تقرير ساما 45.. أداء اقتصادي قوي ومصرفي متماسك رغم المتغيرات
كشف تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الـ 45، الذي تشرف المحافظ الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، بتقديمه أخيراً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عن عديد من المؤشرات الاقتصادية والمصرفية الإيجابية، للعام المالي الماضي 2008، بما في ذلك الربع الأول من العام الحالي.
كلمة المحافظ التي ألقاها أمام الملك بمناسبة صدور التقرير المذكور، أوضحت على الجانب الاقتصادي، أنه على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتراجع في معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2008، إلا أن الاقتصاد الوطني في عام 2008، واصل نموه القوي للعام السادس على التوالي، حيث زاد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.5 في المائة، وتعزز دور القطاع الخاص بنموه بنسبة تجاوزت 4.7 في المائة، كما حققت المملكة أكبر فائض مالي في تاريخها في كل من المالية العامة للدولة وميزان المدفوعات، حيث حققت المالية العامة مزيداً من التحسن، مما أدى إلى تحقيق فائض للعام السادس على التوالي بلغت نسبته 33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وسجل ميزان المدفوعات فائضاً للعام العاشر على التوالي، بلغت نسبته 28.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
بالنسبة للجانب النقدي، فقد واصلت مؤسسة النقد العربي السعودي، انتهاجها سياسة نقدية توسعية، على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية، استهدفت من خلالها، تحقيق الاستقرار في القطاع المالي، وتعزيز وضع السيولة لخفض تكلفة الإقراض وتلبية الطلب المحلي على الائتمان خاصة، في ظل انحسار الضغوط التضخمية، وتراجع المضاربات على الريال السعودي.
لعله من الجدير بالذكر التذكير ببعض الإجراءات الاستباقية، التي اتخذتها «ساما»، في وقت سابق، بهدف تعزيز وضع السيولة لدى المصارف وبالنظام النقدي، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، خفض نسبة الاحتياطي النظامي عدة مرات من 13 في المائة في أيلول (سبتمبر) 2008، ليصل إلى مستوى 7 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه إلى 7 في المائة، إضافة إلى خفض معدلات اتفاقيات إعادة الشراء واتفاقيات إعادة الشراء المعاكس عن مستواهما السابقين من 5.50 في المائة إلى 2.50 في المائة، ومن 2.0 في المائة إلى 1.50 في المائة على التوالي، وذلك في نهاية عام 2008.
إجراءات «ساما» التعزيزية للسيولة، عملت على ارتفاع عرض النقود بنسبة 17.7 في المائة في عام 2008، مما أسهم بشكل ملحوظ في استمرار القطاع المصرفي بالقيام بدوره المنوط به، المتمثل في توفير التمويل اللازم للأنشطة والقطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث زاد حجم الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص بنسبة 27.1 في المائة في عام 2008.
في مؤتمر صحافي عقدته «ساما» عقب صدور التقرير 45، بالتحديد يوم الثلاثاء الموافق الأول من أيلول (سبتمبر) من العام الجاري، أوضح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن السياسة النقدية المحافظة، التي انتهجتها المؤسسة خلال الفترة الماضية، أسهمت بشكل كبير في المحافظة على سلامة الاقتصاد والمؤسسات المالية في ظل الأزمة المالية، التي عصفت بالاقتصاد العالمي طوال فترة الـ 24 شهراً الماضية. وأشار في هذا الخصوص إلى توجيه خادم الحرمين الشريفين للبحث باستمرار عن الحلول المتوسطة والطويلة المدى، الذي شكل أساس السياسة النقدية المحافظة لدينا، كما أن عدم الانجراف وراء سراب القرارات الاقتصادية قصيرة المدى، أسهم بشكل كبير في استقرار ونمو الاقتصاد الوطني، وإيجاد بيئة مالية مستقرة وتجنيب المصارف السعودية التأثر بالأزمة المالية بشكل ملموس، الأمر الذي يؤكده الاستقرار المالي والاقتصادي، الذي تتمتع به المملكة، بشهادة مؤسسات التصنيف الدولية وتقارير المؤسسات العالمية مثال صندوق النقد الدولي وغيره.
التطورات المصرفية للربع الأول من العام الجاري، وفقاً لبيانات المركز المالي الموحد للمصارف التجارية، أكدت استمرار الأداء الجيد للقطاع المصرفي، حيث ارتفع إجمالي موجودات المصارف بنسبة 1.7 في المائة (21,7 مليار ريال)، ليبلغ 1323,9 مليار ريال، وارتفعت قيمة إجمالي الودائع المصرفية خلال الربع نفسه بنسبة 4.3 في المائة (6.36 مليار ريال)، لتبلغ 882.7 مليار ريال.
بالنسبة لجانب الاحتياطيات ورؤوس أموال المصارف، فقد عززت المصارف في الربع الأول من العام الحالي، رساميلها واحتياطياتها بنحو 35.3 مليار ريال، أي بزيادة بنسبة بلغت 26.8 في المائة لتبلغ 167.2 مليار ريال، وقد بلغ معدل كفاية رأس المال للمصارف خلال الربع نفسه وفقاً لمعيار لجنة بازل الدولية نحو 15.9 في المائة مقارنة بنسبة 15.2 في المائة في نهاية الربع نفسه من العام السابق، كما حققت المصارف أرباحاً بلغت 8.2 مليار، مقارنة بنحو 8.3 مليار خلال الربع الأول من العام السابق، وارتفع عدد الفروع بـ 60 فرعاً، وارتفع عدد أجهزة الصراف الآلي بنحو 265 جهازاً، ليبلغ إجماليها 9258 جهازاً، وارتفع عدد بطاقات الصرف الآلي بنحو 248.3 ألف بطاقة، ليصل عددها الإجمالي إلى نحو 12.6 بطاقة.
بالنسبة لعدد أجهزة نقاط البيع فقد زادت خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 1940 جهازاً، ليبلغ إجمالها نحو 74.3 ألف جهاز، وبلغت قيمة المبيعات التي تم سدداها عبر هذه الأجهزة نحو 13.2 مليار ريال، مقارنة بنحو 11.5 مليار ريال في الربع من العام السابق نفسه.
خلاصة القول، إنه على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي عصفت باقتصادات العديد من دول العالم، بما في ذلك أنظمتها المالية والنقدية، إلا أن الاقتصاد السعودي والقطاع المصرفي ظلا يقفان صامدين في التعامل مع هذه الأزمة، وذلك وفقما أوضحه التقرير السنوي الـ 45 الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، بفضل السياسات النقدية والمالية الحصيفة، بما ذلك الاقتصادية، التي انتهجتها الحكومة السعودية خلال الفترة الماضية، التي حققت الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد، بشهادة مؤسسات التصنيف الدولية وتقارير المؤسسات المالية مثال صندوق النقد الدولي وغيره.
هذا الاستقرار المالي والاقتصادي الذي تحقق للمملكة مكن الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي من القيام بدورهما التنموي المنوط بهما على الوجه المطلوب، الأمر الذي يؤكده استمرار الحكومة في اتباع سياسة إنفاق توسعية، واستمرار القطاع المصرفي في عمليات الإقراض للقطاع الخاص، الذي شهد نمواً ملحوظاً في شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) من العام الجاري، وهذا الأداء الجيد للاقتصاد السعودي والقطاع المصرفي، يتوقع الاستمرار ـ بإذن الله تعالى ـ حتى نهاية العام الحالي، في ظل محافظة أسعار النفط العالمية على مستويات جيدة في حدود 60 إلى 65 دولارا في المتوسط، ولله من وراء القصد.