تهنئة لخادم الحرمين وهموم عربية متفاقمة
أظن أن الكاتب العربي محظوظ لأن مغريات الكتابة لا تنتهي والموضوعات يسابق بعضها بعضاً، وربما كان ذلك مفيداً للكاتب كي يختار الموضوع الذي يقدر أهميته وأولويته، ولكن ليس على الكاتب أن يصلح العالم. فالفرق واضح بين المفكر والمصلح في علاقة كل منهما بالواقع. تطبيقاً لذلك تواثبت عشرات الموضوعات التي يريد كل منها أن ينفرد بالمساحة المخصصة للمقال، ولم أجد ضيرا في تقديم أهمها بمثابة جدول أعمال للقارئ، يساعده على المتابعة ويعينه على التبصر بإحدى وجهات النظر، لعلها تساعد في الإحاطة بالموضوع.
يتقدم هذه الموضوعات حلول الذكرى الرابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين مسؤولية الحكم وأمانة القيادة، متمنياً لجلالته وللشعب السعودي الوفي دوام العطاء للمملكة وللمنطقة العربية والإسلامية والعالم. ولما كان العطاء والإخلاص هما فلسفة الحكم في المملكة التي أرساها الوالد المؤسس «صقر الجزيرة» كما أسماه عباس العقاد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، فإن كل عهد يجتهد في مجال العطاء بقدر ما تسعفه الرؤية وبما يواجه من مصاعب وتحيط به من ظروف، ولكن يظل الخط ثابتاً ومتصاعداً ما بقيت القيادة السعودية برؤية واحدة، ثم يفترق العطاء بقدر تباين هذه العوامل. هذا الطرح يسمح لنا بأن نلحظ أن الطبيعة الخيرة المسالمة المستنيرة لخادم الحرمين فتحت باب العطاء في ثلاثة مجالات متتابعة ومتصلة، وهي المزيد من الاقتراب بين الحاكم والمحكوم، والحوار البناء للصالح العام واستكمال المؤسسات، ورأب الصدع في الصفوف العربية وفي القلب منها الدائرة الفلسطينية وإحلال الحوار والأخوة محل العنف والقسوة في مزيج من الرحمة والأخلاق، ثم يتجه إلى دائرة الإنسانية الأوسع بحوار الأديان والثقافات انطلاقاً من وحدة الأصل الإنساني ووحدة الخالق وباعث الرسل لتشييد حضارة الإنسان.
الموضوع الثاني هو المشهد المتفجر في إيران الذي لا شك أنه استحوذ على اهتمام العالم أجمع وما طرحه من عشرات الأسئلة في ظل التوتر الإيراني الغربي وارتفاع نبرة الغرب في التحذير من قمع الاحتجاجات ثم الاحتجاج الإيراني الرسمي على ما أسمته إيران تدخلا في شؤونها الداخلية. فهل كانت نتائج الانتخابات مناسبة لفتح باب الجدل بين إيران والغرب، أم بين المحافظين والمعتدلين، أم أنصار الثورة والساخطين عليها، أهي أزمة نظام سياسي أم نظام انتخابي أم احتجاج على استمرار نفس الرئيس في السلطة، أم تمرد على ارتفاع هيبة المرشد الأعلى على من عداه؟! قراءات المشهد متبادلة ومداخل التحليل متفاوتة، ولكن المخاطر في كل الأحوال مائلة.
الموضوع الثالث هو التحدي الإسرائيلي لخطة أوباما والتي قال عنها باراك وزير الدفاع الإسرائيلي في القاهرة بأنها غير مقبولة مطلقاً في إسرائيل، وما يثيره ذلك الاختلاف في المواقف بين واشنطن وإسرائيل من تساؤل حول احتمالات مواجهة أم اختبار للعلاقة الخاصة بين الحليفين، خاصة في ظل مسارعة إسرائيل إلى التصعيد والتحدي لأوباما. يتصل بهذا الموضوع تداعي الفلسطينيين إلى الإسراع برأب الصدع بأي ثمن لمواجهة التحدي الإسرائيلي، خاصة في ظل تكثيف تهويد القدس، كما توشك حكومة الصومال على السقوط مما يفاقم مأساة الشعب الصومالي، فضلاً عن استمرار مأساة دارفور، وتهديد وحدة السودان، فلأي من هذه القضايا يكرس الكاتب مقاله.