دول الخليج في تقرير الاستثمار العالمي 2009

كشف تقرير الاستثمار العالمي لعام 2009 عن وجود تباين واضح بين دول مجلس التعاون الخليجي الست فيما يخص القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد أشار التقرير الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد إلى نمو حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة بنسبة 36 في السعودية و30 في المائة في قطر ونحو 2 في المائة في البحرين في 2008. بالمقابل، أكد التقرير تراجع الاستثمارات بنحو 55 في المائة في الكويت و6.5 في المائة في عمان و3.5 في المائة في الإمارات في الفترة نفسها.
تعرف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتلك الطويلة الأجل، وعلى هذا الأساس لا يدخل الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم ضمن هذا التعريف لأنه قابل للتغير في أي لحظة. يشكل الاستثمار الأجنبي مقياسا لوجود ثقة من قبل المستثمرين الأجانب باقتصاديات الدول الأخرى. تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما.

السعودية في المقدمة
بشكل أدق، ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا التي تضم دول الخليج بنسبة 16 في المائة في عام 2008 إلى 90 مليار دولار، وذلك على خلفية نمو الاستثمارات الواردة للسعودية. في المقابل، تم تسجيل تراجع في قيمة الاستثمارات الأجنبية بالنسبة لثاني وثالث أكبر مستقبل للاستثمارات الأجنبية أي تركيا والإمارات.
في التفاصيل، زادت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية بنحو 13.9 مليار دولار، وعليه ارتفعت إلى 38.2 مليار أي الأعلى بلا منازع في منطقة غرب آسيا. بمعنى آخر، شكلت الاستثمارات الأجنبية للسعودية أكثر من 42 في المائة من قيمة الاستثمارات الواردة لمنطقة غرب آسيا. بل بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للدول الخمس الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مجتمعة نحو 25 مليار دولار أي ثلثي حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية.
حقيقة القول، تعيش السعودية العصر الذهبي فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية. بالعودة للوراء، استقطبت السعودية استثمارات أجنبية بقيمة 24.3 مليار دولار في 2007، و18.3 مليار دولار في 2006، و12 مليار دولار في 2005. حسب ''الأونكتاد''، بلغ متوسط قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 245 مليون دولار سنويا للفترة الممتدة من 1990 إلى 2000.

تعزيز المنافسة
وأشار تقرر ''الأونكتاد'' إلى نجاح السعودية في استقطاب استثمارات أجنبية في قطاعات العقارات وتكرير النفط الخام لمنتجات نفطية والبتروكيماويات. ويبدو أن التطورات الإيجابية التي حدثت في السنوات القليلة الماضية تعود جزئيا بانضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية في نهاية 2005 وما صاحب ذلك من تحسينات وتطويرات للقوانين والتشريعات الاقتصادية للمملكة التي شملت فتح قطاع الخدمات المالية أمام المنافسة الأجنبية.
من جملة الأمور، قررت السلطات تقليل عدد الأنشطة المحظورة للمستثمرين الأجانب فيما يعرف بالقائمة السلبية. بيد أن السلطات لا تزال تمنع المستثمرين الأجانب من الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية مثل صناعة النفط بخصوص الاستكشاف والتنقيب فضلا عن تصنيع المعدات والمعدات والأجهزة العسكرية. وبخصوص قطاع الخدمات، تشمل الأنشطة المستثناة الاستثمار العقاري في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، خدمات الإرشاد السياحي ذات العلاقة بالحج والعمرة، خدمات السمسرة للعقار، الخدمات الصوتية والمرئية، إضافة إلى صيد الثروات المائية الحية.

تقدم قطر
وفيما يخص بقية دول مجلس التعاون الخليجي، استقطبت الإمارات 13.7 مليار دولار، ما يعني تراجع الاستثمارات الأجنبية بنحو 500 مليون دولار. وحلت قطر في المرتبة الثالثة خليجيا باستقطابها 6.7 مليار دولار بزيادة ملياري دولار. ويعد الأداء القطري متميزا وشهادة دولية للقوة المتصاعدة للاقتصاد القطري. كما تدنت قيمة الاستثمارات الأجنبية في عمان بنحو 200 مليون دولار، وعليه بلغت 2.9 مليار دولار. بدورها استقطبت البحرين زيادة قدرها 34 مليون دولار في حجم الاستثمارات الأجنبية للبحرين وعليه بلغت 1.8 مليار دولار. وأخيرا، استقطبت الكويت 56 مليون دولار فقط، ما يعني خسارة قدرها 67 مليون دولار. يعد أداء الكويت مخيبا ويعود في جانبه للخلافات بين الحكومة ومجلس النواب بشأن عملية الإصلاحات الاقتصادية وخصوصا فيما يتعلق بإشكالية السماح لشركات أجنبية بالاستثمار في القطاع النفطي. حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، ليس كافيا إزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى يتم جلبها لبلد ما نظرا لأن أغلبية دول تقوم بالخطوات المشابهة نفسها. بل تؤكد الدراسات أن المستثمرين الدوليين يرون أن هناك عوامل رئيسة تجذبهم للاستثمار في منطقة ما وتحديدا وجود البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوافرة وإنتاجية العمالة. يشمل مفهوم السوق المحلية إمكانية الوصول للأسواق الإقليمية ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون. الشيء المؤكد أن هناك تقديرا عالميا متزايدا لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة وقدرتها على المساهمة في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز المنافسة وإيجاد وظائف جديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي