تقييم أداء اقتصاد الإمارات في 2008

حقق اقتصاد الإمارات نتائج قوية نسبيا في 2008 وهي السنة التي شهدت ارتفاعا ثم هبوطا ملحوظا لأسعار النفط, فضلا عن بروز معضلة الأزمة المالية العالمية. فقد بلغ سعر النفط 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) مقابل أقل من 40 دولارا للبرميل مع نهاية العام.
وقد أشارت الأرقام الرسمية إلى تحقيق نمو فعلي بواقع 7.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي عام 2008. أسهم القطاع غير النفطي بنحو 55 في المائة من النمو الاقتصادي. لكن لا يمكن إنكار حقيقة أن القطاع غير النفطي يعتمد على مصروفات الدولة التي بدورها تعتمد على الدولة إيرادات القطاع النفطي. يسهم القطاع النفطي بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة.

اقتصاد ضخم
من جملة الأمور، تم تسجيل نسبة نمو قدرها 17 في المائة في قطاع الخدمات المنزلية أي الأفضل بين القطاعات الاقتصادية. وحل قطاع النفط والغاز في المرتبة الثانية، حيث سجل نموا فاق 12 في المائة. وحل قطاع الإنشاءات في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية النسبية, حيث سجل نموا بنحو 7 في المائة.
حسب الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 146 مليار دولار. بيد أنه يقل هذا الرقم عن إحصاءات وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونوميست البريطانية التي قدرت حجم الناتج المحلي الإجمالي بنحو 245 مليار دولار بحجم الأسعار السائدة في السوق لكن 161 مليار دولار استنادا لمبدأ القوة الشرائية. ويعود هذا التفاوت في جانبه لمعضلة التضخم، حيث بلغ في المتوسط 13 في المائة في الفترة ما بين 2004 و2008.
وعلى هذا الأساس يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الثانية بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. حسب الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 468 مليار دولار في 2008 بالأرقام الجارية. لكن قدرت مجموعة الإيكونوميست قيمة الناتج المحلي الإجمالي السعودي بنحو 590 مليار دولار استنادا إلى بدء القوة الشرائية في السنة نفسها.

معضلة البطالة
من جهة أخرى، كشفت الإحصاءات ارتفاع نسبة البطالة من 3.61 في المائة في عام 2007 إلى 3.86 في المائة في 2008. وتحديدا ارتفع عدد العاطلين عن العمل من 110 آلاف في 2007 إلى 126 ألفا في 2008 وذلك على خلفية انضمام أعداد كبيرة من الأجانب والمواطنين للقوة العاملة. بلغت القوة 3.26 مليون فرد في 2008 مقارنة بنحو 3.05 مليون في 2007, تشمل إحصاءات العاطلين الأجانب المقيمين في الإمارات. لكن ربما تكون الأرقام الفاعلية للعاطلين أعلى نظرا لعدم توافر معلومات دقيقة عن القوى العاملة الأجنبية في ظل العمل بسياسة الكفيل. لا يقوم بعض أرباب العمل بتسجيل الأجانب غير العاملين لدى الجهات الرسمية حفاظا على مصالحهم مثل السمعة التجارية.
ليس غريبا عدم وجود مشكلة حقيقية للبطالة في دبي نظرا لتنوع اقتصادها وخصوصا في مجال الخدمات مثل الطيران والسياحة والضيافة. بلغت نسبة البطالة نحو 1 في المائة و3 في المائة في أوساط الذكور في دبي وأم القيوين على التوالي. كما كشفت الإحصاءات عن انتشار ظاهرة البطالة في أوساط الإناث خصوصا في إمارة عجمان، حيث بلغت 24 في المائة. وفي كل الأحوال نرى صواب نشر التفاصيل الدقيقة حول البطالة حتى يتسنى معرفة مواطن الخلل, وبالتالي عرض الحلول المقترحة.
تفاؤل بالمستقبل
استمرارا للنهج الإيجابي فقد حصلت الإمارات حديثا على المرتبة السابعة دوليا بين أكثر الدول تفاؤلا بالتعافي الاقتصادي وذلك على مؤشر نيلسن لثقة المستهلك العالمي. فقد سجلت الإمارات 89 نقطة في الربع الثاني مقارنة بـ 89 نقطة في الربع الأول من 2009 أي أعلى من المعدل العام وقدره 82 نقطة. كما هول الحال مع الاقتصاديات الأخرى، تأثر اقتصاد الإمارات بتداعيات الأزمة المالية العالمية والتي بدأت من الولايات المتحدة في صيف 2008. في التفاصيل، أبدى 87 في المائة من العينة المأخوذة آراءهم أن الاقتصاد الإماراتي في ركود لكن أظهر 45 في المائة منهم تفاؤلهم بتعافي الاقتصاد المحلي في غضون 12 شهرا. ويعود هذا التفاؤل الحذر في جانبه إلى الاعتقاد بأن الأسوأ قد ولى، فيما يخص مسألة التسريحات من الوظائف.
وفيما يخص النصف الأول من 2009 كشف 62 في المائة من العينة بأنهم يرغبون في تقليل نفقاتهم بالنسبة لشراء الملابس الجديدة بزيادة 7 في المائة من النصف الثاني من عام 2008. كما بين 53 في المائة عن نيتهم في تقليص المصروفات المتعلقة بالترفيه المنزلي. وفي كل الأحوال، تم رصد نزعة لدى نسبة كبيرة من العينة في جعل الأولوية للتوفير, فضلا عن التخلص من الديون المترتبة عليهم.
ختاما ما يبعث على الاطمئنان هو أن الإمارات تسعى جاهدة للتخلص من تداعيات الأزمة المالية عبر تنفيذ خطوات ملموسة, مثل توفير حكومة أبو ظبي ضمانات لسندات تصدرها إمارة دبي بقيمة 20 مليار دولار. وعليه لا يكفي ترديد العبارة ''تفاءلوا بالخير تجدوه''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي