الطريقة الكويتية لمساعدة المسرّحين من القطاع الخاص
خطت الكويت خطوة جديدة حديثا في كيفية التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية المستمرة, فقد قررت الحكومة في الأسبوع الماضي تقديم مساعدات وتسهيلات متنوعة للمواطنين المسرحين من القطاع الخاص.
فقد تقرر حصول كل مسرّح على 60 في المائة من الراتب الخاضع للتأمين لدى المؤسسة العامة الكويتية للتأمينات الاجتماعية إضافة إلى بدل نقدي قدره 765 دولارا شهريا. وحسب القرار، تم تمديد فترة الحصول على المكافأة من ستة أشهر إلى سنة أو حتى يحصل المسرحون على وظائف جديدة قبل انقضاء المدة. وليس من المستبعد أن توافق الجهات الرسمية على تمديد المدة تحت ضغط أعضاء السلطة التشريعية.
الفترة المشمولة
تشمل هذه الخدمات كل المواطنين المسرحين من القطاع الخاص للفترة الممتدة من آب (أغسطس) من عام 2008 حتى نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2009. وكانت الأزمة المالية قد بدأت في صيف 2008 في أعقاب ظهور معضلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.
ولا توجد غرابة في عدم تقديم فرص عمل للمسرحين للعمل في القطاع العام نظرا لأنه يعاني حالة تشبع أصلا. يعمل نحو 95 في المائة من المواطنين في الدوائر الرسمية ومؤسسات الدولة.
وكانت الحكومة قد ألزمت مؤسسات القطاع الخاص بتوفير 5 في المائة من وظائفها للمواطنين لكن يبدو أنها تخلت عن هذا الشرط بسبب تداعيات الأزمة المالية. بدورنا نرى صواب هذا التوجه لأن التركيز في هذه الفترة يجب أن يكون لتحفيز الوضع الاقتصادي وليس ممارسة ضغوط غير عادية على الشركات التجارية.
دعوات للبنوك
يقل عدد المسرحين عن ألف فرد, لكن الرقم مرشح للتصاعد في حال وافقت الجهات الرسمية على مطالبات نيابية بتقديم المزايا نفسها للمستقيلين من وظائفهم من القطاع الخاص بعد اندلاع الأزمة المالية. تكمن الحجة في أن بعض المواطنين قدموا استقالاتهم بعد حصولهم على عروض تشجيعية من المؤسسات التي كانوا يعملون فيها. وقد تقرر تشكيل لجنة حكومية لدارسة الأسباب التي دعت المستقيلين إلى تقديم استقالاتهم.
كما أن من شأن التعليمات والأوامر الحكومية التخفيف من الأزمة بشكل أكبر على المسرحين, حيث تم توجيه الدعوة للبنك المركزي بمخاطبة البنوك بتأجيل أقساط المسرحين وتخفيض قيمة الاستقطاع ومعالجة الالتزامات المتأخرة بتحديد سقف الأقساط لحد 30 في المائة من الراتب لمصلحة مجموع القروض, كما تم توجيه وزارة الداخلية بوقف أوامر الضبط القضائي والإحضار المتعلقة بالمسرحين.
قرارات أخرى
يضاف قرار مساعدة المسرحين من القطاع الخاص إلى قرارات إيجابية أخرى تتعلق بالأزمة المالية وهي الاستقرار المالي وضمان جميع الودائع في البنوك العاملة في الكويت, إضافة إلى تأسيس محفظة مالية رسمية للشراء المباشر من البورصة. ينص قانون الاستقرار المالي الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 13 نيسان (أبريل) بتوفير ضمانات حكومية لنصف القروض الجديدة التي تقدمها المصارف للمؤسسات الاستثمارية المحلية في كل من 2009 و2010. تهدف الخطوة إلى تشجيع البنوك على تقديم قروض جديدة للشركات المحلية لغرض مواجهة مشكلة معضلة نقص السيولة.
وكانت السلطات المالية في الكويت قد اتخذت خطوتين في عام 2008 تمثلتا في ضمان جميع الودائع في البنوك العاملة في الكويت, إضافة إلى تأسيس محفظة مالية رسمية للشراء المباشر من البورصة. وجاءت خطوة ضمان الودائع بعد إقرار بنك الخليج، الذي كان يعد ثاني أكبر ممول في قطاع الخدمات المالية في الكويت، بخسارة قدرها مليار دولار. وأما بخصوص الموضوع الآخر، فقد تم تكليف الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء محفظة استثمارية طويلة الأجل بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى للاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية وفق أسس استثمارية موضوعية ومهنية.
فوائض مالية
توفر الأوضاع المالية المريحة الفرصة للدولة لتقديم خدمات نوعية للمواطنين في الظروف الصعبة, فقد بلغ مجموع الفائض الذي تحقق في السنوات التسع الماضية 113 مليار دولار. وكانت ميزانية السنة المالية 2008 و2009 التي انتهت في آذار (مارس) الماضي قد حققت فائضا قدره تسعة مليارات ونصف المليار دولار.
وتم تحقيق هذا الفائض بعد تسجيل نسبة نمو قدرها 66 في المائة للإيرادات لترتفع إلى 73 مليار دولار. وقد أسهم القطاع النفطي بنحو 94 في المائة أو 68.5 مليار دولار من مجموع إيرادات الخزانة العامة, أي الأعلى في تاريخ الموازنات العامة للكويت. وجاءت هذه النتيجة الإيجابية في أعقاب ارتفاع أسعار النفط عن المتوسط الذي تم أساسه اعتماد الميزانية وقدره 50 دولارا للبرميل. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بشكل كبير لحد 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) من عام 2008 قبل أن تتراجع بعد اندلاع الأزمة المالية بسبب مشكلة الثقة. في المقابل، بلغ حجم النفقات العامة 63.5 مليار دولار, أي أقل بنسبة 4 في المائة من الأرقام المقدرة.
ختاما يقتضي الصواب توجيه الفوائض المالية لمعالجة التحديات التي تواجه المجتمع والاقتصاد المحلي وليس فقط الاحتفاظ باحتياطي مالي ضخم.