من المسؤول عن دخول المواد التي تسبب الأمراض الخطيرة إلى المجتمع؟
منذ أيام برأت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة, نفسها من مسؤولية ظهور سلع مسرطنة ومسممة في الأسواق المحلية, مؤكدة أن المواصفات التي تضعها تضمن سلامة السلع عند تطبيقها بشكل صحيح. وكما نشر أن المهندس فوزي حكيم مدير فرع الهيئة في منطقة مكة المكرمة, ذكر أن فسح المواد والسلع المستوردة يقع حالياً على عاتق مختبرات الجودة والنوعية في وزارة التجارة, ما ينفي عن الهيئة التسبب في ظهور مثل هذه السلع المخالفة. وأضاف حكيم في حديثه إلى إحدى الصحف على هامش افتتاح الدورة التدريبية التي نظمتها هيئة المواصفات والمقاييس للتوعية بالمواصفة القياسية الدولية آيزو (22000/2005م): ( الهيئة تضع المواصفات السعودية للمنتجات والجهات الأخرى تطبق الفحص وترخص لهذه المنتجات ومنها وزارة التجارة ومختبرات الصحة ومختبرات الزراعة). خصوصا أن الأعوام الأخيرة قد شهدت ظهور سلع مسرطنة ومسممة في أسواق المملكة سواء كانت تلك السلع غذائية مثل حلاوة الطحينية أو الفستق أو سلع أخرى مثل الألعاب ومعجون الأسنان والشامبوهات وبعض السلع الدوائية.
واضح من هذه التبرئة أن القضية المصيرية التي محورها الإنسان في هذا المجتمع مواطنا ومقيما ستتحول إلي ملف (إداري) يتم التنصل من عبئه الصحي ومسؤولية الحفاظ عليها من جهة إلى أخرى!
لأن المهندس فوزي حكيم أكد في ذلك التصريح على أن هيئة المواصفات تعد جهة تشريعية وليست تنفيذية, الأمر الذي لا يحملها مسؤولية ظهور مخالفات على السلع بعد استيرادها, وأن الجهات التي تشرف على عمليات الفسح هي المسؤولة عن هذه المخالفات, وأن هيئة المواصفات مسؤولة عن وضع المواصفات ولكن لا نشرف أو نشارك في عمليات فسح السلع المستوردة.
وضح أيضا أن المواصفة القياسية تضعها لجنة مشكلة من جميع الجهات المعنية سواء كانت شركات أو جهات حكومية أو جامعات ومؤسسات بحثية, ويتم التصويت على هذه المواصفات.
أما هيئة الغذاء والدواء فمنذ إنشائها بأمر سام – كما قال - كانت مهمتها فحص السلع الغذائية والدوائية غير أنه حتى الآن لم يتم تفعيل هذا الدور بشكل واسع, ومن المقرر أن توكل لها مهمة المختبرات المعنية بفسح السلع الغذائية المستوردة, مشيداً في الوقت نفسه بالأدوار والجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة خلال الفترة الماضية.
وإذا ناقشنا هذا التصريح سنجد أن الهيئة تبرئ نفسها! ولكن لنسألها ونسأل أي جهة تعرف الهيئة أنها المسؤولة عن هذه السلع: من المسؤول الحقيقي؟ وإذا كان دور الهيئة كما تقول وضع المواصفات، فدور من التأكد من تنفيذ هذه المواصفات؟ وما الفائدة من هيئة تضع مواصفات فقط ؟ ولا توجد لديها اتصالات مع أي جهة رقابية أو تنفيذية لما تقوم به؟ بالطبع نحن هنا لا ننتقد تصريح المهندس حكيم فهو مثلنا مواطن يهمه الأمر, ولكن نثيرها تساؤلات لمختبرات الجودة، أو وزارة التجارة أو مصلحة الجمارك, أو أي جهة أخرى مسؤولة مسؤولية كاملة أو متضامنة مع جهات أخرى لمحاصرة هذا الوباء, فلا ينبغي أن تأخذ هذه الإجراءات أي مماطلة أو تأخير بيروقراطي, أو محسوبية في عدم المحاسبة, فنحن أمام أمانة عامة هي الحفاظ على (الصحة العامة للجميع).
هناك عديد من الأثرياء الذين لا يتناولون طعامهم إلا من محصول مزارعهم الخاصة! ولا يتناولون أي منتجات إلا بعد شرائها من المصدر لها من دول الغرب التي تنتج للاستهلاك هناك، وليس للتصدير إلى دولنا النامية! بل إن معظمهم لا يتناولون الأسبرين إلا بعد شرائه من الدول المتقدمة صناعيا التي يمكن إقالة الوزير إذا تم اكتشاف أي خطا في أعمال وزارته!
هذا حق لهم فهم يملكون الوفرة المالية للحفاظ علي صحة عائلاتهم، ولكن جموع الأفراد الآخرين من الذي سيحافظ على ( سلامة كل سلعة غذائية أو منتجات أخرى يستخدمونها)؟
إذا كانت هيئة الدواء التي ذكرها المهندس حكيم في تصريحه جديدة فمن الذي كان مسؤولا عن هذه المهمة المصيرية التي ترتبط بصحة الإنسان؟. وإلى متى تظل هذه الصحة متغيرا قابلا للتناقص والتحجيم بسبب أخطاء وتهاون أي جهة مسؤولة عن هذه السموم التي تفتك بصحة الأطفال والشباب والجميع؟
في كل يوم تقريبا نقرأ أن دول الجوار تنشر قائمة بالشامبوهات المسرطنة أو أنواع من الحليب والعصائر، ونجد أن هذه السلع لا تزال في رفوف المراكز التجارية للأغذية أو حتى في السوبر ماركت الصغيرة التي في بعض الأحياء، أو في القرى حيث نسبة الأمية لقراء اللغة الإنجليزية أو من يفهم ما ذا تعني هذه المكونات إذا كتبت باللغة العربية نسبة كبيرة فكأننا نضاعف عليهم المصائب فالسلع غير صحية والتوعية الصحية غير متوافرة والنتيجة معروفة. المزيد من الإصابات بالأمراض الخطيرة التي أصبحت ظاهرة تفرض أن نكون عند مستوى انتشارها ومواجهتها ومحاسبة كل من كان له دور في تسريب هذه السموم إلي المجتمع.
وبين يوم وآخر نجد أن هناك قوائم أخرى تنشر عن مواد تجميلية تسبب السرطان من استخدامها، نجدها أيضا في الأسواق! بل تنشر عنها إعلانات في بعض الوسائل الإعلامية! فمن المسؤول عن نشر هذه الوسائل؟
منذ أيام أيضا نشر عديد من المواقع والصحف الخليجية أن هناك منتجات تحتوي على نسب عالية من السموم المضرة بالصحة متوافرة في السوق الخليجية.. في مقدمة تلك المنتجات شامبوهات مشهورة ومستحضرات لغسل الشعر يستخدمها البعض دون أن يدرك أضرارها الصحية المحتملة.. وفي هذا الإطار، قررت هيئة الصحة في أبو ظبي سحب 25 نوعا من منتجات الشامبو من جميع الصيدليات هناك نظرا لاحتوائها على نسب عالية من مادة الدايوكسان 1.4Dioxane 1.4 المسببة للسرطان على المدى الطويل، وذلك بناء على توصية من (الأمانة العامة للبلديات) ونتائج التحاليل التي أجريت من قبل في بلدية دبي على عينات جديدة من منتجات الشامبو المتوافرة في الدولة. وطلبت الهيئة من الجمهور عدم استعمال هذه المستحضرات والتخلص منها وإعادتها إلى الوكيل المحلي في أسرع وقت ممكن؛ لأن تلك المنتجات أظهرت احتواء هذه المنتجات على Dioxane 1.4 بنسب أعلى من المسموح بها. وقد شملت قائمة منتجات سبعة أنواع من الشامبو أمريكية الصنع. وتضمن قائمة المنتجات المحظورة نوعين من المستحضرات الفرنسية، كما تضمنت القائمة ستة أنواع من الشامبو من الصناعة الهندية ونوعين مجهول المصدر. ما يهم هنا هو أن هذا التحذير ذكر أسماء هذه الأنواع ونشرها ولم يتستر عليها ليكون المواطن على علم بها. هذا هو المطلوب وكما ننشر أسماء من يقومون بالإرهاب ونلاحقهم بالصور والمقابلات كي يعرفهم الجميع، فلا بد أن نحارب كل من يسهم في قتل المواطن صحيا وإصابته بالأمراض الخطيرة رغبة في الثراء في ظل هذه (التبرئة من جهة وأخرى)!