اقتصاديون: البنوك تجاوزت الضغط بالتوقف عن تكوين مخصصات ائتمانية
تجنبت البنوك السعودية، رصد أي مخصصات مالية من أرباحها عن الربع الثاني من العام الجاري التي أعلنتها خلال الأيام الماضية، لمعالجة أي انكشاف محتمل على مجموعتي سعد والقصيبي المتعثرتين، ما فاجأ المراقبين الاقتصاديين لنتائج المصارف السعودية، خصوصا بعد أن عمدت بنوك خليجية أخرى منكشفة على المجموعتين بوضع مخصصات مالية لهذا الغرض. ووفق اقتصاديين سعوديين تحدثوا لـ«الاقتصادية» فإن عدم تكوين البنوك السعودية أي مخصصات جديدة في الربع الثاني ــ باستثناء مصرف الراجحي ــ يعني أنها لا تخشى أي تداعيات كبيرة أو انكشافات محتملة من جراء تعثر بعض المؤسسات ومنها مجموعتا سعد والقصيبي اللتان توقع كثيرون أن تحتاط البنوك المحلية لهما من إيرادات الربع الثاني.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تجنبت البنوك السعودية، رصد أي مخصصات مالية من أرباحها عن الربع الثاني من العام الجاري والتي أعلنتها خلال الأيام الماضية، لمعالجة أي انكشاف محتمل على مجموعتي سعد والقصيبي المتعثرتين، ما فاجأ المراقبين الاقتصاديين لنتائج المصارف السعودية، خصوصا بعد أن عمدت بنوك خليجية أخرى منكشفة على المجموعتين بوضع مخصصات مالية لهذا الغرض.
ووفق اقتصاديين سعوديين تحدثوا لـ«الاقتصادية» فإن عدم تكوين البنوك السعودية أي مخصصات جديدة في الربع الثاني ــ باستثناء مصرف الراجحي ــ يعني أنها لا تخشى أي تداعيات كبيرة أو انكشافات محتملة جراء تعثر بعض المؤسسات ومنها مجموعتي سعد والقصيبي والتي توقع الكثير أن تحتاط البنوك المحلية لها من إيرادات الربع الثاني.
ولكن الاقتصاديين حذروا من أن يكون عدم تخصيص البنوك لأي مخصصات مالية هو انتعاش «وهمي» تسعى البنوك من خلاله إلى تجاوز الضغظ النفسي الناتج عن تعثر بعض المؤسسات المالية، مشيرا إلى أن تجاهل البنوك لتعثر مجموعتي سعد والقصيبي في هذه المرحلة يعني أنها تؤمن أن المجموعتين ليستا في صدد الإعلان عن إفلاسهما.
وفي هذا الإطار كشف عبد الله الرشود رئيس مجموعة «كسب» المالية ومحمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أنه كان هناك فريقان من المحللين الاقتصاديين الأول يتوقع أن ترصد البنوك المحلية مخصصات كبيرة تقل معها أرباحها بشكل كبير، في حين توقع فريق ألا تقوم البنوك بأخذ أي مخصصات جراء الظروف التي تمر بها بعض المؤسسات المحلية المتعثرة، وأضافا «وانتصار الرأي الأخير وتجاهل البنوك لرصد أي مخصصات ائتمانية يشير إلى أنه ليس لديها ديون كبيرة مشكوك في تحصيلها، ما يعني أن الحديث عن إفلاس المجموعتين غير وارد».
#2#
يقول محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودي إنه وبشكل عام وحتى الآن تعتبر القوائم المالية التي حققتها بعض البنوك المحلية في النصف الأول «جيدة» بل إن بعضها حقق نتائج أفضل مما كان متوقعا، وهذا أعطى نوعا من الثقة من جديد للمصارف السعودية.
وأضاف «هنالك نقطة مهمة ينتظرها كثير من المستثمرين والخاصة بمسألة المخصصات الاستثمارية والائتمانية، يبدو حتى الآن حسب بيانات البنوك أنها توقفت عن تكوين المخصصات.. ونحن نعلم أن قرار تكوين المخصصات «مسألة تقديرية»، فإذا استمر الضغط النفسي خلال الفترة المقبلة فيمكن أن تجبر البنوك على تكوين مخصصات أخرى بالتالي هنا يجب التخوف من أن يكون هذا لانتعاش في أداء البنوك للنصف الأول» «وهمي تسببت فيها البنوك نفسها».
وبين العمران أن توقف البنوك عن تكوين مخصصات مالية يجب أن يكون «حقيقيا» وليس كنوع لتحسين النفسية العامة للمستثمرين، مشيرا إلى أن قرار تكوين المخصصات يعد جوهريا في هذه المرحلة ويجب إدارته بطريقة شفافة وفاعلة.
وزاد «نحن لا نستبق الأحداث وسنرى ما ستسفر عنه القوائم المالية خلال النصف الثاني من العام الحالي حتى نكون مطمئنين من مسألة تكوين المخصصات».
#3#
محمد عبدالله القويز الشريك المؤسس في شركة دراية المالية من جانبه يشرح أن انكشاف البنوك في منطقة الخليج له طريقان، إما من خلال إدارة استثمارات كبيرة في المشتقات المالية في أسواق المال العالمية التي تضررت كثيرا مع انخفاض الأسواق العالمية وهذا الحال لا ينطبق كثيرا على المنطقة، باستثناء بنك الكويت الذي يواجه مشكلات مالية نتيجة استثماراته في أسواق المال العالمية بوتيرة عالية، أو الاحتمال الثاني هو تركيز البنوك على قطاع معين بحد ذاته، خاصة القطاع العقاري، أو الإقراض للشركات، بالتالي مع انخفاض قيمة العقارات تنكشف البنوك وتتأثر أرباحها خاصة التي تقدم معظم قروضها مقابل عقارات مما يعرضها لخسائر مالية وهذا ينطبق على بعض البنوك في دبي.
وهنا يضيف القويز «إذا تحدثنا عن الاستثمار والوضع المالي للبنوك السعودية فنجد أن الاحتمالين السابقين غير موجودين أصلا أو موجود أحدهما بوتيرة خفيفة جدا.
أولا من ناحية الاستثمارات العالمية فإن البنوك المحلية كانت محصورة للغاية في استثماراتها الدولية نتيجة سياساتها الإقراضية من ناحية وسياسة مؤسسة النقد التي كانت تحصر النسبة التي تستثمرها البنوك المحلية في أسواق عالمية كالأسهم والمشتقات المالية، فإذا تعرضت هذه البنوك لخسائر تكون محصورة «أما ما يتعلق بالعقار فان البنوك الملحية كانت أقل إقراضا مقابل التمويل العقاري مقارنة بالبنوك الأخرى في المنطقة كبنوك دبي التي كانت تركز معظم عمليات المالية على إقراض الأفراد أو المطورين».
ويقول «إن وجدت بعض الحالات مثل المشكلات المالية التي تواجه بعض الشركات العائلية في المملكة إلا أنها لم تصل بعد إلى مستوى قطاعي كما أن هذه الحالات لم تشكل ظاهرة حتى الآن».
#4#
في المقابل، يؤكد عبد الله الرشود رئيس مجموعة «كسب» المالية أن سياسة مؤسسة النقد السعودي تلزم البنوك المحلية بأن تكون دائما متحفظة في سياسة إقراضها على عكس ما قامت به بعض البنوك والمصارف الخليجية والعالمية.
وأوضح الرشود أن ما أثير خلال الفترة الماضية من أن البنوك المحلية ستتأثر بشدة في النصف الثاني كان غير مبرر وغير واقعي باعتبار أن مؤسسة النقد لعبت دورا كبيرا في التنسيق بين البنوك المحلية حتى لا تتأثر أرباحها المالية بشكل كبير جدا جراء اعتماد مخصصات ضخمة ولذلك فإن البنوك لم تتأثر بشكل كبير.
وأضاف «البنوك المحلية لم تتأثر لوجود ضمانات كبيرة لديها ويقول «ضمانات البنوك السعودية في الغالب أفضل من مثيلاتها في منطقة الخليج وفي بقية دول العالم.. وهذا الأمر راجع إلى دور مؤسسة النقد في الضغط على البنوك بأن تكون متحفظة في عملية سياساتها المالية خاصة فيما يتعلق بالضمانات».
ويشير القويز إلى أن البنوك في بياناتها المالية متحفظة جدا لأخذ مخصصات كبيرة وهذا يؤثر بلا شك في أرباحها ومن ثم يؤثر قليلا في الاقتصاد بمخصصاتها المالية.
ويضيف «إن المجموعات المتعثرة ماليا لم تعلن إفلاسها بعد وفي حال أعلنت إفلاسها بعد فترة من الزمن تكون البنوك المحلية قد أخذت مخصصات يتم وضعها في بياناتها المالية وتأخذ من أرباحها جزءا كمخصصات ائتمان .. وفي حال أفلست هذه المجموعات تكون البنوك قد أخذت قليلا من أرباحها في كل ربع سنوي حتى يكون تأثير الإفلاس خفيفا حتى لا يكون الأثر دفعة واحدة وبشكل كبير ومؤثر».
وهنا يعود يقول الرشود ليؤكد أن البنوك المحلية بلا شك تأثرت بشكل عام بسبب الأوضاع المالية التي تمر بها المجموعات المتعثرة إلا أن هذا التأثير لم يكن مخيفا كما صوره البعض من المحللين باعتبار هذه المجموعات لم تفلس بعد خاصة أن لديها ضمانات كبيرة لدى البنوك».
وتابع «هنالك نقطة مهمة للغاية هي أن اقتصاد المملكة بشكل عام جيد فمثلا إذا كان لدى المجموعات المتعثرة مصانع مؤكدة تأثرت بسببها المجموعة ماليا فمن المؤكد أن هنالك مشترين لهذه المصانع بينما في الدول الأخرى قد لا تجد مشترين قادرين.. أما النقطة الثانية فإن علاقة هذه المجوعات مع البنوك المحلية علاقة متحفظة «من جهة الإقراض فالبنوك لا تمنح قروضا إذا لم يكن لديها ضمانات كافية بشكل عام».
وبين الرشود أنه ربما تتأثر القروض وربما تعلن بعض الشركات عدم قدرتها على سداد هذه القروض وربما تعلن الشركات الصغيرة إفلاسها، ولكن بشكل عام الضمانات لدى البنوك كبيرة وكافية لذلك المخصصات داخل البنوك ستكون أقل مما هو متوقع وهذا اتضح جليا الآن من خلال إعلان النتائج المالية والأرباح لعدد من البنوك.
يقول العمران إنه عندما يكون هنالك انخفاض في تقييم الاستثمارات فإن على البنوك أن تتحمل هذا الانخفاض من خلال تكوين مخصصات، وأيضا عندما يكون هنالك ديون مشكوك في تحصليها فلابد أن تلجأ البنوك لـ «إعدام» هذه الديون وبالتالي تعمل على تكوين مخصصات تعد كأنها مصروف من قائمة الدخل.
وزاد «أن قرار تكوين المخصصات يخضع لتقدير إدارة البنك من خلال إعادة النظر في مكونات محفظتيه الاستثمارية الإقراضية.. شهد الربع الرابع مع العام الماضي والأول من العام الحالي رصد البنوك لمخصصات مالية والآن وحسب بيانات البنوك تم إيقافها وهذا يدل على أن أصول المصارف سواء كانت ائتمان أو استثمار تعتبر حقيقة ولا تواجه هذه المصارف أي مشكلات مالية».