مجلس وزارة الصحة الاستشاري

تشكيل المجلس الاستشاري العالمي لوزارة الصحة نقلة نوعية وخطوة إيجابية لرفع كفاءة الأداء في الجهاز الحكومي، بالذات ما يمس وضع الخطط والبرامج التنفيذية ووضع ضوابط الجودة... وغيرها، وهذا المجلس كان من أولويات الدكتور عبد الله الربيعة، فالوزير يحتاج إلى خبراء مستقلين يستشيرهم في عمل الوزارة، وعادة هؤلاء يقدمون ما يرون أنه يخدم الأهداف الأساسية والمصلحة العامة دون الحسابات المعتادة للتنفيذيين، فهؤلاء قد تأخذهم المجاملة أو قلة الخبرة إلى عدم تقديم الاستشارة التي يجب أن تقال.
والمجالس الاستشارية المستقلة تقليد إداري معروف تم تطويره في الغرب في العقود الماضية، فأصبحت من ضرورات العمل للقياديين، وتتم الاستعانة بها حتى على المستويات العليا للدول، وقد تم الاهتمام بها مع تعقد احتياجات الإدارة وتعقد الظروف المحيطة بالعمل وتسارع الأحداث، حيث يستدعي ذلك ضرورة الإحاطة بمختلف وجهات النظر قبل اتخاذ القرارات الأساسية.
على المستوى المحلي نحتاج إلى تطوير آليات اتخاذ القرارات الرئيسية والمصيرية التي تمس حياة الناس ومستقبلهم، وفي السنوات الماضية تم تطوير الآلية على مستوى إعداد الأنظمة الوطنية وإقرارها، والآن نحتاج إلى تطوير الآلية على مستوى الوزارات والمؤسسات العامة، ولدينا العديد من القرارات والتعليمات الوزارية التي صدرت ولم تنفذ، أو نُفذت ثم ألغيت، والسبب أنها لم تأخذ حقها من تداول الرأي والمشورة التي ترى الأشياء بأبعادها المختلفة.. فقد تصدر قرارات مهمة بناء على رؤية لجنة من ثلاثة أو أربعة أشخاص متجانسي التفكير والرؤية ومأسورين بأوضاع إدارية معينة.
خطوة وزارة الصحة ضرورية، فالقطاع الصحي أمامه تحديات رئيسية، والتوجهات الاستراتيجية للرعاية الصحية التي أقرها مجلس الوزراء في رمضان أبرزت التحديات والأهداف والتطلعات في القطاع الصحي، وقد ركزت التوجهات على ضرورة تفعيل دور الوزارة في الإشراف ومراقبة الجودة ووضع السياسات الصحية وضمان توفير الخدمات الصحية لجميع الفئات السكانية، كما ركزت على ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص ليكون شريكا حقيقيا للوزارة في تقديم الرعاية الصحية.
هذه التوجهات، حتى تكون نافذة ولا تبقى مجرد أمنيات، تحتاج إلى جهود القيادة المركزة التي تستطيع التصدي للقضايا الحيوية في القطاع الصحي وتكون فاعلة في استثمار الدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع الصحي، وتعمل على تنظيم هذا الدعم ودفعه إلى مستويات جديدة توازي الاحتياجات.
وطبقا لإحصائيات البنك الدولي ما زالت السعودية بحاجة إلى رفع حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي، كما أن عدم توافر الأراضي لبناء المنشآت الصحية ما زال مشكلة رئيسية أمام تطور الرعاية، فهناك العديد من المشاريع المؤجلة بسبب عدم توافر الأرض (وهذه مفارقة عجيبة في بلد مساحته تساوي مساحة ست دول أوروبية كبرى)، كما أن نقص الموارد البشرية يعد أحد التحديات التي تواجه الخدمات الصحية.
أمام كل هذه الاعتبارات، نجد أن توجه وزارة الصحة إلى تعزيز قدراتها القيادية والإدارية خطوة تستحق التقدير، فالقطاع الصحي يحتاج إلى تغييرات هيكلية كبيرة.. والملك عبد الله لن يتأخر في وضع كل إمكانات الدولة لبناء هذا القطاع، كما يفعل الآن مع قطاع التعليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي