«كلنا منتجون»
بينما الآخرون منا ومن غيرنا مشغولون بالقتال وتفجير الذات وقتل الآخرين وتنظيم الدسائس وتفعيل المشكلات والعيش على أجساد وحقوق وأرزاق الآخرين, وبيننا من يعيش لنفسه ويستثمر لها فقط ولا يلتفت لمن حوله, يعيش وفقا لقاعدة «أنا ومن بعدي الطوفان» نجد بيننا من يعمل الليل والنهار لخدمة الآخرين والحرص على الإنسان بشكل عام والإنسان السعودي بشكل خاص والتركيز على الارتقاء بالإنسان السعودي المحتاج بشكل أخص.
«كلنا منتجون» عنوان لمنتدى الأسر المنتجة الذي قامت على الإعداد له الغرفة التجارية الصناعية في جدة, وأشرفت عليه كرئيس للمنتدى الأستاذة الخلوقة ألفت محمد قباني وحظي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وافتتحه وشارك فيه أمير المنطقة ووزراء التربية والتعليم, التجارة والصناعة, والشؤون الاجتماعية وفرضيه مشاركة وزير العمل وعدد من القيادات السعودية ذات الأثر المباشر في دعم الأسر المنتجة وعلى رأسها الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.
الأسر المنتجة فكر إنساني مبارك ينظر إلى حالة الأسر السعودية التي تملك القدرة على الإنتاج ولكن تحتاج إلى من يحتضنها ويدعمها وينظم وضعها بحيث تكون قادرة على الاستفادة من الدعم الحكومي والاقتراض من البنوك وفقاً لبناء مؤسسي سليم وبما يكفل حقوق الطرفين, هذا الفكر الإنساني يركز على كيفية الانتقال بالأسر والأفراد من مستلمي زكاة إلى دافعي زكاة, وهذا يعنى الارتقاء بإنسانية الإنسان وإبعاده عن دارة الفقر والعوز للآخرين ومذلة السؤال, كما يهدف هذا الفكر الإنساني المبارك إلى بناء الذات الإنسانية والقضاء على الأسر الفقيرة المولدة للفقر, لأن ـ كما نعلم جميعاً ـ استمرار الأسر الفقيرة في فقرها تولد أسرا فقيرة جديدة وبهذا تزيد قاعدة الفقر, وازدياد هذه القاعدة يؤثر سلباً في سلوك الإنسان الفقير بشكل مباشر وهذا يؤثر في السلوك العام من انتشار المخدرات والجرائم والفساد الأخلاقي والأمراض النفسية وغيرها من الظواهر التي تنتشر وتزداد مع الفقر وازدياده, الإحساس بالأسر الفقيرة ودعمها للانتقال من الفقر إلى الإنتاج وتغيير ثقافة المجتمع بشكل عام من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج كلها تصب في الارتقاء بالإنسان واحترام إنسانيته وحقه في العيش الكريم.
الأسر المنتجة تحمل أيضاً فكرا إنسانيا ذا بعد اقتصادي توظيفي, حيث يهدف برنامج الأسر المنتجة إلى جعل الباحث عن فرصة عمل موجدا لفرص عمل, لأنه بالبدء في عمل الأسر المنتجة ستساعد على إيجاد فرص جديدة للعمل ضمن هذا البرنامج, وهذا يرفع الضغط عن المؤسسات الحكومية المعنية بإيجاد فرص العمل للأبناء من الجنسين, إضافة إلى أنها تساعد أيضاً على تقليل نسبة البطالة, وهي إضافة إدارية اقتصادية مهمة في منظومة العمل بشكل عام.
الأسر المنتجة تضيف دورا اقتصاديا ذا مردود مالي إيجابي يرقى إلى مستوى الرافد الاقتصادي للاقتصاد الوطني, وهو ما يحاول مختلف الخطط الخمسية الدعوة والدفع إليه من خلال تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل الوطني, ومن خلال الأسر المنتجة نستطيع أن نحقق أهدافا وطنية كثيرة أهمها تقليل نسبة البطالة وزيادة نسبة العاملين من الجنسين, خصوصا النساء من منازلهن, وهذا ينعكس بشكل إيجابي على الاستقرار الأسري ويقلل من حجم الحركة المرورية اليومية, كما أن برنامج الأسر المنتجة سيرفع من المستوى المعيشي للأسر متوسطة الدخل ويضخ أسرا جديدة من الأسر الفقيرة إلى المجتمع المنتج, وهذا يعزز الانتماء الوطني والاستقرار النفسي والأمني للأفراد والأسر والمجتمع بشكل عام, إضافة إلى تغيير ثقافة المجتمع السعودي بشكل عام من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج.
إن خطوة الاهتمام بالأسر المنتجة اهتمام بالرقي بالمجتمع وتحويله إلى مجتمع اقتصادي منتج, والانتقال به من مرحلة الإنتاج التقليدي التراثي إلى الإنتاج الصناعي عندما تتطور آليات المجتمع ويصبح قادرا على المشاركة في إنتاج المعدات والآليات وغيرها في الصناعات المتقدمة التي يمكن إنتاج أجزاء منها من خلال الأسر المنتجة ويتم تجميعها في مصانع لهذا الغرض, وبهذا نحقق التطور الاجتماعي والاقتصادي للأسر ونزيد من الطاقة الإنتاجية الوطنية ونحقق حلم الخطط الخمسية بإيجاد مصدر دخل وطني مساند.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وقفة تأمل
الهوى ظلم وأنت ظلوم
كيف يقوى عليكما المظلوم
للهوى جرأة ومنك صدود
ليس لي منكما محب رحيم
قد براني الهوى ودله عقلي
حل بي منكما البلاء العظيم
إنما يعرف السهاد وطول
الليل من كان حبله المصروم