قمة المنامة تشهد 10 قرارات لتعظيم استفادة مواطني دول المجلس من مزايا التعاون الاقتصادي

قمة المنامة تشهد 10 قرارات لتعظيم استفادة مواطني دول المجلس من مزايا التعاون الاقتصادي

لئن كانت قمتا مسقط (1989)، والدوحة (1990) قد شهدتا قرارات عديدة لتفعيل وتطوير مفاهيم جديدة في العمل الاقتصادي المشترك للإسراع في تحقيق التكامل الاقتصادي، فإن قمة المنامة التي عقدت في 1994 شهدت عشرة قرارات لتنظيم وتنويع وتوسيع استفادة مواطني دول المجلس من مزايا التعاون الاقتصادي. وفي الحلقة الثالثة من كتاب ''السوق الخليجية المشتركة... من التعاون إلى التكامل''، يستعرض مؤلفه نجيب الشامسي، عديدا من الأحداث والقرارات التي تزامنت مع القمم الخليجية التي عقدت منذ منتصف الثمانينيات حتى منتصف العقد التالي. إلى التفاصيل:

في قمة مسقط التي عقدت في 21 كانون الأول (ديسمبر) 1989م تدارس أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس طبيعة المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على الساحة الدولية بكل أبعادها منذ انعقاد القمة التاسعة لمجلس التعاون وأكدوا أن المناخ الجديد الذي يعيشه العالم اليوم يستوجب من الجميع تقوية أسس التعاون. وفي هذا الإطار أصدر المجلس الأعلى قراره في شأن آلية العمل المشترك بين دول المجلس وذلك استنادًا إلى قراراته في دورتيه الثامنة والتاسعة حيث كلف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بتقييمها خلال عام من إقرارها وقرر المجلس الأعلى في هذه الدورة الموافقة على ما يلي:
1- استمرار العمل بالآلية الحالية مع مراعاة قيام الدول الأعضاء بإشعار الأمانة العامة كتابةً بموافقتها على محاضر اجتماعات اللجان الوزارية خلال 30 يومًا من تاريخ إرسالها.
2- تفويض المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة بتشكيل فرق عمل من خبراء متفرغين بهدف دراسة القضايا التي لم يتم الاتفاق بشأنها بعد واقتراح الإجراءات والحلول المناسبة لمعالجتها.
3- تكليف الرئاسة بالتنسيق مع الدول الأعضاء لعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لتقييم المسيرة وتشخيص المؤثرات السلبية وتوفير وسائل معالجتها.
وفي قمة المجلس الأعلى التي عقدت في الدوحة خلال الفترة 22-25 كانون الأول (ديسمبر) 1990 واصل أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس متابعة تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس وفي ضوء مناقشتهم للتقارير المرفوعة أكدوا ما يلي:
1- تطوير مفاهيم جديدة في العمل الاقتصادي المشترك للإسراع في تحقيق التكامل الاقتصادي. وتنفيذ ما تبقى من أحكام الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
2- وضع برنامج لاستكمال إنشاء السوق المشتركة بين دول المجلس والاتفاق على سياسة تجارية موحدة.
3- تقييم الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بهدف الوصول إلى مزايا تحقق التوازن في المصالح بين الدول الأعضاء وتكفل تخطي العراقيل وذلك بالنظر في نصوص الاتفاقية الاقتصادية الموحدة وأساليب التطبيق بما يكفل تكثيف استفادة مواطني دول المجلس.
4 - زيادة التنسيق بين أجهزة الإعلام في دول المجلس لمواجهة الحملات الإعلامية المعادية ووضع إطار خطة إعلامية مشتركة لدول المجلس تتولى متابعة وتحليل الإعلام العالمي وتوجيه الأجهزة الإعلامية للتعامل معه.
5- دعم الأمانة العامة لتشكيل لجان من الخبراء لدراسة المقترحات وتطويرها في شكل مشاريع متكاملة لعرضها على اللجان الوزارية المختصة.
وفي إطار حرص أصحاب الجلالة والسمو على تحقيق المزيد من الاندماج الاقتصادي بين دولهم وتعزيز موقف مجلس التعاون في الساحة الاقتصادية العالمية استعرض المجلس الأعلى في قمة المنامة التي عقدت خلال الفترة من 19-21 كانون الأول (ديسمبر) 1994 سير تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة في ضوء القرارات السابقة للمجلس الأعلى، ومداولات اللجان الوزارية المختصة، ومن منطلق الرغبة في إقامة كيان اقتصادي خليجي قوي، قادر على دخول الأسواق المفتوحة، صامد في وجه المنافسة الحادة، مستفيد من تيار التجارة الحرة، ملبي لتطلعات المواطنين، كفيل بتوطين التقنية في ربوع دول المجلس, وتهيئة فرص عمل جديدة وإضافية للأجيال القادمة. وحرصًا من المجلس على تنظيم وتنويع وتوسيع استفادة مواطني دول المجلس من مزايا التعاون الاقتصادي بموجب القرارات السابقة للمجلس، قرر ما يلي:
1- نظرًا لأن نسبة تزايد السكان في دول المجلس هي من أعلى النسب في العالم، ولما يفرضه ذلك من ضرورة السعي لإتاحة فرص عمل جديدة ومتزايدة لمن يبلغون سن العمل من مواطني دول المجلس، تقوم لجنة التعاون المالي والاقتصادي، بالتعاون مع وزراء العمل والشؤون الاجتماعية، بالنظر في الإمكانات المتاحة لاستيعاب الزيادة المستمرة في عدد طالبي العمل من إجراءات لتسهيل توظيف وانتقال الأيدي العاملة الوطنية، وإزالة أية عقبات تعترض ذلك.
2- تقوم لجنة التعاون الصناعي بالعمل على زيادة مساهمة الصناعة الوطنية في الاقتصاد الوطني، وذلك بتوطين الصناعة وتوسيع مراحل التصنيع المحلي، لزيادة القيمة المضافة وتعظيم استفادة القطاعات الاقتصادية من الأنشطة الصناعية بتشجيع مشتريات الصناعات الوطنية في كل دولة من المواد الخام والسلع الوسيطة والخدمات التي تنتجها تلك الدولة أو غيرها من دول مجلس التعاون الأخرى بهدف إقامة شبكة أوسع من العلاقات التجارية بين مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتشجيع بروز مجالات استثمار اقتصادية وتجارية وصناعية وخدمية جديدة ذات جدوى اقتصادية.
3- نظرًا لزيادة حدة المنافسة التجارية في جميع أنحاء العالم ولأهمية تعدد مصادر التصنيع والخدمات وتسهيل اتصالاتها لتعزيز قدرة منتجات دول مجلس التعاون على مواجهة هذه المنافسة داخل دول المجلس وخارجها والحصول على حصة عادلة في الأسواق العالمية:
أ‌- تكلف لجنة التعاون الصناعي بتشجيع استخدام الصناعات الناشئة لأحدث التقنيات وأفضل معايير الجودة ومساعدة المستثمرين فيما يحتاجون إليه من التراخيص اللازمة في الدول المصدرة للتقنية.
ب‌- تكلف لجنة التعاون العلمي والتقني بتشجيع استخدام مراكز البحوث العلمية لإجراء البحوث اللازمة لمساعدة القطاع الأهلي على تطوير التقنيات المستوردة لتتلاءم مع متطلبات الطلب المحلي والخارجي.
4- تكلف الأمانة العامة بالعمل تحت إشراف لجنة التعاون المالي والاقتصادي على تنشيط مؤسسات الدراسات الاقتصادية والفنية الخليجية لإنتاج دراسات جدوى اقتصادية لمشاريع صناعية وخدمية وإتاحة الاطلاع عليها للأوساط التجارية في كل دولة من دول المجلس لتشجيعها على إقامة ما تراه مناسبًا منها.
5- تكلف لجنة التعاون التجاري باستكمال الإجراءات اللازمة لتوحيد أنظمة الشركات في دول مجلس التعاون من أجل تسهيل إقامة الاستثمارات المشتركة وإيجاد المؤسسات الكبيرة التي تعمل في أكثر من دولة طبقًا لنظام موحد بهدف تسهيل انتقال الملكية وإقامة المشاريع المشتركة واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
6- تقوم لجنة التعاون التجاري بتنسيق جهود الدول الأعضاء في مجال مكافحة التستر التجاري والصناعي وزيادة فاعلية هذه الجهود.
7- تقـوم لجـنة التعـاون المالـي والاقتصادي بالتعاون مع محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد في دول المجلس بالعمل على تطوير ورفع أداء البنوك الخليجية على أسس بنكية رفيعة المستوى، تتفق في تطبيقاتها مع تطبيقات البنوك في الدول المتقدمة، وذلك بهدف كسب ثقة مواطني دول المجلس بقوة مركزها المالي وجدارتها ومستوى أدائها المهني ومن ثم زيادة الودائع المحلية لتسمح بدورها برفع إمكانيات البنوك الخليجية لتمويل المشاريع في دول المجلس.
8- تقوم لجنة التعاون المالي والاقتصادي بالتعاون مع الأمانة العامة بمراجعة الإجراءات التي اتخذتها كل دولة من الدول الأعضاء لتنفيذ قرارات مجلس التعاون في المجالات الاقتصادية، وذلك من أجل توحيد هذه الإجراءات، وجعلها واضحة لمواطني دول المجلس في مساعيهم إلى الاستفادة من المزايا التي توفرها هذه القرارات تسهيلاً لتحرك البضائع والخدمات والرساميل وإقامة المشاريع الاستثمارية.
9- تكليف لجنة التعاون المالي والاقتصادي ببذل الجهود واستكمال المناقشات الخاصة بتوحيد التعرفة الجمركية خلال عام 1995م.
10- تسهيل التبادل التجاري وإجراءات انتقال السلع بين الدول الأعضاء وتحسين الترتيبات الحدودية لتحقيق ذلك وتقوم لجنة التعاون المالي والاقتصادي بالتعاون مع لجنة التعاون التجاري بوضع الإجراءات اللازمة لذلك3.
4- برمجة تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة :
إيماناً بدور التعاون الاقتصادي في تعميق التلاحم بين مواطني دول المجلس، ورغبة في الدخول إلى مجالات أوسع عن طريق تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة من أجل الوصول إلى أهداف المجلس، وانسجاماً مع ما ورد في النظام الأساسي حول دور المجلس الأعلى في وضع سياسة مجلس التعاون، وبعد استذكار قرارات المجلس الأعلى في دوراته السابقة لتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، استعرض المجلس الأعلى في دورته السادسة المنعقدة في مسقط ـ سلطنة عمان خلال الفترة من 3 ـ 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 1985 الخطوات التي تمت في هذا المجال وأبدى ارتياحه لما تم إنجازه، وقرر ما يلي:
1- الموافقة على أن يخضع العمل الاقتصادي في المرحلة القادمة بما في ذلك قرارات المجلس الأعلى والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لبرنامج زمني يأخذ في الحسبان متطلبات التنفيذ من الناحيتين الفنية والزمنية.
2- تكليف الأمانة العامة باقتراح البرنامج الزمني وعرضه على لجنة التعاون المالي والاقتصادي لتقديم توصيات بشأنه وتفويض المجلس الوزاري بإقراره.
3- تكليف المجلس الوزاري برفع تقارير سنوية للمجلس الأعلى عن سير تنفيذ هذا البرنامج.
4- وانسجاماً مع ما ذكر أعلاه، تكلف الأمانة العامة بدراسة إمكانية السماح لمواطني دول المجلس بممارسة الأنشطة التالية في جميع الدول الأعضاء واقتراح البرنامج الزمني لذلك:
أ – ممارسة نشاط التأمين على أن يقتصر ذلك في المرحلة الحالية على السماح لشركات التأمين المؤسسة والمسجلة أو التي تحت التأسيس حالياً في دول المجلس والمملوكة بالكامل لها ولمواطنيها بفتح فروع لها لممارسة نشاط التأمين في الدول الأعضاء.
ب ـ شراء وتبادل مواطني دول المجلس أسهم الشركات العاملة في أي من الدول الأعضاء بالأنشطة التي يسمح لهم بممارستها مع وضع نظام لذلك.
ج – إدخال النشاط التجاري ضمن الأنشطة التي يسمح لمواطني دول المجلس بممارستها على أن يتم ذلك بشكل تدريجي بحيث لا يحدث آثاراً سلبية رئيسية على الحياة الاقتصادية في الدول الأعضاء.
5- تكليف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدراسة سبل تطبيق المادة 22 من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة وموافاة المجلس الوزاري بمرئياتها.

17 عاملا داخليا وخارجيا تحتم العمل المشترك

هناك عدة عوامل لعبت دوراً مهماً في التسريع من العمل الاقتصادي المشترك وبروز رغبة واضحة لدى القيادات السياسية والاقتصادية في دول المجلس لتبنى المشاريع المشتركة في إطار العمل الجماعي من استراتيجيات وخطط اقتصادية موحدة وتبين ذلك من خلال الاتفاقية الاقتصادية الموحدة عام 1981م التي تزامن التوقيع عليها مع تأسيس مجلس التعاون لتصبح الخطوة الأولى في مسيرة العمل المشترك في ظل مجلس التعاون بعد خطوات وجهود عديدة سبقت قيامه، ولعل إقرار اتفاقية اقتصادية جديدة عام 2001م إنما يجسد حقيقة وإدراك الرغبة في التسريع من العمل الاقتصادي المشترك ومن تلك العوامل الداعمة للعمل الاقتصادي المشترك :

أ – العوامل والمسوغات الداخلية :

1 – الموقع والرقعة الجغرافية المنبسطة حيث تقع هذه الدول في منطقة واحدة لا توجد بينها حواجز طبيعية وتجمعها حدود مشتركة يسرت من الاتصال وعززت من التواصل بين المواطنين وانتقال البضائع والسلع فيما بينها فضلاً عن وجودها على سواحل بحرية تعزز من أهمية موقعها الاستراتيجي في حركة التجارة فيما بينها أو مع مختلف دول العالم .
2 – التشابه في الأنظمة والسياسات والتشريعات الاقتصادية المشتركة، وفي الأهداف والتوجهات التنموية، وتماثل السياسات التجارية والاقتصادية الخارجية لدول المجلس .
3 – أهمية التعاون والتكامل الاقتصادي ومردوده الاقتصادي الكبير على دول المنطقة من حيث تعزيز قدرتها على مواجهة الهزات والأزمات المالية والاقتصادية والتجارية، وأي تحديات مستقبلية في ظل انفتاحها على دول العالم فضلاً عن قدرتها المالية التي تمكنها من تجاوز أية عقبات تعترض مسيرة تنميتها أو تمويل مشاريعها الاستثمارية والتنموية .
4 – ارتباط دول مجلس التعاون بجملة من الاتفاقيات الثنائية والجماعية للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية وكذلك وجود مشاريع اقتصادية برؤوس أموال مشتركة، ثم مؤسسات اقتصادية واحدة إنما يعزز هذه العلاقة ويسّرع من وجود كيان يوحد الجهود ويحقق الأهداف المنشودة .
5 – أهمية التعاون والتنسيق والعمل المشترك لحماية اقتصادات هذه الدول باعتبارها المصدّر العالمي للطاقة، وحماية أسواقها باعتبارها الأسواق الرائجة للسلع والصناعات العالمية وهذا يشكل دافعاً مهماً في تحقيق تعاون وبالتالي تكامل اقتصادي يحقق حمايتها واستقرار صادراتها من النفط والغاز ويحقق وجودها في الخريطة الاقتصادية العالمية، ويوفر لها حماية مشتركة لتأمين وصول إمداد صادراتها النفطية إلى الأسواق العالمية .
6- إن السياسات الاقتصادية الكلية والقوانين والتشريعات المتشابهة والمتماثلة في بعض الأحيان وأساليب التخطيط الاقتصادي بنماذجها المتشابهة التي تطبقها دول المجلس إنما تشكل عاملاً مهماً في تعزيز توجهها نحو التكامل الاقتصادي وتمهد نحو وحدتها الاقتصادية .
7- إن التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون مطلب أساسي من متطلبات الحياة الطبيعية لسكان هذه الدول وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر من الرفاهية للمجتمع ورفع قدراته الذاتية من أجل الصمود أمام التحديات الداخلية فيها والخارجية، في الوقت الحاضر والمستقبل، وتعتبر هذه الدول من حيث السكان أو الناتج القومي عند مقارنتها بثلاث دول صغرى من دول السوق الأوروبية المشتركة كاليونان وهولندا وبلجيكا كياناً صغيراً نسبياً فلم يتجاوز سكان دول المجلس عن 34.4 مليون نسمة، ولم يتجاوز الناتج القومي الإجمالي 71418 مليار دولار، إضافة إلى اعتماد دول المجلس في توفير احتياجات سكانها الغذائية والاستهلاكية على الاستيراد الكامل من الأسواق العالمية مما قد يعرضها لأزمات غذائية ويجعلها وسكانها رهينة للاقتصادات الأجنبية، الأمر الذي يحتم تحقيق تكامل اقتصادي بين دول المجلس من أجل تحقيق الأهداف التي ينشدها أبناء دول المجلس.
8 – تتسم السياسات التجارية والاقتصادية وكذلك التشريعات والأنظمة والقوانين المعمول بها في دول المجلس، المتعلقة بتنظيم نشاط القطاع الخاص بأنها متشابهة بل في بعض الأحيان متطابقة، وحيث إن جميع هذه الدول تعمل جاهدة على تفعيل دور القطاع الخاص فإن تحقيق هذا الهدف مرهون بتوحيد السياسات والتشريعات التي تطلق قدرات القطاع الخاص للقيام بالدور المنتظر في دعم مسيرة التنمية في دول المجلس ثم تكاملية الأسواق في هذه الدول بمنحه حرية الحركة .
9- يتسنى من خلال العمل المشترك بروز رؤية تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة، واستقرار اقتصادي متنام يحقق الرفاه والأمن والاستقرار للمنطقة وأبنائها حيث إن من النتائج الإيجابية التي يتيحها العمل المشترك تنويع القاعدة الإنتاجية ومصادر الدخل وتجنب الازدواجية في المشاريع المشتركة، خاصة في مجال الصناعة، كذلك يساعد العمل المشترك على تأمين قاعدة صناعية وزراعية توفر احتياجات المجتمع ومتطلباته من السلع الاستهلاكية والغذائية .
10 – تمكن أهمية التعاون المشترك في وضع رؤية مشتركة لحماية الثروة النفطية والغاز من عمليات الاستنزاف غير الطبيعية باعتبارها ثروة قابلة للنضوب، وأهمية المحافظة عليها من منطلق بناء المستقبل الاقتصادي للدول والاجتماعي والأمني للشعوب، وأن تضافر الجهود وتكاملها من أجل المحافظة على هذه الثروة يتطلبان تعاوناً حقيقياً في إطار مجلس التعاون الخليجي .
11 – تحقيق تنمية صناعية والتحول من الصناعات ذات الحجم الصغير، التي لا تمتلك القدرة على التنافس إلى الصناعات ذات الحجم الكبير، التي تمتلك ميزة نسبية في التنافس في الأسواق العالمية وبالتالي تصدير النفط والغاز كصناعات بدلاً من تصديرهما كمواد أولية أو خام، وهذا يتطلب تحقيق مستوى عال من التعاون والتنسيق في إطار مجلس تكاملي يحقق الأهداف الاستراتيجية السامية، ولاسيما في قطاع الصناعات من خلال تهيئة المناخ المناسب لنقل التقنية الحديثة للتصنيع وإبراز أهمية الصناعات الخليجية في الأسواق العالمية، خاصة إذا ما أدركنا أن النفط ورغم مرور عقود طويلة من الزمن ما زال يشكل الدور القيادي في اقتصادات دول المجلس سواء من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أو في حجم الصادرات في التجارة الخارجية لهذه الدول أو من حيث مساهمته في ميزانيات هذه الدول وتغذيتها.
12 – تحقيق طموحات وتطلعات أبناء دول المجلس في الانتقال والإقامة والعمل في أي دولة من الدول الأعضاء، وممارسة الأنشطة الاقتصادية وتعزيز المواطنة الاقتصادية وبالتالي تحقيق المواطنة الخليجية وتمكينهم من اقتصادات دول المنطقة إنما يحقق الأهداف المنشودة، التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون .
13 – معالجة المعضلة السكانية التي تعانيها بعض دول المجلس من خلال حرية انتقال الأيدي العاملة الخليجية بين أسواق العمل في ظل ظروف اجتماعية ومعيشية مناسبة، ثم مواجهة مشكلة البطالة التي تعانيها دول أخرى بين شرائح مواطنيها حيث تتوافر لديها الفرص المشجعة للعمل في دول أعضاء في المجلس دون شعور بتمييز أو تفريق .
14- تتسم دول المجلس بضيق السوق المحلية في كل دولة وهذا يشكل إشكالية حقيقية أمام التنمية الصناعية وحركة السلع والخدمات والتجارة، وحينما تصبح تلك الأسواق الضيقة سوقاً وطنية كبيرة وفي ظل وجود السوق الخليجية المشتركة فإن عقبات التجارة وحركة السلع سوف تزول، وحجم السوق سوف يكون أكبر أمام الصناعات الوطنية الأمر الذي يعزز التنمية الصناعية .

ب – العوامل والمسوغات الخارجية :

هناك عدد من العوامل والمسوغات الخارجية التي تشكل تحدياً لدول مجلس
التعاون وتدفعها نحو مزيد من التكتل والتعاون الاقتصادي، منها:
1 – بروز مفاهيم اقتصادية وتكتلات استراتيجية دولية في الألفية الأولى مثل منظمة التجارة العالمية W.T.O ومن قبلها اتفاقية (الجات)، ثم ظهر للعيان العولمة الاقتصادية بشركاتها ذات الجنسيات المتعددة، التي جميعها تمثل تحدياً للاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاديات دول مجلس التعاون وبالتالي فإن تسجيل حضور اقتصادات المنطقة في الساحة العالمية وتواجدها في الخريطة العالمية يستوجب تعاوناً مشتركاً ثم تكاملاً اقتصادياً يعزز من كيانها وحضورها ويحمي نسيجها الاقتصادي .
2 – تنامي أطماع الدول والقوى الاستعمارية الحديثة، لاسيما في الألفية الثانية في الموقع الاستراتيجي لدول المنطقة وفي ثرواتها الطبيعية من النفط والغاز، وفي أسواقها التجارية الواسعة، وفي سيولتها المتزايدة إنما يتطلب قيام دول مجلس التعاون باتخاذ كل التدابير والإجراءات التي من شأنها حماية مصالحها، وتحصين اقتصاداتها، والمحافظة على ثرواتها وأسواقها وسيولتها وهذا لا يتأتى إلاّ في ظل صيغة تكاملية تحمي وجودها وتحقق الحماية والحصانة المطلوبة، لاسيما أن الدول الصناعية تظهر تبايناً في أهدافها وسياساتها، الذي يؤكد صراعها على مصادر الطاقة والأسواق .
3 – بروز توجهات عالمية تسود العلاقات الاقتصادية الدولية تدعو إلى تحقيق اندماجات اقتصادية وخلق كيانات اقتصادية كبيرة لمواجهة التحديات العالمية يعزز من أهمية توجه دول المجلس نحو مزيد من التكامل والاندماجات لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة المتسمة بالصعوبات والتحديات، خاصة أن تحقيق اندماجات حقيقية بين اقتصاديات المنطقة من خلال السوق الخليجية المشتركة يشكل دعامة حقيقية من أجل المحافظة على الاستقلال السياسي والتحرر الاجتماعي .
وفي ضوء تلك المعطيات وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تفاقمت أحداثها في أواخر السبعينيات اتخذت حكومات الدول الخليجية خطوات عاجلة ومدروسة في تنسيق وتوحيد سياساتها واستراتيجياتها لبلورة إطار عمل جماعي قابل للتطبيق يلبي الرغبة المتجددة في نفوس أبناء هذه المنطقة ويؤمّن في الوقت نفسه حمايتها من التهديدات والتحديات المشتركة التي تواجهها، ويحفظ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية للعالم، وفي نهاية عام 1978م أصبحت المنطقة مهيأة أكثر إلى تبني صيغة تعاونية تؤطر العلاقات المتميزة بين دولها، حيث تكاثفت مساعي دول الخليج العربية للبحث عن إطار ملائم للتعاون والتكامل بينها في المجالات كافة، لتثبيت دعائم الاستقرار الإقليمي ودفع عجلة التنمية الشاملة في المنطقة، وتم التعبير عن ذلك من خلال البيانات المشتركة التي دعت إلى ''تحرك سريع تتضافر فيه جهود دول المنطقة للوصول إلى وحدة دولهم العربية، التي تحتمها الروابط الدينية والقومية وأماني شعوبها في تحقيق مزيد من التقدم والوقوف في وجه الدول الكبرى، التي تتصارع على بسط نفوذها على منطقة الخليج العربي''.

الأكثر قراءة