"يقولون" تتصدر أحاديث الموظفات .. لماذا؟

قال تعالى في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات: 6)، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا. ويكره لكم، قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"رواه مسلم، هذا غيض من فيض من تعاليم وتوجيهات اشتملت عليها شريعتنا الغراء، تحثنا في مجملها على تبني الأخلاق الإسلامية في الحوار والاتصال وتحري الدقة في نقل وتبادل المعلومات، لكن في واقع حياتنا اليومية نحن بعيدون كل البعد عنها.
إن كلمة" يقولون" أصبحت من الكلمات المألوفة المستخدمة بكثرة في مجتمع النساء، على مستوى بيئات العمل النسائية أو الأكاديمية بين طالبات الجامعات، أو على مستوى العلاقات الاجتماعية خارج نطاق العمل، فلا يكاد يمر يوم إلا وكلمة يقولون تتصدر الأحاديث التي تدور بين الموظفات مثل: يقولون فلان سوف يُرقى إلى وظيفة معينة، ويقولون الواسطة أهم شيء في هذا المكان، ويقولون لن تكون هناك ترقيات، ولكن فلانة زوجها يسهل لها الحصول على الترقية، ويقولون سوف نمنح إجازة بسبب زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ويقولون ستكون هناك زيادة للرواتب مع الميزانية، أما على مستوى الطالبات فكلمة يقولون تأخذ عدة أشكال مثل : يقولون الأستاذة حذفت أجزاء من الاختبار. ويقولون إنها سوف تتغيب وغيرت موعد الاختبار، ويقولون إن أسئلتها صعبة. ويقولون إنها شايفة حالها. أما على مستوى العلاقات الاجتماعية فكلمة يقولون لها مكانتها في الأحاديث التي تدور بين النساء مثل يقولون منعوا الاستقدام من إندونيسيا، ويقولون ارتفعت رواتب العاملات المنزليات.. إلخ.
لقد تعرض لموضوع الإشاعة علماء النفس والاجتماع والإدارة والتربية، ولذلك عرفت الإشاعة بعدد لا حصر لها من التعاريف، فمنها ما يشير إلى أنها نبأ هادف ينتقل من شخص إلى شخص، ويكون مصدره مجهولا، أو هي أخبار مشكوك في صحتها ويتعذر التحقق من أصلها وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الأفراد. ولو حللنا الأحاديث التي أشرت إليها في هذا المقال في ضوء هذه التعاريف لوجدنا أنها فعلاً تقال ليس بدواعي الكذب في أغلب الأحيان، ولكن بهدف الحصول على مزيد من المعلومات، فغياب المعلومات وصعوبة الاتصال بمصدر المعلومات من العوامل الأكثر تأثيراً في صنعها.
وحتى لاتفسد بيئة العمل بها ويشعر العاملين بعدم الأمان الوظيفي، وتتسرب الكفاءات، وتتعطل الإنتاجية وتوتر العلاقات، يتوجب على القيادة القيادات الإدارية القيام بما يلي:
* تقبل حقيقة النفس الإنسانية التي تميل بطبعها إلى الاشمئزاز والنفور من الغموض والتعتيم والضبابية وإخفاء الحقائق، وهذا ما تؤكده الآية الكريمة رقم 68 في سورة الكهف، (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)
* إعداد استراتيجية للتعامل مع الإشاعة قوامها جعل الموظفين إناثاً وذكوراً على علم وإطلاع مستمر بمجريات الأمور، باستخدام كافة وسائط الاتصال المكتوبة والإلكترونية المباشرة وغير المباشرة
* إيجاد المناخ النفسي الإيجابي الذي يسوده الوضوح والعدل والصدق والتعاون والإصغاء لمشكلات وحاجات العاملين.

خاتمة: الموظفة العاقلة الواعية هي التي تتحرى الأمانة والصدق في حديثها، ولا تتحدث إلا بما تعرف، وهي التي تعمل بما قاله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، هنا يكون حديثها أكثر قوة وتأثيراً ونفعاً للآخرين بدلاً من كلمة يقولون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي