البرقيتان.. والمفاعل النووي!
كم هي مفارقة بين حدثين..
الأول يكشف ملامح المشروع النووي الإيراني، حيث اعترفت إيران بمفاعل نووي سري..
والثاني، وهو حدث على المستوى الوطني، تبادل البرقيتين بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وسمو ولي العهد الأمير سلطان.
إنها مفارقة كبيرة بين دولتين ونظامين.. في السعودية ولي العهد يهنئ الملك على إنجازه لمشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وجاءت التهنئة في برقية تقدم الشكر والعرفان للملك الذي يمضي بـ (مشروع التحديث) الذي يقوده لبلاده في مجالات العلم والاقتصاد وفي مجالات الخدمات الاجتماعية والإنسانية وأيضا قيادته للحوار بين أتباع الأديان، وخادم الحرمين يرد على أخيه في برقيته يؤكد فيها أن مشروع الجامعة التي دشنت في اليوم الوطني إنما هي (رمز وفاء لموحد دولتنا الذي أفنى عمره) لتأسيس المملكة، و(تجسيدا لحلمه) لإيجاد دولة حديثة.
إن البرقيتين بمضامينهما الكبيرة تعكسان عمق التكاتف ولغة الاحترام الراقية التي هي جزء من موروث الملك عبد العزيز في أدبيات الحكم، ومن هذه الأدبيات ما تجلى من تقدير عميق يكنه ويعتز به سمو ولي العهد للجهود التي يبذلها الملك عبد الله لخدمة الناس والحرص على مصالحهم الأساسية، ومجمل لغة الخطاب في البرقيتين تبرز ذروة التعاضد والتكامل في الرؤية والأهداف لقيادة الدولة، ورعاية مصالح الناس والاهتمام بشؤون الأمة الإسلامية.
الحدث السعودي.. يحمل ملامح مشروع حضاري إنساني خيره يتعدى الشعب السعودي إلى الإنسانية جمعاء، فالجامعة مشروع علمي عملاق خيره المباشر للعرب والمسلمين، ويعيد للأمة الإسلامية دورها الريادي في صناعة المعرفة ونشر العلم والسلام.
المشروع الإيراني النووي تبناه نظام ليس له أهداف واضحة ومطمئنة تجاه جيرانه وتجاه شعوب المنطقة، لذا هو مشروع لا يخدم الأمن ولا السلام الإقليميين الدوليين ويثير الشكوك والنوايا ولا يحمل رسالة إنسانية وحضارية، ومع الأسف أن هذا المشروع يستنزف موارد وطاقات الشعب الإيراني التي كان يفترض أن توجه لبناء المجتمع وتحديث الطاقات الهائلة والكبيرة للشعب الإيراني الشقيق، فأصبح هذا المشروع وبالا اقتصاديا على موارد الدولة، وسوف يعيد إيران إلى العزلة الدولية وينسف ما حققته في السنوات الماضية، ويبدو أن الإيرانيين لم يتعلموا من تجربة صدام حسين الذي قاد بلاده إلى الكارثة ومضى متعثرا في كل مشاريعه لينتهي بالحفرة ثم المشنقة تاركا بلاده وأهله تذهب بعيدا ضحية لجنون قيادة أنفقت موارد الدولة والمجتمع لبناء التفوق العسكري ليكون وسيلة للهيمنة والدمار.
إذا كان لدى إيران حكمة وواقعية سياسية كما يقال، فإن إيران بحاجة لأن تبني الجامعات والمصانع والمستشفيات والمدارس، وليس بناء المفاعلات النووية والترسانة العسكرية.. والعقلاء في إيران يعرفون أن العدو الحقيقي لإيران موجود في إيران.