آفاق الشراكة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة آسيان

استضافت العاصمة البحرينية المنامة بتاريخ 29 و30 حزيران (يونيو) اجتماعا نوعيا على مستوى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرقي آسيا المعروفة اختصارا باسم ''آسيان''. الغريب في أن الاجتماع هو الأول من نوعه بين التكتلين الاقتصاديين في قارة آسيا في دولة عضو في المجموعتين. وعادة يجتمع وزراء خارجية المجموعتين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة لمناقشة مختلف القضايا السياسية. وجاء عقد اللقاء في إطار مبادرة من البحرين بالتعاون مع تايلاند. وقد عمدت تايلاند للاستفادة الاقتصادية من الفعالية بدليل إقامتها لمعرض عن المنتجات الغذائية المصنفة ضمن فئة الحلال على هامش المؤتمر.
تتشكل رابطة آسيان من عشر دول وهي: بروناي، كمبوديا، إندونيسيا، لاوس، ماليزيا، ميامير، الفلبين، سنغافورة، تايلاند وفيتنام. تأسست الرابطة في عام 1967 وتتخذ من إندونيسيا مقرا لها، بل تكتسب رابطة آسيان أهمية إضافية بسبب ارتباطها مع كل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية فيما يعرف بآسيان زائد 3.

ثلاثة محاور
اللافت في الأمر هو نجاح اجتماع البحرين في تحقيق الكثير على الصعيد الاقتصادي على الرغم أنه الأول من نوعه بين الجانبين لمناقشة المسائل غير السياسية. فقد تمخض اللقاء عن الاتفاق على ثلاثة محاور رئيسة وهي: أولا: التجارة الحرة. وثانيا: المسائل الاقتصادية. وثالثا: الثقافة والتعليم. بخصوص المحور الأول، تم تشكيل فريق عمل لتقديم دراسة للأمانة العامة في كل من: مجلس التعاون الخليجي ورابطة آسيان حول كيفية الوصول للهدف الأسمى ألا وهو إيجاد منطقة للتجارة الحرة بين الجانبين.
أما فيما يتعلق بالمحور الثاني فقد تباحث الطرفان حول سبل التوصل لاتفاقية إطارية شاملة تغطي العلاقات الاقتصادية بالنسبة للطاقة والغذاء والنقل والشركات التجارية. لا شك ترغب رابطة آسيان في ضمان استمرار توريد مختلف منتجات الطاقة من الخليج، وخصوصا السعودية التي تعد أكبر دولة مصدرة للنفط الخام على مستوى العالم. بدورها تأمل دول مجلس التعاون الخليجي في مساعدة رابطة آسيان لتعزيز أمنها الغذائي.

الأمن الغذائي
وكان الهم الغذائي نفسه كموضوع محوري في عام 2007 وذلك على خلفية ارتفاع الأسعار فضلا عن ظهور مشكلات برغبة بعض الدول المنتجة في وضع قيود على تصدير بعض المنتجات الزراعية مثل الأرز. وعلى هذا الأساس تم تسجيل تحرك من قبل حكومات ومؤسسات القطاع الخاص للنظر لبعض دول جنوب شرق آسيا، خصوصا تايلاند والفلبين الأعضاء في رابطة آسيان لتعزيز الأمن الغذائي بواسطة استصلاح أراض زراعية. بدورها تريد الدول الآسيوية المعنية ضمان مصالحها مثل حقوق العمال وعلى الخصوص بالنسبة لاستثمارات القطاع الخاص.
تزيد قيمة فاتورة استيراد المواد الغذائية لدول مجلس التعاون الخليجي الست عن 12 مليار دولار سنويا. وربما هذا يفسر رغبة رابطة آسيان بالاستفادة من الفرص المتاحة في مجال توريد الأغذية لدول مجلس التعاون. حسب بعض الدراسات تعد نحو 10 في المائة من أراضي دول مجلس التعاون الخليجي (تقع غالبيتها في الأراضي السعودية) قابلة للزراعة لسبب جوهري وهو نقص المياه.
وبالنسبة للمحور الثالث أي الثقافة والتعليم يتم تحقيق الأمر بواسطة إفساح المجال أمام الطلاب في المجموعتين للدراسة في الجامعات المحلية. كما يقتضي الصواب تشجيع إقامة المناسبات الثقافية في الدول الأعضاء في التكتلين الإقليميين.
حجم التجارة البينية
تقتضي مصلحة دول آسيان إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي حتى يتسنى معالجة الخلل في الميزان التجاري. حقيقة القول، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بفائض تجاري مريح في علاقاتها التجارية مع رابطة آسيان بلغ 51 مليار دولار في عام 2008. حسب إحصاءات نشرتها وزارة الخارجية البحرينية، فقد بلغت قيمة المبادلات التجارية بين الطرفين 99 مليار دولار في العام الماضي شاملة 75 مليار دولار حجم الصادرات الخليجية. ويكمن سر هذا الأداء الخليجي المتميز في قوة الصادرات النفطية، سواء الخام منها أو المنتجات، فضلا عن الغاز.
بالعودة للوراء، بلغ حجم التجارة بين الطرفين أقل من 18 مليار دولار في عام 1999، حيث مال الميزان التجاري لصالح الجانب الخليجي بنحو خمسة مليارات دولار. بيد أنه هناك أمور لا تتضمنها الأرقام المشار إليها وهي القيمة المالية لمصروفات رعايا مجلس التعاون في دول آسيان. تشتهر بعض دول رابطة آسيان، خصوصا ماليزيا وتايلاند باستقطاب الزوار الخليجيين والذين بدورهم يقومون بصرف الكثير من الأموال على الأمور المتعلقة بقطاع السياحة.
ختاما: حصل لقاء البحرين بعد نحو عشرة أيام على توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية أو ''إيفتا'' والتي تضم كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. كما نجحت الإمارات عشية الاجتماع الخليجي - آسيان بتحقيق فوز تاريخي باستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة المعروفة اختصارا باسم ''أرينا''. وقد خاضت الإمارات منافسة مع كل من ألمانيا والنمسا لاستضافة مقر ''أرينا''. باختصار يمكن وصف شهر حزيران (يونيو) من عام 2009 بشهر الإنجازات بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي