الاتفاقية الاقتصادية الموحدة مهدّت للتشريعات.. والجديدة أطّرت العمل المشترك
يشير نجيب الشامسي مؤلف كتاب «السوق الخليجية المشتركة.. من التعاون إلى التكامل» إلى أنه من الممكن، تقييم مسيرة السوق الخليجية المشتركة والإنجازات التي تحققت من خلال تقسيم تلك المسيرة إلى مرحلتين، هما مرحلة الاتفاقية الاقتصادية الموحدة ومرحلة الاتفاقية الاقتصادية الجديدة. إلى التفاصيل:
إنجازات السوق الخليجية المشتركة في ظل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة
تتسم هذه المرحلة بأنها مرحلة تمهيدية للسوق المشتركة نظراً لما احتوته من خطوات تشكل تحضيراً وتمهيداً للسوق ويمكن تحديد تلك السمات حسب التالي:
1 ـ أسهمت هذه المرحلة في التمهيد للسوق من خلال التشريعات والقوانين والأنظمة الاقتصادية التي أصدرها المجلس الأعلى ومنها ما يتعلق بشكل مباشر بالسوق الخليجية المشتركة على الرغم من عدم ذكر تلك التشريعات للسوق المشتركة.
2 ـ أسهمت هذه المرحلة في الإعداد والتحضير كخطوة أساسية للسوق المشتركة من خلال تأسيس عدد من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي شكلت حلقات أساسية في مسيرة التحضير للسوق المشتركة مثل هيئة التقييس لدول المجلس، مركز التحكيم التجاري، مؤسسة الخليج للاستثمار.
3 ـ اتسمت هذه المرحلة بمشاريع البنية الأساسية المشتركة التي عززت التوجه نحو إقرار السوق المشتركة، وتعد أهم الخطوات في نجاح تلك السوق ومنها مشروع الربط الكهربائي، وإعداد الدراسات لمشروع الربط المائي، ومشروع السكك الحديدية، إضافة إلى شبكة الطرق الحديثة التي تربط مدن ومناطق دول المجلس، وشركات النقل البري والبحري والجوي التي عززت حركة التجارة البينية.
4 ـ اشتملت هذه المرحلة على وجود منطقة التجارة الحرة (1983)م التي مهدت لوجود اتحاد جمركي بين دول مجلس التعاون، والذي يعد أهم المراحل الحيوية التي عززت مسيرة العمل الاقتصادي المشترك.
5 ـ اعتمد المجلس الأعلى لقادة مجلس التعاون خلال هذه المرحلة العديد من القرارات، وأقر العديد من السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل بيئة محفزة ومشجعة لنجاح السوق الخليجية المشتركة ومنها ما يتعلق بتمكين مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين من ممارسة النشاط الاقتصادي في الدول الأعضاء وفق خطوات مدروسة ومتدرجة أسهمت في تحقيق خطوة الإعلان عن السوق الخليجية المشتركة.
6 ـ تضمنت المادة الثامنة من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة اتفاق دول المجلس على قواعد تنفيذية تهدف إلى ضمان معاملة مواطني دول المجلس في أي دولة عضو من الدول الأعضاء معاملة مواطنيها نفسها، دون تفريق أو تمييز في أربعة مجالات تم توسيعها بعد ذلك في الاتفاقية الاقتصادية الجديدة لتصبح عشرة، وتلك المجالات هي (حرية الانتقال والعمل والإقامة، وحق التملك والإرث والإيصاء، وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي، وحرية انتقال رؤوس الأموال)، وتشكل هذه المجالات أساساً للمجالات التي حددتها المادة الثالثة من الاتفاقية الجديدة والتي نصت على السوق الخليجية المشتركة.
7 ـ اهتمت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بالأبعاد الاجتماعية والاحتياجات الأساسية للإنسان في منطقة دول المجلس تماشياً مع طموحات وأهداف مجلس التعاون بتحقيق المساواة لكل مواطني الدول الأعضاء في الاستفادة من المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات العامة اعتباراً من أول آذار (مارس) 1989م، كما أقرت هذه المرحلة معاملة كل طلبة دول المجلس في مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي وحتى في مؤسسات التعليم العالي معاملة طلبة الدولة مكان الدراسة، كما أرست الاتفاقية الاقتصادية الموحدة مرحلة المواطنة الخليجية الواحدة في الحقوق والواجبات.
8 ـ اشتملت هذه المرحلة على حزمة من القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى في دول المجلس والقرارات التي اتخذتها اللجان الوزارية والتي تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي أفضت إلى المزيد من التكتل والتنسيق والتكامل ومن الطبيعي أن يأتي إنشاء السوق الخليجية المشتركة كواحدة من حصيلة تلك القرارات والجهود لتنقل العمل الاقتصادي والاجتماعي من مرحلة التعاون إلى مرحلة التكامل، وتمهد لمرحلة جديدة أخرى هي الوحدة الاقتصادية في ضوء إقرار الاتحاد النقدي والعملة الخليجية الموحدة.
#2#
إنجازات السوق الخليجية المشتركة في ظل الاتفاقية الاقتصادية الجديدة
إذا كانت المرحلة الأولى قد أرست دعائم العمل الاقتصادي المشترك بما فيها الهياكل الأساسية للسوق المشتركة فإن المرحلة الثانية قد عبرت عن مدى حرص أصحاب الجلالة والسمو على تسريع العمل المشترك على مختلف مساراته ومجالاته ولا سيما المسار الاقتصادي الذي يشكل حجر الأساس في العمل الخليجي المشترك ويمكن تحديد سمات هذه المرحلة من خلال ما يلي:
1 ـ اتسمت هذه المرحلة بجملة من القرارات الاستراتيجية التي اتخذها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في اجتماعاتهم المتتالية لمعالجة أوجه الضعف أو النقص في التشريعات والقوانين والأنظمة لتؤطر لمرحلة جديدة من العمل الاقتصادي المشترك، يستطيع مجلس التعاون من خلالها ترجمة أهدافه وصياغة مستقبل زاهر لدوله، وتحقيق المزيد من تطلعات شعوب المنطقة، ولمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ولمواكبة مرحلة جديدة من التطورات المستجدة في الساحة الدولية.
2 ـ اتسمت هذه المرحلة بتأسيس المزيد من المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية من أهمها الاتحاد الجمركي 2003)م( الذي يعتبر أهم متطلبات السوق الخليجية المشتركة، ثم إقرار وثيقة السياسة التجارية الموحدة 2005)م( بهدف توحيد السياسة التجارية الخارجية لدول المجلس مع الدول والمنظمات والتكتلات الاقتصادية.
3 ـ اتسمت هذه المرحلة بتولد المزيد من القناعة التامة لدى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بأهمية التسريع في اتخاذ المزيد من الخطوات نحو إحداث التكامل الاقتصادي، وقد تجسدت القناعة في إقراراهم الاتفاقية الاقتصادية الجديدة والعديد من القرارات المتسقة مع متطلبات العمل الاقتصادي المشترك، ولا سيما المتعلقة بالسوق الخليجية المشتركة، ثم القرارات التنفيذية المتخذة من قبل الدول الأعضاء.
4 ـ اتسمت هذه المرحلة بتوسيع مجالات السوق الخليجية المشتركة من أربعة مجالات حسبما جاء في المرحلة الأولى إلى عشرة مجالات حددتها المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية الجديدة وترجمتها قرارات المجلس الأعلى والقرارات التنفيذية التي اتخذتها كل دولة عضو.
5 ـ اتسمت هذه المرحلة بالخطوات التكاملية بعد أن اتسمت المرحلة الأولى بالخطوات التعاونية، وجاءت هذه الخطوات لتعمق من المواطنة الاقتصادية خاصة والمواطنة الخليجية، حيث لمس المواطن في دول المجلس نتائج إيجابية سواء على صعيد الانتقال والإقامة والعمل وخاصة الانتقال بالبطاقة بين الدول الأعضاء، أو على صعيد ممارسة النشاط الاقتصادي والتجاري وانسيابية رؤوس الأموال وحق المساهمة في الشركات التي تؤسس في دول المجلس أو شراء أسهم الشركات المساهمة من الأسواق المالية، ثم تملك العقار سواء لأغراض السكن أو الاستثمار.
لقد جسدت سنوات المرحلة الثانية منذ عام2001 م الأهداف الاقتصادية التي نص عليها دستور العمل المشترك وهو النظام الأساسي لمجلس التعاون، وجسدت العمل الاقتصادي المشترك حينما تحولت الأهداف إلى واقع ملموس استفادت منه مختلف شرائح المجتمع الخليجي سواء الأفراد أو الشركات والمؤسسات، وقد جاء الإعلان عن السوق الخليجية المشتركة في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2007م لتتم سنوات التعاون وتنقل العمل المشترك إلى مرحلة التكامل المشترك لتصبح نواة لمرحلة جديدة مقبلة تتسم بالمزيد من الاندماجات والوحدة الاقتصادية الشاملة.
#3#
## إنجازات السوق الخليجية المشتركة
عندما قمنا بتقييم إنجازات السوق الخليجية المشتركة خلال مراحلها المختلفة وجدنا أن القرارات التي اتخذها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون عززت مسيرة مجلس التعاون, وكان للتشريعات والقوانين والأنظمة, ثم المشاريع والهيئات والمؤسسات المشتركة التي أقرها وأسسها المجلس الأعلى خلال الفترة الماضية، إنما جاءت من وحي القناعة التامة بأهمية بناء مستقبل هذه المنطقة وتحقيق الرفاهية والأمان والاستقرار لأبنائها, كما أن القرارات التنفيذية الصادرة من قبل دول المجلس لترجمة قرارات المجلس الأعلى أسهمت في تعزيز العمل الخليجي المشترك, وجاءت داعمة للقرار الخليجي المشترك, ومترجمة لقناعات قادة المجلس, ومحققة لتطلعات شعوب المنطقة في بناء مستقبل واعد وزاهر, ونستطيع من خلال الإحصائيات والبيانات المتوافرة لدينا أن نؤكد حقيقة التقدم الذي تحقق في مسيرة مجلس التعاون ولا سيما في مساره الاقتصادي وتحديداً من خلال السوق الخليجية المشتركة عبر سنوات قليلة من عمر المجلس، الأمر الذي يؤكد أهمية هذه المنطقة والمستقبل الزاهر الذي ينتظرها خلال العقود المقبلة حينما يتأكد حضورها بشكل قوي في الخريطة العالمية كإحدى أهم المناطق جذباً للاستثمارات العالمية, وكأحد المراكز التجارية والاقتصادية المهمة في العالم, فضلاً عن قدرتها على استقلاليتها في صنع القرار الاقتصادي في إدارة شؤونها, وتأثيرها في صياغة القرارات الاقتصادية الدولية.
## أولاً: تملك العقار
من خلال المجالات العشرة المؤلفة للسوق الخليجية المشتركة, نجد أن إجمالي عدد مواطني دول المجلس المتملكين العقارات في الدول الأعضاء حتى نهاية عام 2006م بلغ 33.209 ألف مالك سجل الكويتيون المرتبة الأولى، حيث بلغ عددهم 17645 مالكاً وبنسبة تصل إلى 53 في المائة من العدد الإجمالي, فيما جاء السعوديون في المرتبة الثانية وبعدد بلغ 6872 مالكاً وبنسبة وصلت إلى 21 في المائة، بينما احتل الإماراتيون المرتبة الثالثة بعدد بلغ 3286 وبنسبة وصلت إلى 10 في المائة.
ثانياً: ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية
لقد كان للقرارات التي اتخذها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس سواء من خلال المجلس الأعلى باعتبارهم أعضاء فيه أو من خلال القرارات التي يتخذونها على صعيد دولهم، الأثر الكبير في تجسيد روح التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتمكين أبناء المجلس من ممارسة نشاطهم الاقتصادي، وقد جاءت تلك القرارات في القمم المتتالية ومنذ تأسيس مجلس التعاون من منطلق القناعة التامة لدى قادة المجلس بتذليل كل القيود والعقبات أمام حركة رأس المال الوطني الخليجي وتمكين أبناء دول المجلس من إدارة شؤونهم التجارية, وإذا كانت هناك بعض الأنشطة الاقتصادية كانت في بداية الأمر مقتصرة على أبناء الدولة الواحدة فإن قرارات المجلس الأعلى المتتالية قلصت تلك الأنشطة لإتاحة الفرصة كاملة أمام مواطني دول المجلس لممارسة نشاطهم الاقتصادي والتجاري ترجمة لأهداف المجلس وقراراته.
وتشير الإحصائيات المتوافرة إلى أن إجمالي عدد التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة الأنشطة الاقتصادية خلال السنوات العشر (1995م ـ 2005م) سجلت تزايداً ملحوظاً، فقد بلغت نحو 14,655 في نهاية الفترة مقابل 4750 في بدايتها أي بنسبة زيادة بلغت 219 في المائة تركز الجزء الأكبر منها في الإمارات، حيث بلغ حجم الرخص فيها نحو 9784 رخصة وبنسبة 257 في المائة في عام 2005 مقابل 2744 رخصة من إجمالي عدد الرخص, تلتها دولة الكويت التي استقطبت 1680 رخصة في نهاية عام 2005 وبنسبة 159 في المائة من إجمالي عدد الرخص مقابل 649 رخصة في عام 1995م، فيما حلت البحرين ثالثة حيث سجل عدد الرخص فيها نحو 1204 رخص بنسبة 1204 في المائة في نهاية الفترة مقارنة بنحو 150 رخصة في عام 1995م.
ويعكس التزايد في عدد التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس حقيقة رغبة قادة دول المجلس في تذليل المعوقات أمام مواطني دول المجلس في مزاولة الأنشطة التجارية والاقتصادية دون تفريق أو تمييز، والسنوات القادمة ستحمل مزيدا من التسهيلات لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية في ظل إقرار العمل في السوق الخليجية المشتركة.
ثالثاً: تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات
في إطار التوجه نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية, وانتقال الرساميل والاستثمارات الوطنية بين الدول الأعضاء لتخدم الأهداف الاستراتيجية التي نص عليها النظام الأساس لمجلس التعاون, ومن منطلق تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه من المساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس, وفي ضوء المسعى نحو تمكين أبناء دول المجلس من الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة وتدوير رساميلهم ومدخراتهم بما يعود عليهم بالفائدة فقد أصدر المجلس الأعلى لمجلس التعاون حزمة قرارات تحقق تلك الأهداف وتدخل في إطار السوق الخليجية المشتركة أتاحت الفرصة أمام أبناء دول المجلس من شخصيات طبيعية واعتبارية من الإسهام في تأسيس الشركات والاكتتاب الأولي فيها, أو شراء أسهم شركات مساهمة قائمة دون تفريق أو تميز.
ومن خلال الجدول أعلاه يتضح لنا انسيابية الرساميل والاستثمارات في أوردة اقتصادات دول المجلس عبر مراحل السوق الخليجية المشتركة فقد قفز حجم الشركات المساهمة المسموح بتداول أسهمها لمواطني دول المجلس خلال عقدين من الزمن من 42 شركة في عام 1985م إلى 524 شركة عام 2006م، الأمر الذي يؤكد حقيقة الإنجاز، حيث بلغت نسبة الزيادة أكثر من 220 في المائة, ونظرا لأن الكويت كان لها السبق في تأسيس سوق الأوراق المالية فقد أتيحت للكويتيين فرصة تأسيس أو المساهمة في تأسيس شركات مساهمة في دول المجلس الأخرى، وقد بلغ عدد الشركات 180 شركة مساهمة يسمح لأبناء دول المجلس بتداول أسهمها عام 2006م مقابل شركة واحدة في عام 1985م, تليها عمان، حيث يبلغ عدد الشركات المسموح بتداول أسهمها من قبل أبناء دول المجلس نحو 121 شركة مقابل ست شركات في بداية فترة المقارنة, أما السعودية فقد حلت في الترتيب ثالثاً، حيث بلغ عدد الشركات المساهمة التي يسمح بتداول أسهمها من قبل أبناء المجلس 75 شركة مقابل ثلاث شركات في بداية الفترة, فيما حلت الإمارات, والبحرين رابعاً وخامساً حسب الترتيب بعدد شركات 63 شركة و49 شركة على التوالي، وذلك في نهاية الفترة على الرغم من أن هاتين الدولتين تسجل بدايتها انفتاحاً أكبر على تملك الأسهم وتداولها من قبل أبناء دول المجلس، حيث بلغ عدد الشركات المساهمة التي سمحت الدولتان بتملك أسهمها من قبل أبناء بقية دول المجلس 16 شركة لكل دولة, أما قطر فقد جاء ترتيبها الأخير، حيث لم يتجاوز عدد الشركات المسموح بتداول أسهمها من قبل أبناء دول المجلس 36 شركة، حيث جاءت هذا البداية متأخرة لعشر سنوات عن بقية الدول الأعضاء يعزى ذلك إلى تأخر قطر في تأسيس الشركات المساهمة، حيث لم يتجاوز عدد الشركات المساهمة في عام 1995م ثلاث شركات, حتى عام 2004م لم يتجاوز عدد شركاتها عشر شركات، فيما قفز العدد في عام 2005م ليصل إلى 32 شركة مساهمة، الأمر الذي يؤكد التحول الاقتصادي الكبير الذي شهده الاقتصاد القطري على عكس عمان مثلاً التي تقلص عدد شركاتها من 127 شركة في عام 2004م إلى 121 شركة مساهمة في العام التالي 2005م، الأمر الذي يشير إلى دمج شركات قائمة أو تقليص عددها لأهداف اقتصادية.
رابعاً: انتقال رؤوس الأموال
لقد نصت بنود الاتفاقية الاقتصادية على انسيابية الرساميل والاستثمارات الوطنية لتخدم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس, ثم استفادة المستثمرين وأصحاب الرساميل من أبناء المنطقة، سواء الاعتياديين أو الطبيعيين من الأوعية الاستثمارية المتوافرة في أسواق دول المجلس واقتصاداتها وتعظيم عوائدها.. وجاءت السوق الخليجية المشتركة لتؤكد ما نصت عليه الاتفاقية ومن جملة ذلك حرية انتقال الرساميل، وجاءت قرارات القمة المتتالية ومنذ بدايات العمل الخليجي المشترك لتعزز هذا التوجه, وفي سياق السوق الخليجية المشتركة بدأت الشركات ومؤسسات القطاع الخاص التحرك من أجل الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتوافرة ومنها المصارف التجارية الوطنية التي سبق وجودها في الدول الأعضاء قيام المجلس, حيث أصبح للمصارف فروع منتشرة في مدن الدول، وقد بلغ عددها حتى نهاية حزيران (يونيو) 2008 نحو 19 فرعاً توزعت في مختلف الدول الأعضاء كان للمصارف الإماراتية الحضور الأكبر، حيث بلغ عددها خمسة فروع منها فرعان في البحرين وفرع واحد في كل من السعودية وعمان والكويت, فيما بلغ عدد فروع المصارف البحرينية أربعة منها فرعان في السعودية وواحد في كل من الكويت والإمارات, فيما كان حضور المصارف السعودية محدوداً في دول المجلس، حيث لم يتجاوز الأربعة فروع ثلاثة منها في البحرين, والرابع في الإمارات كأول فرع للمصارف السعودية، أما المصارف العمانية فلم يتجاوز عدد فروعها عن ثلاثة موزعة في السعودية بواقع فرعان والفرع الثالث في الإمارات, أما المصارف الكويتية فقد بلغ عدد فروعها ثلاثة موزعة بين كل من الإمارات, البحرين, والسعودية, فيما لا توجد للمصارف القطرية أية فروع في الدول الأعضاء في المجلس, ولكن مع انطلاقة السوق الخليجية المشتركة، فإن رغبة المصارف الوطنية في دول المجلس بالتواجد في مختلف الأسواق الخليجية ستتحقق وقد أعلنت بعض مصارف الدول الأعضاء عن نيتها في فتح فروع لها في الدول الأخرى لتقديم خدماتها المصرفية, ثم هناك قرار من قبل بنك الإمارات دبي بشراء حصة تبلغ 40 في المائة من البنك السعودي الهولندي, فيما هناك شركات وطنية ومنها شركات خدمية كشركات التأمين الوطنية ستجد في إقرار السوق الخليجية المشتركة فرصة سانحة لتوسيع نطاق خدماتها والاستفادة من الطلب الكبير في الدول الأعضاء لتحقيق مكاسب جيدة خلال السنوات المقبلة، وكذلك هو الحال بالنسبة لمكاتب التمثيل للشركات المساهمة الكبرى، حيث جاءت قرارات المجلس الأعلى لتعطي الفرصة لتلك المكاتب في توسيع نشاطها والترويج للخدمات التي تقدمها الشركات الوطنية التي تمثلها في الدول الأعضاء.