محمد بن نايف و"طلعة" روح الإرهاب

نحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على سلامة الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز من الاعتداء الآثم الذي تعرض له، ونشكر الله ـ سبحانه وتعالى ـ على أن جعل أصحاب الفكر الضال الإرهابي ينكشفون بشكل لا يدع مجالا للشك, فها هم مدعو الإسلام يعتدون على إنسان عربي مسلم يعمل جاهدا على مساعدتهم على الخروج من المأزق الفكري الذي يعيشون فيه. وكما هو معروف عن الأمير محمد أنه يحرص على التواصل المباشر معهم, خصوصا مع من يرغب في تسليم نفسه ويعاملهم دون أي ضغينة أو عنف مع كل ما كانوا يعملون من أعمال تسيء للإسلام. هذا التفجير الإرهابي الذي استهدف الأمير محمد يحدث في هذا الشهر المبارك يؤكد مرة أخرى أن من يقف خلف هذه الأعمال الإجرامية فئة لا تؤمن بالله ـ سبحانه وتعالى ـ ويصدق فيهم قول الله ـ عز وجل ـ "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".
إن هذا التصرف الإجرامي يدل بشكل قاطع على أن هذا الفكر ومن يقف خلفه يعيش مرحلة الاحتضار استعدادا لخروج الروح, كما أن هذا التصرف الإجرامي يؤكد نجاح جهود السعودية بشكل عام وجهود وزارة الداخلية السعودية بشكل خاص في القضاء على هذا الفكر الإرهابي الإجرامي الضال, وأن ما يقوم به الأمير محمد من خطوات وإجراءات تسير في الطريق الصحيح, لأن محاولة الاغتيال تؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك. ولعل حديث الأمير محمد مع خادم الحرمين الشريفين بعد الاعتداء مباشرة يثبت وضوح الصورة والرسالة والهدف في ذهنه, فمع هول التصرف الإجرامي إلا أن الأمير محمد خلال دقائق بعد الاعتداء تحدث لخادم الحرمين الشريفين بكل رباطة جأش وإصرار على الاستمرار في محاربة الإرهاب مهما كانت أهدافهم، وأثبت سموه الموقف الواضح والصريح للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المهندس الأول للقضاء على الإرهاب.
الأمير محمد بن نايف عندما تسلم ملف القضاء على الإرهاب كان واضحا وصريحا في موقف المملكة من هذا الملف, وأن القضاء على الفكر الضال الذي تقف خلفه فئة لا تعرف الله حتى تخافه, فئة تعمل بظاهر الإسلام وبباطن الكفر والإفساد والإلحاد والنفاق يصدق فيهم قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين, يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون" وقوله ـ سبحانه وتعالى ـ "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون, ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون".
هذا الوصف الإلهي وغيره كثير في القرآن والسنة يبرز لنا هذه الفئة الضالة الجاهلة وأن أعمالهم المبطنة بالإسلام ما هي إلا أعمال للإساءة للإسلام وأهله.
إن موقف السعودية موقف واضح وصريح للوقوف في وجه هذه الفئة الضالة التي أساءت إلى الإسلام والمسلمين باسم الإسلام أكثر مما أساء إليه اليهود والكفار والملحدون, فمنذ 11 أيلول (سبتمبر) والإٍسلام والمسلمون يعانون الأمرين للقناعة التي وضعها هذا الفكر الضال ومن يقف خلفه بقصد أو دون قصد في أذهان العالم أجمع.
"إن الإسلام والمسلمين دين إرهاب وتدمير", هذه الرؤية أو الفكرة التي كان يتحدث عنها أعداء الإسلام من غير المسلمين أكدها أعداء الإسلام ممن يدعون الانتساب إليه من خلال القتل والتفجير, بحيث نرى اليوم كيف أن الطفل المسلم وغير المسلم ينظر إلىالمسلم الملتزم بدينه على أنه إرهابي, وأن مجرد دخول أي إنسان ذي ملامح إسلامية, رجلا أو امرأة, في مكان عام أو ركوبه الطائرة أو القطار أو غيرهما من وسائل النقل يوجد نوعا من الهلع بين الناس، حتى أن بعضهم قد يغادر المكان أو وسيلة السفر على أساس أن هذا الإنسان المسلم يمثل الشخصية الإرهابية.
إن محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف محاولة تعكس مرحلة الإفلاس التي وصل إليها فكر وقيادة الإرهاب, وفي الوقت نفسه أعطوا لنا جميعا الرد الواضح والصريح على نجاح الحملة السعودية ضد الإرهاب, لأن الإنسان منا يحتاج إلى مؤشرات لقياس نجاح عمله مهما كان تقدير الآخرين له وعندما يأتي هذا المؤشر من العدو فهو الدليل الأكيد على النجاح, ولعل تأكيد الأمير محمد بن نايف ـ حفظه الله ووفقه ـ أن هذا الحادث هو جرعة للاستمرار والإصرار على محاربة الفكر الضال وفقا للرؤية والمنهج السعودي المتزن, وأن هذا الفعل الإجرامي لن يجعله يسايرهم في عنفهم وإنما سيستمر في سياسة المناصحة وإصلاح الخلل دون أن يؤثر ذلك في الضرب بيد من حديد ضد هذا الفكر ومن يقف خلفه وفقا لتوجيه خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله, كما أن صلابة وثقة الأمير محمد بعد الحادث وأثناء لقائه خادم الحرمين باستمراره في محاربة الفكر الضال يعطي الجميع مواطنين ومقيمين ومسؤولين الإحساس بالمسؤولية والإصرار على محاربة الفكر الضال وأهله, بل يزيدهم قناعة بأن ما تقوم به المملكة من جهود مباركة في اجتثاث هذا الفكر يسير في الاتجاه السليم, ولهذا فإن مثل هذا التصرف الضال الهمجي لن يزيدنا جميعا إلا إصرارا على محاربة الفكر الضال, لأن الفعل ليس محاولة اغتيال شخص مهما كان قدره ومكانته ومنزلته، ولكن العملية هي اغتيال وطن واغتيال مبدأ وقيمة، واغتيال مجتمع واغتيال للمعنى الإسلامي الشريف نفسه والقيمة الإيمانية العظيمة, وذلك بتشويه الصورة الإسلامية الراقية التي جاءت بحفظ الضرورات الخمس ومنها النفس, وزرع بذور الفتنة, ولكن نحمد الله الذي خيب آمالهم ودفعنا إلى مزيد من الانتماء لوطننا السعودي ولغتنا العربية ولديننا الإسلامي وحرصنا على الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي