ليست «القاعدة» من حاول اغتيال الأمير محمد بن نايف!

(1)
تبنى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المسؤولية عن الاعتداء الذي استهدف مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز, منتصف ليل الخميس 6/9/1430هـ, ونجا الأمير محمد من الاعتداء, الذي نفذه أحد المطلوبين أمنياً, الذي حضر إلى منزل الأمير في جدة أثناء استقباله المهنئين بشهر رمضان, طالبا التوبة قبل أن يفجر نفسه, ما تسبب في إصابة الأمير بجروح طفيفة أدخل على أثرها المستشفى, وكان خادم الحرمين الشريفين أول من اطمأن على صحته في المستشفى قبل خروجه منه.
(2)
تذهب أغلبية التحليلات السياسية على أن القاعدة وفرعها في شبه الجزيرة العربية هي التي قامت بمحاولة الاغتيال الفاشلة وذلك لعدة اعتبارات منها: اعتراف التنظيم نفسه والاعتراف سيد الأدلة, كما أن التكتيك المستخدم يحمل طابعها, إضافة إلى أن أداة الجريمة هو أحد المنتمين إليها وذلك باتصاله شخصياً بالأمير وهو أحد المطلوبين المعروفين, إن كل تلك الاعتبارات مقنعة إذا قرأتها بمعزل عن معرفة التطوّر التنظيمي لجماعات العنف المسلح, فستصل إلى النتيجة ذاتها, أما إذا علمت في أي مرحلة تنظيمية تمر بها تلك الجماعة والقاعدة منها, سيأخذك التحليل إلى مدى أبعد.

(3)
إن جماعات العنف المسلح تمر بأطوار تنظيمية يختلف تسارعها من جماعة إلى أخرى بحسب ظرف القيادة والأحداث والبيئة الراعية فكرياً واقتصادياً والتحدي وعوامل أخرى, والأطوار هي كما يلي:

(1) طور ''مرحلة '' الحالة
يقصد بها تلك المرحلة التي يواجه فيها مجتمع ما تغييرا شبه عام نظرا لتحد ديني أو اقتصادي أو سياسي أو عسكري, يَرَوَج منها وفيها حالة من طرح الأسئلة والتردد أو البلبلة أو الاحتجاج أو فقدان الرؤية لفترة زمنية محددة .
(2) طور العصبية
تظهر تيارات متفرقة, كل تيار يتمحور حول مجموعة من الشخصيات القيادية وشبه القيادية, تتقاطع مصالحهم ويلتقون حول طموح سياسي وشخصي موحد, لمواجهة تلك التحديات, لاعتقادهم أنهم يملكون الأجوبة والحلول الوحيدة والقطعية, التي تصل إلى درجة التقديس, قائما بدور المنقذ, محمّلاً نفسه وأتباعه مسؤولية كبرى عن مستقبل المجتمع.

(3) طور التنظيم
تقوم العصبة في هذه المرحلة بالتشاور المكثف مع البيئة الحاضنة والراعية فكرياً واقتصادياً لمنحها البركة للبدء في خلق التنظيم الذي سيتشكل وفق مصطلحات وغايات كبرى فضفاضة, مع تشاور داخلي وتبادل الرأي داخل العصبة ولا سيما أولئك الذين تجمعهم القربى أو المناطقية أو التثقيف والتعليم المشترك أو غيرها من الأسباب, كما يلعب من لديه خبرات تنظيمية سابقة في تشكيل خريطة الطريق .
وهنا نجد إن بداية التنظيم غالباً ما تسمو عليها القيم والمبادئ الفكرية, مع حذر شديد, وبداية قلقة, لحداثة الأفراد المنتمين إليه.
(4) طور عسكرة التنظيم
إن التنظيم في هيئته الجديدة المشكلة من ثلاث شرائح أولاها ''الصقور'' الذين يؤمنون بالعنف المسلح والتغيير بالقوة والتخريب والتخويف واستعجال الحسم, والثانية شريحة ''الحمائم'' الذين ينحون إلى الجانب القيمي والمبادئ, مع استخدام العنف بشكل محدود, والشريحة الثالثة ''النفعيون'' الذين يقدمون مصالحهم على مصالح التنظيم .
وفي هذا الطور تبدأ شريحة الصقور في البروز مع تجنيد كوادر ذات خبرات عسكرية, وخلق تنظيم خاص داخل التنظيم, يقوم بمهام استخباراتية حتى على الجناح الآخر من ''حمائم'' و''نفعيين''.
(5) طور الإنجاز
يقوم التنظيم العسكري بالتشاور مع الهيئة القيادية باختيار هدف ذي مغزى عاطفي كبير, يؤثر ويخاطب غرائز المتأثرين بطور ''الحالة'' التي ذكرتها في الطور الأول.
إن التنظيم في هذا الطور غير معروف, يفاجئ الجميع بالمستوى الاستراتيجي والتقني والعملياتي, ويجذب الإعجاب ويؤثر في الناشئة بين 18 و24 سنة وتزداد موارده المالية واحتفاء البيئة الحاضنة والراعية, مشبعاً التشفي وملبياً غرائز الكراهية والحقد, وكلها باسم قيم أو قضية أو فكرة عادلة.

(6) طور الانتفاش ''التضخم''
يتوسع التنظيم في انتشاره, والتفكير جدياً في إدارة موارده الاقتصادية عبر مشاريع استثمارية بعيدة جغرافياً عن ساحة الحدث, كما تقوم الدول الأخرى بالتفاهم معه عبر وسطاء فيما يسمى التخادم السياسي, ويبدأ في الحصول على حريّة التنقل وتقديم الدعم اللوجستي, دون شروط كبرى, وهنا يقع النزاع داخل التنظيم نفسه حول شرعية التخادم, يتم خلالها تصفية جزء من الجماعة ولا سيما الأصوات المعارضة, لأن الصقور بدأوا يخضعون للتنظيم العسكري وللنفعيين, وبدأت تضمحل القضية العادلة المزعومة وبدأت مراكز النفوذ تكبر داخل التنظيم والتفكير جدياً في اقتسام الكعكة.

(7) طور تلقي الضربات
يبدأ التنظيم في الاهتزاز والتعرض لضربات أمنية قوية, ما يؤدي إلى حالة انشقاق داخلية, تختفي في هذا الطور شريحة المنتفعين ويهربون بالغنائم من كعكة الغلو والتطرف, كما أن التنظيم العسكري يبدأ في السيطرة محجماً دور القيادة ''الصقور'' بدعوى الحفاظ على رمزيتها والحفاظ على القائد المقاوم والبطل, والعقل المفكر في التنظيم يتحول بعد ذلك لأيدي العسكريين (التنظيم الخاص) الذي يقوم بخلق هالة من الرعب والفزع والضرب في كل مكان واستهداف أهداف لينة باحثاً عن حالة الهالة في حين أنه في الواقع يبدأ في فقدان كبير البيئة الحاضنة والراعية خوفاً من الملاحقة الأمنية أو لغياب رموز شريحة الحمائم والمنتفعين وجزء من الصقور.
كما تكثر الأخطاء الأمنية ويفقد التنظيم التوجيه ''الرؤية'' ويكثر في وسطه الاعتقالات وتفكيك تنظيمه, فيبدأ بالشعور بالعزلة مضطراً إلى الدفاع مندفعاً تجاه البحث عن مصادر للتمويل مستخدماً السرقة أو تبرعات مؤسسات العمل الخيري, في حين أن استثماراته الدولية بدأت تصبح نهباً للأجنحة المتصارعة والخيانة.

(8) طور الاضمحلال
في هذا الطور يضعف الاتصال ويتتابع الفشل بعد آخر, تنظيماً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً فاقداً التعاطف لحد كبير وللعقل العسكري والقيادي والفكري والتمويل المالي مضطراً قبل إعلان نهايته إلى أن يفوض كل شيء للخلايا الصغيرة في إنشاء تنظيمات صغرى باسم مثلاً '' تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية '' لأن التنظيم الأممي لا يملك شيئا, فضلاً عن أن القيادات المحلية الصغيرة لديها تطلعات وطموح سياسي ولا يتملك التنظيم القدرة على الاتصال أو التأثير, وهنا يتحول التنظيم إلى عصابة تفتقد قضية عادلة مزعومة وبيئة حاضنة وتمويلا وقيادة فكرية إدارية وأخرى عسكرية استراتيجية .

(9) طور الاختراق الأمني ''قتلة بالإيجار''
ستسعى أجهزة استخبارات وأحزاب وتنظيمات إقليمية أو دولية التمركز داخل التنظيم, تقبل القيادة الجديدة بموجبها التحالف على مضض, وينتهي هنا دور الوسطاء ويتحول مفهوم التخادم السياسي إلى تخادم عسكري مدفوع, معلناً دخول التنظيم إلى مرحلة الجريمة الجنائية وبندقية للإيجار تتلاعب بها تلك الأجهزة الاستخباراتية, ويكون التنظيم بين نارين: الملاحقة الأمنية والاقتصاص أو الخيانة فيقبل جزء كبير بالخيانة, وسيفتي له أحدهم بأن التحالف مع الشيطان ضرورة تمليها المصلحة ونحن في حرب ولها أحكام لا يفهمها علماء السلطة.

(10) طور التصفية
تقوم الأجهزة الأمنية الخارجية المخترِقة بتصفية التنظيم لغرض إخفاء معلومات, إما بقتلهم وإما تهريبهم إلى مناطق أخرى ساخنة, بعدما أصبح التنظيم عبئاً سياسياً, وورقة محروقة لا يمكن توظيفها, فضلاً عن اختراقات لأجهزة أمنية أخرى تتصارع معها داخل التنظيم ذاته مع قيادة جديدة لا يمكن الاعتماد عليها.

(4)
أزعم أن ''القاعدة'' عموماً وفي الجزيرة العربية خصوصاً, يمر بالطور التاسع, حيث يكون خلالها مخترقاً أمنياً، تحول أتباعه إلى ''مجرمين وبندقية للإيجار'' دون أن تعلم بالضرورة الخلايا الميدانية المكونة من أفراده البسطاء الذين قد يكونون مؤمنين أشد الإيمان بالمبادئ الأولى عند تشكيله, بينما القيادة الوسطى حائرة وضائعة ومحبطة ومترددة ويائسة لا تستطيع أن تخبر قواعدها بالفشل الذريع للتنظيم, وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة, وهم في انتظار معجزة كبرى, بينما الأجهزة الأمنية الاستخباراتية تتلاعب بهم وبأحلامهم بالنهوض وهم يساقون إلى مقصلة التصفية دون أن يعلموا, وذلك لتقديمهم كضحايا وقرابين لتحسين علاقاتهم الدولية أو لإخفاء تورطهم كما ذكرت ذلك سابقاً.
إن الذي حاول اغتيال الأمير محمد بن نايف هو: بندقية مستأجرة وعلى الجهات المختصة أن تبحث عن القاتل الحقيقي الذي خطط وموّل وسهل ونقل الرسائل وتلاعب بهؤلاء إلى حين, وعلينا في هذه المرحلة أن نكون يقظين, فالصراع تحول إلى مواجهة مع قوى أكبر بكثير من القاعدة.
(5)
إذاً ما الواجب علينا تجاه ذلك؟

1 ـ تجديد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتسليم المجرمين أنفسهم, لتلقف بعض من أولئك المتورطين الذي قد يصحو ضميرهم في أي لحظة وما ذلك على الله ببعيد.
2 ـ إن النجاحات التي قام الأمير محمد وفريق عمله من نخبة المفكرين والضباط والمستشارين, هي قصة نجاح شهد لها العالم ونحتاج إلى تدعيم النجاح بما يقتضي تحويل الجهد الرائع إلى عمل مؤسسي, لا يعتمد على الأفراد الأفذاذ فقط من أمثال الأمير, فهم معذورون في الفترة الماضية باعتمادهم على المبادرة الفردية لأن الوطن في أزمة, وقد قيض الله لنا رجالا وقفوا بالمرصاد شامخين كآبائهم, ولكن الفرصة مواتية لتحويل تلك الخبرات إلى قواعد معلومات ومركز أبحاث مستقل وتدريب وتأهيل الضباط والمتخصصين من حملة الدرجات العلمية العالية على أيد أولئك النخبة من الممارسين لتخفيف مخاطر فقدان القادة الذي يحملون بأيديهم كل النجاح ''لا قدر الله''.
3 ـ توحيد الجبهة الداخلية واليقظة لأي اختراق أمني أو فكري أو سياسي والالتفاف حول ثوابتنا الوطنية وهي الدعوة الإصلاحية للإمام محمد بن عبد الوهاب وراية الحكم وتعزيز البيعة لولاة الأمر وتدعيم الشرعية, قال الله تعالى:'' وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وأولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)'' سورة آل عمران.
4 ـ ألا يكون هناك سقف زمني كما هو تفكير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, حين أعلنها منذ اليوم الأول للتطرف والغلو والتشدد ''سنقاتل 100 سنة'' والثقة بالله ثم بالنفس واجبة وتمثلت في شخص الملك, فانظر له حينما زار الأمير محمد في المستشفى بعد الحادثة ... ما تقدم من خير هو فداء للتوحيد, توحيد الوطن ووطن التوحيد, الأزمات تظهر معادن الرجال ... فلقاء الوالد بابنه والزعيم بضباطه ملأ النفس زهواً وإعجاباً بالموقف, وقد نسوا الناس الحادثة التي اجتمع الاثنان بسببها, يقول تعالى:''وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)'' سورة فصلت.
5 ـ إن ظاهرة الغلو والتطرف ظاهرة ملازمة للمجتمعات بشكل أو آخر ولذا علينا الذهاب للتخصص, فإن تراكم الخبرة ستؤدي إلى تحليل عميق, وأبرز قرار استراتيجي يمكن اتخاذه هو: فصل الأمن عن الإدارة المدنية, أي إنشاء وزارة باسم وزارة الحكم المحلي تتولى إدارة المناطق والمحافظات التابعة لها, ما سيمكّن وزارة الداخلية للتركيز على قضايا الأمن الذي أصبح محورياً ومعقداً, ولا سيما في المستقبل حيث سيزداد شمولية, كما أن القرار سيؤثر إيجابياً نحو تفويض صلاحيات أمراء المناطق ويفك اختناق البيروقراطية الإدارية, وسيفعّل دور مجالسها كي تأخذ زمام المبادرة مع محيطها المناطقي.
6 ـ إنشاء مجلس أعلى للأمن الفكري يتبعه مركز أبحاث يشارك به نخبة السعوديين والخبراء وغير السعوديين أيضاً, في تخصصات الدين والتربية وعلوم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد والسياسة.
يسهم ذلك المجلس في وضع سياسات الدولة تجاه تحقيق الاستقرار الفكري, وبالتالي القضاء على البيئة الحاضنة التي سميتها طور ''الحالة'' سابقاً.
7 ـ إن الدعوة إلى أبنائنا السعوديين الذين بغوا علينا .. كفى تخريباً وتهديماً وترويعاً للآمنين, وكل ما تفعلونه هو تنفيس لعدو خلقه لكم آخرون لا تعلمونهم الله يعلمهم, إنهم بأقبية أجهزة أمنية قد درست حالتكم النفسية والعاطفية والآن.. الآن بالتحديد أنتم في الطور التاسع وتقاتلون الشرعية التي لا يمكنكم الوقوف في وجهها فقد حاولت قوى عظمى إقليمية ودولية منذ غزو الدرعية عام 1233هـ وسقطنا وقمنا, ذهبوا وبقينا, وهكذا كان, إنكم تقاتلون الشرعيات:

1) الشرعية الدينية

إن أئمة آل سعود يؤمنون بالدعوة السلفية الإصلاحية للإمام محمد بن عبد الوهاب خادمين للمقدسات الإسلامية ''مكة المكرمة والمدينة المنورة'' ويحظون ببيعة العلماء من هيئة كبار العلماء وسماحة المفتي واللجنة الدائمة للإفتاء وقضاة التمييز والقضاة ودكاترة وأساتذة الشريعة والمجامع العلمية وطلاب العلم والدعاة, ألا يسعكم ما وسع هؤلاء, ناشرين للدعوة والقرآن وذابين عن السنة وهم حماتها في العالم, والحق ما شهدت به الأعداء, ولك أن تتابع وسائل الإعلام والاتهامات التي توجه لهذه الدولة وأبرزها الدفاع عن السنة وتمسكها بالإسلام عقيدة وشريعة.

2) الشرعية التاريخية

إن البيت السعودي في الجزيرة العربية له في الحكم أكثر من 580 عاما منذ أن عاد جدهم ''مانع'' إلى الدرعية عام850 هـ, يتوارثون الحكمة السياسية وفن الحكم, عارفين للتاريخ والحوادث والسير, وقد جرب الناس حكم غيرهم لفترات قصيرة, ولم يتخلوا عن الوقوف معهم لأن الناس تحترم التاريخ والتجربة التي قد لا تدركها أنت, ولكن يمكنك أن تسأل والدك أو عمك أو جدك وكل أولئك ليسوا بأقل طموحاً وغيرةً منك على الإسلام والحياة الكريمة وإياك أن تتهم كل الناس بأنهم سذج وأنت الذكي الألمعي.

3) شرعية الأمن

إن الأمن والحكم أصبحا متلازمين منذ 300 عام والقبول الاجتماعي الكبير أحد أسبابه الجوهرية, شعور الناس بالأمن, لأن الجزيرة العربية عبر التاريخ عانت من القتل والسرقة والغزو والخطف والتعدي, والأمن مهم للتنمية, فلا تنمية بلا استقرار ولا استقرار بلا أمن لذا أرسى الحكم السعودي سياسات أبرزها:
‌أ) يقول الله تعالى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) ( سورة الجن, والطريقة هي الشريعة, حافظ عليها القادة وهي المرجع والفصل, فَعَلِم الخيّر أنه محفوظ, وعلم من فيه شر أن السيف مسنون.
‌ب) يحظى الأمن بأولوية قصوى في حس الكبار وهمهم, فإذا حدث خطف في الرياض أو الدمام أو أبها أو عرعر, لم ينم المسؤول تلك الليلة ومن هو قريب منهم يعلم أن المرأة والطفل والولد هو شرف الجميع .. إنها الحميّة والغيرة, فكل شرف هو شرفهم والضباط السعوديون يتحسسون تلك الغيرة والمرجلة وينتفض للنخوة وضباطنا مجربون.
‌ج) إن التدريب والتأهيل والتقنيات المستحدثة أخيرا والوعي بالمشكلات والتنبه لها مبكراً والمبادرة باستغلال الأزمة من أجل التطوير ''اليقظة'' والاستماع للأصوات العقلانية والمخلصة هي سمة قادة الأمن في المملكة فهم قادرون على التصحيح والاعتراف بنقاط الضعف مع مرور كل أزمة.. ودائماً المشكلات والأزمات عندنا يعقبها فرص للعمل والتغيير, ولذلك دائماً ما ترى أن بعد كل أزمة تغيير كبير يدرس بهدوء.
نعم لدينا مشكلات محدودة لكن المنصف يعلم أننا نصنف من الدول الأكثر أمناً بالعالم, ومن يقول غير ذلك فعليه أن يخرج ليلاً في أكبر عواصم الدنيا, في أمريكا الشمالية نيويورك أو إفريقيا جوهانسبرج أو أوروبا جنيف حينما تنصح بعدم الخروج ليلاً.

4 ) شرعية الإنماء

إن الإنماء يعزز العقد الاجتماعي السعودي ويؤمن القادة به, وهكذا كانت خطط التنمية السعودية بالتعليم والصحة والبُنى التحتية من مطارات وموانئ وطرق وتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط وتحقيق نمو اقتصادي مطرد والاستثمار في التنمية البشرية, ثم أصبحت الحاجة لتجديد تلك البنية فأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرته التنموية بإنفاق 400 مليار دولار, ستظهر نتائجها في غضون السنوات الخمس المقبلة. لقد انتقل المجتمع السعودي بالكلية إلى مجتمع نام متحضر متطلع للمستقبل شغوف بالتغيير نحو الأفضل وهو أسن شعوب العالم فـ (60 في المائة) منه أقل من 20 سنة, والعمران في كل مكان والمبادرة الذاتية والبحث عن حلول وتحسين الكفاءة والتدريب والحصول على الشهادات العلمية طريقاً يؤمن به رب كل بيت سعودي.. إن العجلة دارت وأصبحت كرة ثلج تتدحرج وتكبر .. وأصبحت التنمية قضية وهذه قصة النجاح الكبرى للقائد أن يجعل أتباعه مشاركين في التنمية ولن ينتظروا الحلول بل يسعون إلى خلقها وتنفيذها, وهذا هو عنوان التنمية السعودية الثانية الكبرى.

( 6 )
حدثت محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف .. ورب ضارة نافعة فقد تعرف الوطن على جهود المخلصين أولئك النبلاء الذين يعشقون الوطن وماضيه أصحاب المشروع المنتمين للدعوة والراية ... لقد اكتشفنا مشروع قائد يحاكي نايف بن عبد العزيز نفسه ... ومن شابه أباه فما ظلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي