سننافس في استقطاب الاستثمارات عالميا ونستقبل رجال الأعمال بـ «السجاد الأحمر»
تتطلع البحرين لأداء دور اقتصادي متنام خلال الفترة المقبلة، من خلال توفير حاضنات استثمارية مناسبة في البلاد.
وهنا يراهن الدكتور زكريا أحمد هجرس نائب الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، على أن الخدمات التي تقدمها بلاده للمستثمرين تمتد إلى حد توفير عملاء للمستثمرين الكبار واستقبالهم بـ «السجاد الأحمر»، بل ونقوم نيابة عنهم أمام الجهات المعنية بالحصول على التراخيص وما إلى ذلك».
## يسعى مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين ليكون المحفز الرئيس لجعل البحرين مركزاً تجارياً عالمياً مفضلاً.. ما الخطوات التي تتخذونها في هذا الاتجاه لتحقيق ذلك؟
مملكة البحرين حققت خلال السنوات الماضية عديدا من الإنجازات الاقتصادية، ونمت بمستويات تراوح بين 5 و6 في المائة سنويا، وحققت نموا في مستوى دخل الفرد والمستوى المعيشي، وقد دفعتنا هذه الإنجازات لوضع رؤية اقتصادية لمملكة البحرين على مدى 20 إلى 30 عاما، هذه الرؤية مبنية لكي ننقل اقتصاد البحرين من اقتصاد قائم على مصدر واحد للدخل إلى اقتصاد منتج قائم على الاقتصاد المعرفي ذي القيمة المضافة العالية ينافس ليس على مستوى الإقليم فحسب، بل على المستوى العالمي كذلك، الحكومة تلعب دور المنظم والمنسق، في حين يلعب القطاع الخاص الدور الرائد في عملية التنمية بهدف مضاعفة معدل دخل الأسرة في البحرين، ونوسع الطبقة المتوسطة.
وتقع هذه ضمن ثلاث ركائز أساسية: التنافسية، الاستدامة، والعدالة، وهذه المحددات الثلاث ستكون في جميع الأعمال والمبادرات الاقتصادية التي نعمل فيها، ولتجسيد هذه الرؤية وضعت المملكة استراتيجية اقتصادية وطنية بدأت العام الجاري وتستمر حتى 2014، وهذه الاستراتيجية مرنة قابلة للتعديل والإضافة والإلغاء بالتعاون مع مختلف الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، وهذه حصيلة تعاون جميع الجهات المعنية، بما فيها الجمعيات السياسية وجمعيات النفع العام.
وفي هذه الاستراتيجية ثلاث موجات: محور يتعلق بالاقتصاد، محور بالحكومة، ومحور يتعلق بالمجتمع.
المحور الذي يتعلق بالاقتصاد يرتكز إلى ثلاث مراحل، وهي متداخلة في التنفيذ، كلها تبدأ في 2009، لكن حجم العمل فيها مختلف، المرحلة الأولية تتعلق بالأشياء الاقتصادية التي من الضروري البدء فيها ويجب تعظيم الاستفادة منها أكثر، وهنا نتكلم بشكل رئيسي عن رفع الإنتاجية، تعظيم الاستفادة، وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في حين ينضوي في الموجة الثانية ما يتعلق بالقطاعات الاقتصادية التي ننمو فيها لكننا نريد أن نسعى لمضاعفة النمو فيها، وركزنا على قطاعات الخدمات المالية، السياحة، الخدمات اللوجستية، النقل، التخزين، والقطاع الصناعي، إضافة إلى النشاطات المتعلقة بالمؤتمرات والمعارض، التي تقع ضمن القطاع السياحي.
الموجة الثالثة تتعلق ببناء اقتصاد معرفي للمملكة خلال العقد المقبل، وترتكز إلى الأسس التي يجب أن يقوم عليها الاقتصاد البحريني القائم على صناعات ذات قيمة مضافة عالية، ومتطورة، ويتمتع العاملون فيها بمستويات عالية من الأجور والرواتب.
الخطوات التفصيلية التي اتخذناها تعتمد على القطاع ذاته، ومن أهم المسائل التي ركزنا عليها أن تكون هناك بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار ومحفزة على الاستثمار، وهذه الخطوات تتجسد بشكل رئيسي في إلغاء أنواع البيروقراطية، وتسهيل إجراءات تسجيل الشركات، والحصول على التراخيص، فيما يتعلق بالعمل، والتراخيص التجارية، والحصول على الأراضي، والخدمات والمرافق، هذه كلها إجراءات نسهلها ونجعلها في منطقة واحدة، بحيث ينتقل المستثمر من Red Tape إلى Red carpet.
نحن نقوم بذلك، إلى جانب الترويج والتسويق خارجيا للاستثمار في البحرين وتوضيح المزايا التي تتمتع بها البلاد، من حيث عدم وجود ضرائب مباشرة، وتوفر عمالة مدربة ومؤهلة، وقوانين وتشريعات واضحة وسلسة التطبيق، وتوضيح المستوى المعيشي المتطور وبيئة معيشية سهلة، وتبيان أن تكاليف التشغيل لتلك الصناعات ليست مرتفعة، فالإيجارات في متوسطات تنافسية كبيرة، مستويات الإيجارات والخدمات في البحرين تضاهي جميع دول مجلس التعاون من حيث فاعليتها وعدم ارتفاع أسعارها.
هذه الخطوات نتخذها حاليا، إضافة إلى إجراءات كبيرة، نستثمر فيها، وهي التدريب والتطوير للعمالة البحرينية، وهذا ما تقوم به الحكومة عبر مختلف أجهزتها وبخاصة عبر كلية التدريب في الحكومة، وهناك صندوق «تمكين» الذي يقوم بتدريب البحرينيين، ولدينا حاليا 20 ألف متدرب في مختلف البرامج التي يقوم بها «تمكين»، ونصرف نحو 100 مليون دولار، لكي ندرب البحرينيين، والهدف من ذلك توفير عمالة كفؤة مدربة ذات مستويات عالية من الإنتاجية لتمكينها من الحصول على عوائد مجزية من خلال العمل.
#2#
كما أن هناك جانبا مهما، وهو توفير القروض الميسرة للصناعات والقروض التي من الممكن الحصول عليها لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، عن طريق بنك البحرين للتنمية، وهي قروض ميسرة مقارنة بالبنوك العادية.
بشكل عام نحاول تسهيل عملية الحصول على الخدمات والمرافق، من كهرباء وماء وطرق، بحيث لا يجد المستثمر صعوبة عندما يريد أن يبدأ عمله التجاري في البحرين.
ونحن في مجلس التنمية نتميز من جهة أخرى، من خلال توفير العملاء للمستثمرين الكبار الذين لديهم مشاريع متميزة، ونقوم نيابة عنهم أمام الجهات المعنية بالحصول على التراخيص وما إلى ذلك.
## حقق اقتصاد مملكة البحرين في عام 2006 نسبة نمو بلغت 7.1 في المائة تقريباً وهو ما جعل البحرين في مصاف الدول الأسرع نموا في العالم، إلى أي مدى تتوقعون انعكاس الأزمة المالية العالمية على مؤشر النمو؟
معدل النمو في 2006 فعلا أحد مستويات النمو العالية، ولو لم تحدث الأزمة المالية العالمية لحققنا مستوى نمو أعلى مما حقق في ذلك العام، نتائج الحسابات القومية التي صدرت قبل نحو أسبوع أشارت إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بلغ 6.3 في المائة، حتى وإن كان هناك انخفاض لكن ذلك نتيجة للأزمة المالية، لكن كما هو واضح أن الأزمة لم تؤثر بشكل كبير.
ما يميز هذه الحسابات عند الاطلاع على تفاصيلها، شيئان رئيسان، أنه عند تقسيم اقتصاد البحرين، إلى اقتصاد نفطي، واقتصاد قائم على صناعات غير نفطية، نجد أن نمو الناتج المحلي للصناعات النفطية لم يتجاوز 0.4 في المائة، في حين أن قطاع الصناعات والأنشطة غير النفطية نما 7.2 في المائة، وهو ما يعكس إلى حد بعيد أن اقتصاد البحرين، أخذ يتنوع، ويعتمد على صناعات غير نفطية، وهذه ميزة، تجعل اقتصادنا يتلاءم ويتأقلم مع الأزمات الدولية التي قد تحدث في الاقتصاد العالمي، وفي المنطقة خصوصا.
عند التعمق في الحسابات القومية بالأسعار الثابتة التي تعكس مدى التغيير في التركيبة البنائية للاقتصاد الوطني يتضح أن مصدر النمو بشكل رئيسي في القطاع غير النفطي، يأتي من قطاع الاتصالات والمواصلات، الذي بلغ نحو 8.8 في المائة، ومن ثم قطاع البناء والتشييد الذي بلغ 8.5 في المائة ومن ثم قطاع الأنشطة العقارية وخدمات رجال الأعمال الذي بلغ 7.5 في المائة وقطاع الخدمات المالية والمصرفية الذي بلغ 5.6 في المائة.
وهذا يعكس التنوع الكبير في اقتصاد البحرين، ويعكس الدور الكبير الذي يؤديه قطاع الاتصالات والمواصلات، وما يميز البحرين في هذا الاتجاه، أنه قطاع مفتوح، وهو ما أسهم في نمو عديد من الأنشطة التجارية المتعلقة بالاتصالات، وهو ما يبين لنا أن التأثيرات على قطاعات الصناعات غير النفطية محدود جدا.
## إلى أي مدى تتوقعون انعكاس الاتحاد النقدي الخليجي على توطين الرساميل وتفعيل حركة الاستثمار في المنطقة؟
الاتحاد النقدي الخليجي سيؤدي دورا كبيرا في جعل المنطقة كتلة واحدة من أهم التجمعات الاقتصادية ذات شأن كبير في الاقتصاد العالمي، وهذا سيشكل عامل جذب كبيرا للاستثمارات، سواء كانت استثمارات المحلية بحيث يعاد استثمار الفوائض في المنطقة بشكل كبير، وبالتالي تنميتها بشكل اسرع مما هو قائم، إضافة إلى أنه سيشكل عامل جذب للاستثمارات من خارج المنطقة، وبالتالي الاتحاد النقدي سيسهم في التنمية الاقتصادية في دول الخليج ككل.
وباعتقادي أن منطقتنا ستشكل عامل جذب لاستثمارات الدولية خلال العقد القادم.
## كيف تنظرون إلى الحركة التجارية بين السعودية والبحرين؟
هناك شراكة اقتصادية استراتيجية بين البلدين يمكن تجسيدها أولا في حركة البضائع والسلع، والاستيراد والتصدير حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 570 مليون دينار في عام 2007 أي ما مقداره نحو ملياري دولار أمريكي.
وارتفعت صادرات البحرين إلى المملكة العربية السعودية من 137 مليون دينار في عام 2003 إلى نحو 242 مليون دينار في عام 2007. كما ارتفعت الواردات من 121 مليون دينار في 2003 إلى نحو 242 مليون دينار في عام 2007 .
وتقريبا فإن 8.5 إلى تسعة ملايين مسافر يدخلون ويخرجون من البحرين سنويا، نحو 60 في المائة منهم سعوديون، 400 ألف سيارة تعبر جسر الملك فهد سنويا، و250 ألف حافلة تعبر الجسر سنويا، هذا يعكس بشكل كبير حجم التبادل التجاري بين المملكتين، إضافة إلى الجانب الاستثماري، هناك عديد من الاستثمارات الحكومية أو للقطاع الخاص في البلدين، إضافة إلى أن هناك أكثر من 75 مؤسسة أو علامة مسجلة سعودية في البحرين، وألف شركة يملك فيها مستثمرون سعوديون حصصا ممتازة في البحرين، هذا كله يعطي انطباعا عن حجم التبادل التجاري المتزايد بين السعودية والبحرين.
## تضم البحرين عددا كبيرا من شركات الأوفشور... ألا تخشون تأثرها سلبا بسبب الأزمة المالية العالمية؟
هذا أمر طبيعي.. أي مؤسسات أجنبية في البلاد بعضها سيتأثر ولا يوجد أي بلد في مأمن كامل من هذه الأزمة العالمية الكبيرة خاصة في ظل عولمة العملية المالية والمصرفية.
لكن الفيصل في العملية هو نوع وحجم العمليات والمخاطر التي قامت بها هذه المؤسسات وكذلك الدور الرقابي والتفتيشي للبنك المركزي البحريني على هذه المؤسسات الذي يجعلها تنصاع وتتواءم مع متطلبات الوضع المالي والمصرفي في البلاد.
والحمد لله فإن البنك المركزي البحريني مشهود له بسمعة وكفاءة دولية في عملية الرقابة والتفتيش البنكي والمصرفي.
## نحن في العام الأول من الاستراتيجية الخمسية الاقتصادية في البحرين، ما التحديات التي بدت لكم في الأشهر الخمسة الماضية؟
إحدى المسائل الرئيسة في الاستراتيجية، أن تكون جميع الجهات المشاركة في تنفيذ الاستراتيجية، يجب تعريفها بها، ومناقشتها على جميع المستويات، ليست المستويات العليا فحسب، بل جميع المستويات التنفيذية كذلك، كلها عمليات وإجراءات تمت، هناك تشكيل فرق عمل بين مختلف الوزارات والأجهزة والقطاع الخاص، لتنفيذ المبادرات الواردة في الاستراتيجية، وهذه كلها إجراءات تمت، فقد قطعنا شوطا مهما في علمية التنظيم والإدارة والمراقبة والمتابعة، ونحن بدأنا مرحلة التنفيذ.
وبلا شك هناك تفاوت فيما يتعلق بعملية التنفيذ بين مختلف الوزارات والجهات الحكومية وشبه الحكومية لاختلاف طبيعية ونوعية المهام والأعمال المنوطة بكل منها.