المدير وازدواجية المعايير

في كثير من مؤسساتنا نجد هذا النموذج الإداري، مدير يتعامل بمعايير مزدوجة مع نفسه ومع مرؤوسيه، تظهر هذه الازدواجية في عديد من المواقف:
-إذا استغرق الموظف وقتا طويلا في العمل فهو بطيء ... أما إذا استغرق هو وقتا طويلا في العمل فهو حريص ودقيق.
-إذا لم ينجز الموظف ما هو مطلوب منه فهو كسول .. أما إذا لم ينجز المدير ما هو مطلوب منه فهو مشغول.
-إذا ارتكب الموظف خطأ فهو أبله... بينما إذا ارتكب المدير خطأ فهو بشر يصيب ويخطئ.
-إذا طلب الموظف إجازة مرضية فهو متمارض .. أما إذا طلب المدير إجازة مرضية فهو مريض بالفعل بل يمكن أن يكون مريضا جداً.
-إذا أثنى الموظف على رئيسه فهو متملق ومنافق ... أما إذا أثنى المدير على رئيسه فهو صادق ومتعاون.
-إذا قام الموظف بمهمة ما دون تكليف من مديره فهو متعد لحدوده ومتجاوز لصلاحياته ... أما إذا ما قام المدير بهذا الشيء فهو مبادر وسباق.
-إذا خرج الموظف بعيداً عن مكتبه فهو يتسكع... أما إذا خرج المدير من مكتبه فهو يستكشف ويرصد.
-إذا أغمض الموظف عينيه فهو نائم... أما إذا أغمض المدير عينيه فهو في حالة تركيز وتفكير عميق.
-إذا اتخذ الموظف موقفاً ما فهو أرعن يضر نفسه... أما إذا اتخذ المدير موقفاً فهو حازم.
ولكن عزيزي القارئ إذا عرف السبب بطل العجب، وأسباب نشأة وسيطرة تلك المعايير على توجهات وأداء المدير متعددة ومتنوعة، أولاً: الأنانية وحب الذات وهي سمة كفيلة بأن تجعل المدير يدور في حلقة مفرغة حول ذاته، يمجدها ويعظمها ويقدرها ويدافع عنها ضد ممارسات الآخرين، ثانياً: النظرة المتدنية للموظف وعدم تقديره واحترامه، ثالثاً: عدم الشعور بالأمان في التعامل مع الآخرين، فهم في الغالب متآمرون يجب التصدي لهم بكل قوة. رابعاً: اعتناق المدير لفرضية مفادها أن الموظف لن يؤدي عمله كما ينبغي إلا إذا كان موضوعاً تحت ضغط وبصفة مستمرة. خامساً: استغلال المدير سلطاته والتعامل مع الموظف باعتباره الطرف الأضعف. سادساً: سلبية الموظف وعدم سعيه المستمر لتوضيح وجهات نظره للمدير، فالموظف قد يخشى المدير إلى حد الهروب من مواجهته.
الصحيح هو أن الخطأ والقصور يجب أن ينتقد ويوضح بغض النظر عن الطرف الذي ارتكبه وبمعزل عن أي تأثير لصاحب الخطأ وموقعه داخل الشركة وإلا فقدت الإدارة مصداقيتها وأدى ذلك إلى ظهور انقسامات داخل بيئة العمل وأصبح من الصعوبة إيجاد حالة من التفاهم والوئام والثقة بين الموظفين من جهة والإدارة من جهة أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي