الاستثمار المؤسساتي في سوق الأسهم

من المعلوم ان الصناديق الحكومية وشبه الحكومية التي تستثمر في سوق الاسهم السعودية بقوة ومنذ فترة طويلة هي صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية والاستثمارات العامة. ولكن كشفت البيانات اليومية التي تنشرها تداول، ظهور تملك جديد لأحد الصناديق شبه الحكومية وهو صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي. وكانت بيانات تداول للتغيرات في قائمة كبار الملاك، قد أوضحت يوم الأحد الماضي أن صندوق تنمية الموارد البشرية، اشترى 7,3 في المائة من أسهم الشركة العربية للأنابيب. وهذا من شأنه أن يعزز المعلومات التي يتناقلها المتعاملون منذ فترة عن دخول أموال حكومية جديدة للاستثمار في سوق الأسهم السعودية. وقد لايكون صندوق تنمية الموارد البشرية الوحيد ولكن البيانات المتاحة لاتعطي فرصة التأكد إلا عند وصول النسبة إلى 5 في المائة. ومن المشاع أن هناك صناديق أخرى تستثمر في سوق الأسهم السعودية مثل بنك التسليف وغيره وهي ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتقييم. كذلك وافق مجلس الوزراء السعودي أخيرا على الترخيص بتأسيس شركة مساهمة سعودية تحمل اسم شركة حصانة الاستثمارية «حصانة» مملوكة بالكامل للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وستكون بمثابة المدير لأموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تعد أكبر المستثمرين في الشركات المحلية حيث تستثمر في 56 شركة في مختلف القطاعات المالية والصناعية والخدمية والعقارية والزراعية، وذلك وفقا لبيانات المؤسسة. وتبلغ محفظتها الاستثمارية في سوق الأسهم السعودية نحو 37.5 مليار ريال. إن ذلك سيحقق فوائد عديدة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية ولسوق الأسهم من حيث الإفصاح ومستوى الشفافية في السوق مستقبلا. إضافة إلى ذلك من المتوقع ان تدخل الشركة العربية السعودية للاستثمار «سنابل السعودية» مجال الاسنثمار في سوق الاسهم السعودية خلال الفترة القريبة المقبلة. والشركة كما أعلن عنها هي شركة للاستثمار مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وستستثمر داخل المملكة، وخارجها حسب الفرص المتاحة. وسيكون الاستثمارعلى أسس تجارية، بما يحقق لها أكبر العوائد الممكنة، مع الاخذ في الحسبان الإدارة الحريصة على مخاطر الاستثمار وبما يخدم في النهاية الاقتصاد الوطني. إن غياب الاستثمارات المؤسساتية وسيطرة التعاملات الفردية على السوق والتي تقدر بأكثرمن 90 في المائة، غالباً ما يتسببان في تأرجح أداء السوق، وعدم استقرارها. كما أن محدودية الدور الذي تقوم به شركات الوساطة المالية في إدارة العمليات الاستثمارية التي تتم في داخل السوق قد تسبب في عدم تطوير آلية عمل السوق بالشكل الذي يعمل على تعزيز استقرار السوق، ويعمل كذلك على تحقيق الكفاءة المنشودة في التعاملات.
ويدعم دخول مثل هذه الصناديق الحكومية مبدأ الاستثمار المؤسساتي في سوق الأسهم السعودية، وقد يكون بداية لاستجابة تلك الصناديق للدعوات الموجهة إليها بضرورة استثمار فوائضها المالية في أسهم الشركات السعودية، لكن هذا الاتجاه لن يتأكد إلا بظهور عمليات تملك جديدة، ومؤثرة لصناديق أخرى وفي شركات قيادية ذات تأثير في حركة المؤشر مثل سابك والبنوك.

## أهداف الاستثمار المؤسساتي
1- أن يكون الهدف هو الاستثمارطويل الأجل بما يحقق أفضل العوائد وليس المضاربة السريعة وربما العشوائية التي لاتحقق أي عائد استثماري حقيقي. فدخول المؤسسات كمضارب سيسهم في عدم استقرار السوق وجعلها عرضة للتقلبات المستمرة. وما حصل من صندوق الموارد البشرية هو المضاربة بأسهم شركة صغيرة ( شركة أنابيب) تم الاستحواذ على 7,3 في المائة من أسهمها في يوم تبعه تخفيض للتملك في اليوم التالي إلى ما هو أقل من 5 في المائة.
2- تنويع الاستثمار المؤسساتي لتقليل درجة المخاطرة. والتنويع في مجال الاستثمارينطلب التنويع ليس على نطاق سوق الأسهم فحسب بل في مجال الاستثمارات المتعددة. والتنويع داخل قطاع الأسهم لايقتصر على التنويع داخل القطاع الواحد بل والأهم التنويع بين القطاعات المختلفة في سوق الأسهم. وهذا بدوره يقلل من درجة المخاطرة من جهة ويحقق عائدا جيدا ومستمرا.
3- إيجاد كفاءات سعودية مؤهلة في مجال التمويل والاستثمار بمختلف أنواعه، وذلك عن طريق التدريس والتدريب بما يكسبهم المهارة اللازمة لممارسة مثل هذه الأعمال، وهذا لن يؤدي فقط إلى خلق فرص وظيفية جديدة بل أيضا يعتبر من قبيل الاستثمار في رأس المال البشري الذي تعود منافعه على الاقتصاد الوطني وبشكل دائم.
4- التحقيق لمستوى عال من الكفاءة والشفافية في الحصول على المعلومة المناسبة، وتقديم المشورة، والتقييم السليم للشركات المدرجة في السوق المحلية. وهذا بدوره سيعين المستثمر على اتخاذ القرار السليم ويجعل السوق تتأثر بالعوامل الاقتصادية المحلية أكثر من تأثرها بالعوامل الخارجية.
5- العمل كصانع سوق يحفظ سوق الأسهم من التقلبات الحادة، والعشوائية والتي احدثت انهيارات وخسائر حادة على مستوى الأفراد وعلى مستوى المحافظ الحكومية والتي مازال المجتمع السعودي وسيظل لفترة طويلة يتحمل تبعاتها.
إن الاستثمار الموسساتي إذا وجه التوجيه الصحيح سيحقق فوائد كثيرة وسيسهم في دفع عجلة التنمية، وسيخلق فرصا وظيفية، وسيسهم في عودة الأموال المستثمرة في الخارج ولاسيما الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني كبيرة وملائمة. أضف إلى ذلك أن الاستثمار المؤسساتي يجب ألا يكون مقصورا على الصناديق الحكومية وشبه الحكومية لأن ذلك سيؤدي إلى احتكار الدولة لسوق الأسهم من جهة، وسيتعارض مع مبدأ التخصيص Privatization الذي هو الطريق الأمثل لرفع الكفاءة الإنتاجية والإدارية وتوزيع الثروة. ولكن يجب أن يمتد إلى الاستثمار المنظم والمدروس عن طريق الصناديق المدارة بواسطة الكفاءات الاقتصادية المؤهلة من القطاع الخاص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي