جرائم إسرائيل .. وروحنا المهزومة

مصادقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تقرير جولدستون أمس فرصتنا الجديدة لإعادة الاعتبار لهذا التقرير الذي -مع الأسف - لم نتفاعل معه بل هناك من رفضه وشكك فيه.
الآن نتذكر عندما كانت إسرائيل تدك غزة، وتقتل كل يوم عشرات الأطفال والنساء والشيوخ مستخدمة الأسلحة المحرمة, وكان العالم يشاهد هذه الجرائم ضد الإنسانية.. كان (حلم العرب) أن يأتي اليوم الذي تدين فيه الأمم المتحدة هذه الجرائم، وبالتالي سحب القادة الإسرائيليين المسؤولين عنها إلى محاكم مجرمي الحروب، كما فعلت إسرائيل سابقا مع الضباط الألمان وغير الألمان الذين طاردتهم.
كنا نحلم بهذه الخطوة الأممية انطلاقا من المرارة التي عشناها أيام تلك المأساة، وانطلاقا من رغبتنا في أن نرد بعض الماء المسكوب من وجوهنا أمام العالم، فقد جعلتنا إسرائيل أمام العالم في موضع لا نحسد عليه .. لذا كنا نحلم! والآن تحقق بعض هذا الحلم، فقد أدان فريق التحقيق الذي يقوده ريتشارد جولدستون (يهودي صهيوني) إسرائيل واتهمها بارتكاب جرائم حرب.
بعد هذه الإدانة كنا نتوقع (كما كنا نحلم) أن تصبح بيدنا ورقة الإدانة الكبرى التي تعطينا السلاح الأممي الذي نشهره بوجه إسرائيل وحليفتها الكبرى أمريكا التي تبذل الآن الجهود الحثيثة لإلغاء التقرير وعدم عرضه على مجلس الأمن. مع الأسف أن العالم العربي بدا مربكا ومشوشا ولم يستخدم هذا التقرير لاستثارة الرأي العام العالمي وفضح إسرائيل والضغط على الأمم المتحدة لإعطاء أهمية للتقرير، والمؤسف أيضا أن الموقف الفلسطيني كان محبطا.. وبعض الأصوات الفلسطينية تكاد تصنفها أمريكية أو إسرائيلية!
الموقف العربي الباهت، والموقف الفلسطيني المضطرب الساعي إلى عرقلة تمرير التقرير إلى مجلس الأمن .. الموقفان ربما أربكا الصورة أمام الرأي العام العالمي، فالآن ربما لا يُعرف مَن الضحية ومن الجلاد، والإعلام الإسرائيلي مدعوما بمراكز الثقل الإعلامي الأمريكي والأوروبي يعمل حثيثا لحجب التقرير ونتائجه عن الرأي العام العالمي، بعكس ما كنا نراه ونسمعه عندما صدر قرار المحكمة الدولية بحق الرئيس السوداني!
هذا الضعف العربي يكشف حالة الانكشاف وعمق المشكلات التي يواجهها العالم العربي، وهنا لا نسوق الحديث لأجل جلد الذات، فلدينا ما يكفي في هذا السياق، ولكن نتمنى أن نستدرك ونعيد ترتيب المواقف لأجل استغلال هذا التقرير بالذات بعد مصادقة المجلس أمس، فإسرائيل في وضع أخلاقي وسياسي ضعيف، وهذه فرصة لاسترداد بعض روحنا المهزومة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي