هل تغير الموقف الأمريكي من الاستيطان الصهيوني؟

عندما أصر أوباما على ضرورة أن توقف إسرائيل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس ربط بين موقف الاستيطان وبين إمكانية الدولة الفلسطينية دون أن يشترط مواصفات معينة لهذه الدولة. ظن البعض أن أوباما قد استحدث موقفاً أمريكياً جديداً وتوقع صداماً بين أوباما وإسرائيل وطالب أوباما بالحزم حتى يمكن قيام دولة واستكمال عملية السلام التي لم تسفر عن أي حصاد إيجابي للجانب الفلسطيني. ظن البعض أيضاً أن أوباما يصر على موقفه، وأن الرفض الجازم الإسرائيلي مع التكرار الأمريكي الجازم بوقف الاستيطان هو اختبار لإرادة كل منهما والقوة التي تقف وراء موقف كل منهما. وبالطبع فإن المطلوب من إسرائيل هو وقف الاستيطان الجديد، وفي ذلك تجادل إسرائيل بأنها تريد أن تسمح بالنمو الطبيعي للمستوطنات الحالية ومن غير المنطقي أن أحفاد المستوطنين يولدون دون مساكن جاهزة لهم.
الحق أن الخارجية الأمريكية تمسكت طوال السبعينيات بأن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة يناقض المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على سلطات الاحتلال طرد سكان هذه الأراضي أو جلب سكانها إلى هذه الأراضي. كان ذلك هو الرأي القانوني للخارجية الأمريكية عام 1979 الذي أصدره هربرت هانسيل الذي صرح بأن هذا الرأي لم يتم إلغاؤه من جانب الإدارات المتعاقبة بصرف النظر عن رأي أبداه الرئيس ريجان فسر على أنه عدم ممانعة في الاستيطان. وترى المصادر الأمريكية أن بوش الأب كاد أن يعيد التأكيد على عدم شرعية الاستيطان لولا أن جيمس بيكر وزير خارجيته حذره من ذلك.
لقد أثارت صحيفة ''واشنطن بوست'' يوم 17/6/2009 هذا الموضوع وتساءلت عن موقف إدارة أوباما، مستذكرة تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي نفت تماماً أن يكون بوش قد رخص بشرعية الاستيطان، استناداً إلى خطاب الضمانات الذي سلمه بوش إلى شارون في 14/4/2004 وأكد فيه أن إسرائيل تستطيع أن تتوقع أن تحتفظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في أي تسوية سلمية مقبلة. ولكن بوش شدد أيضاً على حق الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم ولم تتراجع عن هذا الموقف مما يعني أن إنشاء هذه الدولة غير ممكن إذا استمر الاستيطان يلتهم الأراضي التي تقوم عليها الدولة.
وقد أكدت السفارة الإسرائيلية في واشنطن عقب إثارة الموضوع في أواخر يونيو 2009 بأن رأي الخارجية لعام 1979 تجاوزته الأحداث، خاصة أن اتفاق أوسلو نص على أن الاستيطان سيكون ضمن قضايا مفاوضات الوضع النهائي.
فهل يمكن تفسير موقف أوباما من الاستيطان بأنه نفسه رأي الخارجية عام 1979؟ لم يقدم أوباما توصيفا قانونيا للاستيطان وإنما تناوله من زاوية التسوية الشاملة وقيام دولة فلسطينية. ولكن بعض المصادر الأمريكية ترجح أن موقف أوباما يستند إلى رأي 1979 واستدلت على ذلك من تصريح المتحدث باسم الخارجية إيان كيلي من أن أمريكا لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات.
وإذا كانت الإدارات الأمريكية بعد كارتر تفادت التمسك بالموقف القانوني من الاستيطان واعتبره معظمها عقبة في طريق السلام، أو أنه لا يسهل الطريق إلى السلام فهل توقف الاستيطان يوما، لماذا يخاطر أوباما بإعلان موقف ويصر على تنفيذه؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي