المادة المسجلة مسبقاً على الإنترنت، فهل تستعيض أستاذة المادة عن إلقاء المادة بسبب انشغالها عن الحضور أو أن حضور المادة عن طريق الإنترنت هو متطلب (علمي) للمادة؟ هل تم وضع لوائح لتطبيق التعليم الإلكتروني في الجامعات قبل تطبيق جزئيات التعليم الإلكتروني بحيث تكون هذه اللوائح هي الضابط النظامي لعملية التعامل مع هذه المنظومة، ومن ثم تحفظ حقوق المعلم والمتعلم؟ هل هي رغبة المعلم في تسجيل مواده وجعل الطلبة يطلعون عليها عن طريق الإنترنت لكي ينعم بعدم الارتباط بحضور المحاضرات، وتتحول هذه المحاضرات إلى (تعليم عن بعد)؟ ومن ثم ينفصل الطالب عن البيئة التعليمية التي عادة ما تكون جزئاً أساسياً من العملية التعليمية.
أكاد أجزم بأن الجامعات التي سبقتنا في تطبيق التعليم اللإلكتروني في البلدان الأخرى بدأوا بوضع سياسات تطبيق التعليم الإلكتروني لتكون فيصل التعامل بين الجامعة والأساتذة والطلبة. وكم كنت أتمنى أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وأن نتعلم من أخطائهم وتجاربهم، ولكن يبدو أنني أطلب شيئاً غير منطقي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي