شكراً قناة العالم ...
في الوقت الذي يعيش فيه وطننا الغالي - حرسه الله - أيام أعراسه وأفراحه وبهجته ويواصل بفضل الله خطوات الرقي والنهضة الشاملة العلمية والاقتصادية والأمنية وقبل ذلك النهضة الكبرى في مجال القضاء والحقوق والعدالة، وفي الوقت الذي تتوالى فيه علينا بشائر الخير التي تبعث على الطمأنينة والأمان في نفوس المواطنين على مستقبل بلادهم الواعد المشرق - بإذن الله - في هذا الوقت بالذات تطل علينا وسائل الإرجاف والتشكيك بحملاتها المغرضة الحاقدة التي تدل على ما تكنه نفوس القائمين عليها من حسدٍ لهذه البلاد وأهلها وولاة أمرها بما حباهم الله عز وجل من أمنٍ وأمانٍ واجتماع كلمةٍ وتلاحم صف وتآلفٍ على الحق والهدى والنور الإيماني.
ومن خلال متابعتي البسيطة في الأيام الماضية لشيءٍ من الحملة المنظمة التي تشنها (قناة العالم الإخبارية الإيرانية) على بلادنا الغالية، حمدت الله سبحانه على هذه النعمة العظيمة، نعم؛ بل إنها نعمٌ كثيرة جليلةٌ يجب علينا الالتفات إليها وتذكرها وشكر الله عليها، نعم أخي القارئ الكريم لقد جاءت هذه الحملة الحاقدة تحمل في طياتها رسائلَ إيجابية كثيرةٍ تجعلني أقول بعبارةٍ مجازية (شكراً قناة العالم) لأن هذه القناة في حربها الإعلامية على بلادنا اتخذت منهجاً يفضح نواياها الحقيقية بحيث لا يغتر بها أي أحد من المشاهدين العرب والمسلمين أو غيرهم من العقلاء لكونها تجردت عن أبسط معايير المهنية في نقل الخبر واتبعت أسلوب السب والشتم الذي لا يمتهنه سوى العاجزين التافهين من البشر، حيث لم تجد من الحقائق والوقائع ما يشفي غليلها ويحقق غاياتها الحاقدة، فكانت هذه القناة بحقٍ صورةٍ عن الشيطان الذي قال الله عنه: (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ..) الآية.
كما أنها صورةٌ عن الشيطان في اتخاذه أسلوب التحريش بين المسلمين حين أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب كما صح بذلك الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ''إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم''، رواه مسلم.
فما أشبه عمل هذه القناة ومنهجها بعمل الشيطان ومنهجه حيث أيست أن تجد أخباراً فضائحيةً حقيقية عن بلادنا الغالية فاتخذت أسلوب التحريش وبثِّ الأكاذيب والإرجاف بين الصفوف، حتى بلغ بها الجهل والحمق أن تبث أخباراً مكذوبةً عن المملكة مصحوبةً بصورٍ لأحداثٍ أمنيةٍ جرت في دولٍ أخرى مثل العراق دون حياءٍ أو قليلٍ من الاحترام لعقل المشاهد الذي يسمع خبراً عن السعودية ويرى صوراً لأناس ليس فيهم من يلبس الزي الوطني السعودي ورجال شرطةٍ بلباسٍ يختلف تماماً عن لباس الشرطة في المملكة بطريقةٍ متناهيةٍ في الاستخفاف بالعقول.
إن هذه القناة الإيرانية حين خصصت جزءاً يومياً من برامجها للهجوم على المملكة والنيل من ثوابتها ومن قادتها والتحريض عليهم تجاهلت كثيراً من الحقائق التي قامت عليها بلادنا الغالية - حرسها الله - ولا يعلم القائمون على هذه القناة درجة الوعي والحب الذي يكنه مواطنو هذه البلاد الصادقون لدولتهم ولولاة أمرهم وأن الرابطة بين ولاة أمرنا ورعيتهم تقوم على أسسٍ عظيمةٍ لا تهزها الريح ولا إرجاف المرجفين وشتائم العاجزين من الحاقدين، وأهم هذه الأسس أساس الدين الصحيح والعقيدة السليمة والإيمان الحق بالله عز وجل وبشريعته التي بعث بها نبيه - صلى الله عليه وسلم، هذه الشريعة التي اتبعها ولاة الأمر وأقاموا الدولة على أساسٍ متينٍ منها، وحكموا بها بين الناس في سائر شؤون الحياة، كما اتبعها أيضاً الرعية بالتزامهم بما أوجبه الله عليهم بالنصوص الصحيحة الصريحة الثابتة من الكتاب والسنة التي أوجبت طاعة ولي الأمر المسلم وعظَّمت أمر جماعة المسلمين التي بايعت لولي أمرها وجعلت الخروج على الإمام والجماعة من كبائر الذنوب ومن موجبات دخول النار إلا أن يرى المسلمون كفراً بواحاً عندهم عليه من الله برهان.
نعم إن مواطني هذه البلاد المسلمة الموحدة استوعبوا جيداً هذه الشريعة العظيمة وتشربت نفوسهم بها وارتضوها هم وقادتهم حاكمةً عليهم ولهم وبينهم، وبهذا رفع الله شأن هذه البلاد وقادتها وأتم عليهم النعمة من الأمن ورغد العيش واجتماع الشمل واستقرار الأحوال.
كما أن هذه القناة والقائمين عليها لا يدركون الأسس التاريخية التي قام عليها نظام الحكم في بلادنا ولا يدركون أن الشعب السعودي بجميع أطيافه وطوائفه وقبائله ومناطقه كلهم كانت لهم مشاركة فاعلة في بناء الدولة وتوحيد أجزائها وأن أجدادنا - رحمهم الله - من مناطق المملكة وقبائلها كافة كان لهم ارتباط تاريخي وثيق ومحبة متعمقة في نفوسهم لحكامهم الكرام من آل سعود في جميع مراحل الدولة السعودية الثلاث، وأن كل أهل هذه البلاد ما يلبثون أن يدعوهم داعٍ من أسرةِ آل سعود إلى نصرته بإقامة الدولة السعودية في حال تغلب غيرها عليها إلا وينجفلون إليه بقلوبهم قبل أبدانهم ويبايعونه على السمع والطاعة والجهاد فيتكون له جيشٌ قوامه الحب والولاء ليقودهم إلى توحيد البلاد وإقامة الحكم العادل وهذا ما تحفظه لنا حقائق التاريخ القريب التي لا يملك أحد ٌ التلاعب بها أو تزويرها.
إن هذه الحملة التافهة المنظمة على المملكة فضلاً عن كونها كشفت مدى ما يكنه لنا هؤلاء القائمون على قناة العالم الإيرانية من كراهيةٍ وبغضاء وحسدٍ وحقد في ديننا وفي عروبتنا وفي ما منَّ الله به علينا من فضائل ونعم لا تحصى، ومع ذلك فإن هذه الحملة تعطي لنا درساً حياً مباشراً بأن الحاقدين من حولنا كثير وأن من يتمنون زوال نعمتنا وانشقاق صفنا وتشتتِ أمرنا وزعزعة أمننا كثيرون - لا بلغهم الله أملهم وخيب مسعاهم ورد كيدهم في نحورهم - وهذه الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها تلفت نظرنا إلى أهمية وعظيم النعمة التي نعيش فيها وأن الواجب علينا أن نعضّ عليها بالنواجذ ونشكر الله عليها وألا تكون هذه النعمة الجليلة محلاً للعبث أو المساومة وأهم هذه النعم ثلاث: (نعمة الدين والإسلام الصحيح على مذهب أهل السنة والجماعة، ونعمة الأمن في الوطن، ونعمة اجتماع الكلمة ووحدة الصف) ويكفي لمعرفة عظمة هذه النعم أن نلتفت حولنا لنرى الدول المجاورة منها ما فقدت فيها نعمة الأمن والاستقرار السياسي ما بين حروبٍ طاحنة ودماءٍ مسفوكة وأعراضٍ منتهكة، بل حتى ما يزعمه دعاة الديموقراطية ومطالبتهم بتطبيقها في نظام الحكم لم نجد هذه الديموقراطية أنقذت بعض الدول التي عملت بالانتخابات ثم انتهى بهم المطاف إلى حربٍ داخليةٍ وصراعاتٍ يومية وسفك دماء بل حتى وصل الحال إلى اغتصاباتٍ للمعارضين في السجون، فهل يريد عاقلٌ محبٌ لوطنه بل محبٌ لنفسه ولأهله أن يؤول بنا الحال إلى شبيهٍ بتلك الدول؟
وإن من أعجب العجب أن تترك هذه القناة المفضوحة أي إشارةٍ لما يحدث في إيران من انحلالٍ في الأمن أو فسادٍ سياسي أو مالي بحيث أصبح المرشحون للرئاسة في حملاتهم الانتخابية يتراشقون بينهم اتهامات الفساد المالي والسرقات ونهب المال العام في ظل نظامهم الديموقراطي المزعوم، فلا تشير هذه القناة إلى أي شيءٍ من ذلك في حين تختلق الأكاذيب والخزعبلات الممجوجة الساقطة على بلادنا التي تفاخر بما وصلت إليه من مكانةٍ عالمية واستقرارٍ سياسيٍ وأمني ونهضةٍ علمية واقتصادية بفضل الله سبحانه ثم بصدق نوايا ولاة أمرنا وإخلاص رجال هذا الوطن الصادقين وسواعد أبنائه البررة، الذين رفعوا اسم المملكة العربية السعودية في كل المحافل الدولية بإنجازاتهم المشرفة التي تسهم في خدمة الإنسانية جمعاء في مناحي الحياة كافة، فلم يكن لدولتنا المباركة قط أي تدخلٍ في شؤون الغير أو تصديرٍ للثورات والفتن أو تحريضٍ على الإفساد والإرهاب.
كما أن من اللافت للنظر في حملة قناة العالم ضد السعودية أن هذه الحملة استقطبت كل عدوٍ حاقدٍ على بلادنا مع اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وثقافاتهم فأصبحوا حلفاً شيطانياً جمعهم بغضهم لهذه البلاد وأهلها وولاة أمرها وحبهم لزعزعة أمنها واستقرارها، بمن فيهم بعض المنتسبين إلى المملكة من الذين يزعمون الإسلام والانتساب لأهل السنة والجماعة فإذا بهم يتحالفون مع هذه القناة المعروفة في عقيدتها وتوجهات القائمين عليها منسلخين من كل المبادئ الإسلامية والأخلاقية تحت وطأة الحقد والكراهية، التي ضاقت بها نفوسهم.
إن الدافع الحقيقي وراء كتابة هذه السطور ليس استنكار هذه الحملة الحاقدة أو انتقادها أو بيان ضلالها وحقيقتها لأن كل ذلك لا داعي له فهو أوضح من الشمس ليس دونها غمام، وإنما أردت التأكيد على الوجه المشرق في هذه الحملة حيث بعثت لنا دروساً حيةً تدعونا إلى التمسك بوحدتنا والحذر من مزالق الفتنة ودعاتها وتذكرنا بما نعيشه من نعمةٍ عظيمةٍ في وحدة الصف والأمن والاستقرار في ظل الشريعة الإسلامية، وأن هذه الحملة كشفت للجميع عن وجه العدو الحقيقي الذي وجه سلاحه إلى صدورنا وهو ينادي بالويل والدمار لإسرائيل وأمريكا، وما أحداث مكة المكرمة وسفك دماء المسلمين من حجاج بيت الله في البيت الحرام والمشاعر المقدسة عنا ببعيد فاعتبروا يا أولي الأبصار.
إن الوحدة والألفة والاجتماع بيننا أمرٌ مقدسٌ معظَّم يجب حمايته والذود عنه حتى لو تحملنا في سبيل ذلك المشاق والمكاره لأنه لا أمن ولا إيمان ولا رغد عيش دون الوحدة والائتلاف (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، صدق الله العظيم.