قمم الإنقاذ وتحدي تعثر الحوار
انعقدت يوم الثلاثاء الماضي الثلاثين من حزيران (يونيو) قمتان عاجلتان، الأولى ضمت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس محمد حسني مبارك في شرم الشيخ بعد قمة أخرى مماثلة في جدة قبلها بأيام قليلة، تبعتها قمة أخرى في اليوم نفسه، انضم إليها ملك البحرين. فهل تنجح هذه القمم في إنقاذ الحوار الفلسطيني الذي أنهى جولته السادسة وقرر عقد جلسة سابعة وأخيرة في الأسبوع الأخير من تموز (يوليو)؟ من الواضح أن أي تحرك عربي في السلام العربي - الإسرائيلي خاصة في ظل استماتة حكومة نتانياهو في إنكار فرص السلام لا يمكن أن يبدأ إلا من الساحة الفلسطينية التي تشققت وأصبح الشقاق في ذاته مهدداً لتصفية القضية كلها بأيدي أبنائها. وقد حاولت المملكة منذ أعوام في جمع الشمل الفلسطيني وتمكنت من إبرام اتفاق مكة معززاً بكل محفزات احترامه الدينية والدنيوية، ومع ذلك تكسر هذا الاتفاق على صخرة الواقع الفلسطيني البائس. وعندما أعلن نتانياهو خطته ''لسلام المقابر'' للفلسطينيين واستعداده للتفاوض على أساس اعتراف القادة الفلسطينيين بتصفية القضية والعمل مع إسرائيل على ترتيبات التصفية، ظن الجميع أن هذه الصفعة سوف توقظ الإخوة في فلسطين، خاصة أن عداء بعضهم لبعض أصبح أشد مضاضة من عدائهم لإسرائيل، وأن نتانياهو هو الذي يتحفز بحياتهم جميعاً كشعب لا يرى نتانياهو أن له الحق في البقاء. فهل تصدق نبوءة نتانياهو فيهم؟ وهل يعد تحمس العرب للدفاع عن حقوقهم تدخلا في شؤونهم وتطفلا على أوضاعهم. والحق أن الإصرار في هذه القمم الثلاث على إيقاظ طرفي الصراع في فلسطين على هذه الحقائق يجب أن يشعر الفلسطينيين بأن المناخ العربي والدولي مهيأ للعمل الجاد معهم ضد تعنت إسرائيل، وأنه يجب ألا يتركوا رهان إسرائيل على تمزقهم ليكون أهم أوراق الدبلوماسية الصهيونية. ومن المعلوم أن ''فتح'' و''حماس'' قد اجتازا تاريخاً مخزياً من الصراع وواجه الأخ أخاه في معركة غريبة وأريق دم فلسطيني زكي، ما أحوج الفلسطينيين إلى سواعد الشهداء ودمائهم الزكية، فليقفز الجميع فوق الجراح المفتوحة وألا يلتفت أحد إلى الكسب والخسارة في صفقة المصالحة لأنهم القاتل والقتيل كما قالت الخنساء في رثاء أخيها صخرا الذي قتله زوجها ''أنا القاتل وأنا القتيل''.
إنني أدعو كل الكتاب العرب أن يكفوا عن الحديث عن تحديات الحوار الفلسطيني والوفاق بين الفلسطينيين، فكلنا يعرف ذلك، وأصحاب القضية يعرفون أكثر منهم، ولكن أطراف الصراع سوف يخجلون يوما عندما يفيقون على حقيقة مرة، وهي أن شعبهم وثق بهم ولكنهم بسبب الصراعات بنيهم ضيعوا الجهد والوقت ودفعوا بالقضية في لحظة حاسمة في فوهة المشروع الصهيوني الذي لا يبقي على البشر والشجر والحجر.
أظن أن الزعماء الثلاثة عبد الله ومبارك وحمد قد اتفقوا على حتمية أن يتفق الفلسطينيون، بل آمل أن يسرعوا بالجلسة السابعة والأخيرة وأن يحضرها الزعماء الثلاثة منذ بدايتها حتى يرغموا أطراف الصراع على التوقيع النهائي ويدفعوا بذلك عن العالم العربي كابوسا مخيفاً، علق ردحاً من الزمن فأحرج كل العرب ووضع القضية في نفق الضياع بلا رحمة إنه مصير أمة لا يحتمل مزيدا من العبث.