دروس الجامعة
أحد الدروس المهمة لإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هو ما يخص توزيع الثروة الوطنية.
الإنفاق على التعليم هو إحدى الآليات الفعالة لتوزيع الثروة الوطنية بين الناس، وهذا ما يجعل الحكومة تتجه بقوة لدعم التعليم، وما ينفق على هذا الجانب ربما يتجاوز الآن (120) مليار ريال، وهذا رقم كبير قياسا بعدد السكان.
توزيع الثروة الوطنية لا يأتي عبر مبالغ نقدية تدفع مباشرة، إنما يأتي عبر الاستثمار المكثف في الخدمات الأساسية التي تمس حياة الناس وترفع من مستوى المعيشة وتساعد الناس على إطلاق قدراتها وإبداعاتها واستقرار حياتها.
وما تنفقه الحكومة على برامج التعليم بأشكاله المتعددة يتجاوز النفقات السنوية الجارية إلى المشاريع العملاقة لبناء الجامعات والكليات ومراكز الأبحاث، وكل هذه تصب في اقتصاد المعرفة الذي تدخله المملكة بقوة الآن مع تدشين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
إن الاتجاه إلى الآليات العملية والفعلية لتوزيع الثروة، مثل الإنفاق على التعليم، هو أحد مؤشرات (الحكم الصالح)، الذي يسعى ويجتهد ويعمل لاستفادة الناس من ثروات بلادهم، ومشروع التحديث الذي تبناه الملك عبد الله كان مرتكزه الأساس التوسع في الإنفاق على التعليم، فقد استثمر - حفظه الله - فوائض الدخل ليوجهها مباشرة إلى تنمية قطاع التعليم في المناطق التي لم تصلها مؤسسات التعليم العالي وأثمر هذا التوجه قيام العديد من الجامعات في المناطق.
وهذه الجامعات الجديدة، وكثمرة لهذا التوجه، أصبحت مصدرا مهما الآن للتوظيف، كما رفعت الطلب على المساكن، مما أنعش الاستثمارات الصغيرة في قطاع الإسكان، كما حركت الدورة التجارية لدى قطاع التجزئة، وهذا الإنعاش الاقتصادي وانعكاساته الاجتماعية الإيجابية، هو محصلة لتوجيه الدولة لتوزيع الثروة عبر الآليات التي تمس حياة الناس.
طبعا لا نزعم أننا نحقق التوزيعات العادلة، فما زال أمامنا مشوار طويل، ولكن المهم أننا نتجه في المسار الصحيح الذي يعززه ويكرسه الملك عبد الله كل يوم عبر إيجاد آليات متطورة للحفاظ على المال العام، بحيث يكون مُقدرا ومُهابا ومُوجها لخدمة الاستقرار الاجتماعي وتدعيم هيبة الدولة.