«أي المحاكم مختصة مكانا بنظر الدعوى».. الاختصاص المحلي
تحدثتُ كثيراً في هذه الزاوية عن الاختصاص وصوره وقواعده وذلك لقناعتي من خلال عملي القضائي أن هناك لبساً يقع فيه, وجهلاً من قبل الكثيرين ومع الأسف من بعض المختصين, وفي هذا المقال أذكرُ ما ورد في نظام المرافعات من قواعدَ في الاختصاص المكاني تسهيلاً للقراء.
الأصلُ في الدعاوى أن تُقام في بلد المدعى عليه, وهو المتوافق مع القواعد الشرعية وما تقتضيه العدالة لأن ذمة المدعى عليه خاليةٌ من أي التزاماتٍ وحقوقٍ, ومن ثم فلا يُجبر على الحضور في بلد المدعي, وفي حال كان المدعى عليه أحدَ أجهزةِ الإدارة الحكومية فتُقام الدعوى في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المقر الرئيس لها ، ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرعُ الجهاز الحكومي في المسائل المتعلقة بذلك الفرع, وكذلك: ما إذا كانت الدعوى ضد الشركات والجمعيات القائمة، أو التي في دور التصفية، أو المؤسسات الخاصة فتقام الدعوى في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مركزُ إدارتها, ويجوز رفعُ الدعوى إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرعُ الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتعلقة بهذا الفرع.
لكن ما هو الحكم فيما إذا تعدد المدعى عليهم واختلفت بلدانهُم؟، يُقرِّرُّ النظام في هذه الحالة أن الاختصاص يكون للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة الأكثرية, - يُلاحظ هنا: أن الأكثرية هي أكثرية الرؤؤس لا الأسهم والحصص-، وفي حال التساوي، يكون للمدعي الخيار في إقامة الدعوى أمام أي محكمة يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة أحدهم.
إذاً هل هناك صُور يكون فيها الاختصاص لغير محكمةِ بلد المدعى عليه ؟,: نعم, فمن خلال ما ورد في النظام فإن هناك عدداً من الصور, وهي كالتالي:
أ ـ إذا تنازل المدعى عليه عن حقه في الاختصاص المكاني صراحةً أو ضمناً ؛ كأن يجيب على دعوى المدعي بعد سماعها.
ب ـ إذا تراضى المتداعيان على إقامة دعواهما في بلد آخر.
ج ـ إذا وجد شرط بين الطرفين، سابق للدعوى، بأنه إذا حصلت بينهما خصومة فتُقام الدعوى في بلد معين.
د ـ إذا حصل اعتراض على حجة استحكام أثناء نظرها، أو قبل اكتسابها القطعية، فيكون نظره في بلد العقار من قبل ناظر الحجة.
هـ- إذا كان للمدعى عليه سكنٌ في أكثر من بلدٍ، فللمدعي إقامة الدعوى في إحدى هذه البلدان.
و- إذا لم يكن لـلمدعى عليه محل إقامة في المملكة فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعي.
ز- إذا كان المدعى عليه سجيناً فتنظر الدعوى في بلد السجن.
واستثناء مما سبق من قواعد تجعل الأصلَ في إقامة الدعوى في بلد المدعى عليه فقد نص النظام على أنه في حال كانت الدعوى مطالبة بنفقة فإن المدعي- سواء كان أما أوجدا أو جدة أو غيرهم- بالخيار في إقامة دعواه في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعى عليه أو المدعي, فالنص هنا يجعل الخيار للمدعي ولم يحدد مكاناً مُلزِماً لإقامة الدعوى, وقصَدَ المنظمُ من ذلك مراعاة حال مستحق النفقة وضرورة السرعة في إيصال النفقة له.
ونظر لطبيعة القضايا الزوجية ومراعاةً لطبيعة المرأة وعدمَ قدرتها على التنقل بسهولة ولما قد تواجهه من صعوبات في إثناء ذلك, وسعيا للالتزام بالقاعدة الأصلية في الاختصاص وبراءة الذمة, فقد جاءت اللائحة التنفيذية بحكمٍ مُحدَثٍ يُنظّمُ كيفية نظر الدعاوى الزوجية, فنصت على أن للزوجة في المسائل الزوجية الخيارُ في إقامة دعواها في بلدها أو بلد الزوج، وعلى القاضي إذا سمع الدعوى في بلد الزوجة استخلاف قاضي بلد الزوج للإجابة عن دعواها، فإذا توجهت الدعوى ألزم الزوج بالحضور إلى محل إقامتها للسير فيها فإذا امتنع سمعت غيابياً، وإذا لم تتوجه الدعوى ردها القاضي دون إحضاره, ويسري هذا الحكم على دعاوى الحضانة والزيارة في الأحوال الشخصية.