مطلوب: ثقافة راسخة لترشيد استهلاك المنتجات النفطية

مطلوب: ثقافة راسخة لترشيد استهلاك المنتجات النفطية

تهريب الوقود يفاقم المشكلة

في الحلقة (12) من ملف الشهر اليوم، يطرح اقتصاديون وأكاديميون مقترحا لتبني برنامج لترشيد المنتجات النفطية في السوق المحلية والتي تبين خلال الحلقات الماضية من الملف أنها تشهد نموا مطردا يشكل تهديدا حقيقيا لصادرات النفط وبالتالي عوائد الاقتصاد الذي يمثل النفط 90 في المائة من مداخيله.

لكن الاقتصاديين يعلقون في الوقت ذاته الجرس تجاه تهريب الوقود إلى الأسواق المجاورة بالنظر إلى انخفاض سعره محليا مقارنة ببعض الأسواق، ويعتقدون أن رفع درجة الرقابة في المنافذ سيحد من هذا النشاط وبالتالي سينخفض مستوى الاستهلاك المحلي الذي يظهر في البيانات الرسمية الصادرة من شركة أرامكو السعودية.

ولا يجزم الاقتصاديون بأن رفع السعر هو الحل الأنجع لمواجهة تنامي الاستهلاك، ويعتقدون أن مثل هذه الخطورة يجب أن تخضع لأعلى درجة من الدراسات التي تستحضر تأثيراتها في المستهلك والاقتصاد الوطني بشكل عام.

أجمع عدد من الاقتصاديين وأكاديميين على أن ثقافة الاقتصاد والاسترشاد أو عدم الإسراف في الاستهلاك لكل ما أنعم الله علينا به بشكل عام تكاد أن تكون معدومة لدى غالبية أفراد المجتمع، مشيرين خلال حديثهم لـ"الاقتصادية" في ملف الشهر إلى استهلاك المنتجات النفطية وآثارها الاقتصادية والذي أبرز ارتفاعا كبيرا في استهلاك المنتجات النفطية في المملكة بشكل مخيف يصل إلى ربع الإنتاج النفطي للمملكة، وطالبوا بوضع حلول لتنمية وتعزيز ثقافة الترشيد في استهلاك المنتجات النفطية مشيرين إلى أن البحوث والدراسات في هذا الجانب قد تكون ضعيفة أو نادرة وعوائد النفط ليست دائمة فهو مصدر ناضب، والإسراف مكروه مهما زانت الظروف.

وذكر الاقتصاديون أن ثقافة الاستهلاك عندنا عادة قديمة تأصلت فينا، وصاحبتها عادات أخرى تغذي الإسراف مع الزمن، وحمل الاقتصاديون والأكاديميون العلماء الأفاضل وخطباء المساجد والمدرسين ووسائل الإعلام المسؤولية في توعية المجتمع، مشيرين إلى أن هؤلاء جميعا مدعوون إلى تنبيه الناس إلى خطورة ما يمارسونه من إسراف، ودعوتهم إلى تخفيض استهلاك المنتجات النفطية وحسن التدبير فهو ضرورة للأسرة وللمجتمع وللاقتصاد بشكل عام، وأوضحوا أن القضاء على مبررات تهريب المشتقات البترولية لدول الجوار من خلال تشريعات محلية تعيد النظر في تسعير هذه المنتجات، وأخرى إقليمية من خلال منظومة مجلس التعاون الخليجي تعمل على توحيد أسعار المشتقات النفطية بين دول المجلس، وتحرير أسعار البنزين المحلية للتوافق مع التغيرات الحاصلة في أسواق النفط الخام، وتشجيع استخدام المواصلات العامة، والتوسع في إنشاء القطارات للحد من استخدام السيارات الخاصة حلول مكملة للتوعية التي يجب أن تبادر بها الجهات المعنية في البلاد.

حملة توعوية لترشيد الاستهلاك

في البداية قال حمد البتال عضو لجنة المكاتب الاستشارية والدراسات الاقتصادية في غرفة جدة إن معالجة هذا الأمر تتطلب جملة من الحلول من الجهات المعنية أهمها القيام بحملة تثقيفة توعوية بضرورة تخفيض الاستهلاك العالي للمنتجات النفطية في المملكة وكبح جماح الاستهلاك المتزايد من المحروقات (البنزين والديزل) في السوق المحلية، والقضاء على مبررات تهريب المشتقات البترولية لدول الجوار من خلال تشريعات محلية تعيد النظر في تسعير هذا المنتجات وأخرى إقليمية من خلال منظومة مجلس التعاون الخليجي تعمل على توحيد أسعار المشتقات النفطية بين دول المجلس، وتحرير أسعار البنزين المحلية للتوافق مع التغيرات الحاصلة في أسواق النفط الخام، وتشجيع استخدام المواصلات العامة، والتوسع في إنشاء القطارات للحد من استخدام السيارات الخاصة، وأشار البتال إلى أن المملكة تعد من أعلى الدول استهلاكا للبنزين حيث يبلغ معدل استهلاك الفرد من البنزين في السنة 600 لتر وهذا المعدل أعلى من معدل الاستهلاك العالمي بأربعة أضعاف وأكثر من معدل استهلاك الفرد المصري والتركي والصيني بأكثر من 13 مرة، كما أن استهلاك المملكة من الوقود يوميا يصل إلى مليوني برميل وهي نفس كمية الاستهلاك الهندي للوقود على الرغم من الفارق الهائل بين سكان البلدين.

وأضاف البتال أن الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية قد اتسم خلال العقدين الماضيين بارتفاع كبير ومطرد، فخلال الفترة من 1987 إلى 2007 حصل نمو كبير في حجم الاستهلاك المحلي مرتفعا من 653 ألف برميل يوميا عام 1987 يشكل ما نسبته 45 في المائة من إجمالي حجم الإنتاج الفعلي إلى نحو 1.05 مليون برميل يوميا عام 2007، يشكل ما نسبته 75 في المائة من إجمالي حجم الإنتاج الفعلي.

ويمثل هذا النمو زيادة في الاستهلاك المحلي تصل إلى 161 في المائة على مستويات عام 1987، وفي المقابل ارتفع حجم الإنتاج الفعلي من المشتقات النفطية خلال الفترة نفسها بنسبة 35 في المائة من 1.385 مليون برميل يوميا عام 1987 إلى 1.87 مليون برميل يوميا عام 2007.

بمعنى آخر فاقت نسبة النمو في الاستهلاك خلال العقدين الماضيين نسبة النمو في الإنتاج بأكثر من أربعة أضعاف! جدير بالإشارة إلى أن نسبة النمو السنوي في حجم الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية عام 2007 تعد من بين الأعلى عالميا، إذ بلغت 6.6 في المائة قياسا بمستويات عام 2006، وهي تعادل نحو ستة أضعاف نسبة نمو الاستهلاك العالمي خلال تلك السنة حيث بلغت 1.2 في المائة فقط! ولو أخذنا في الحسبان حجم الطلب المحلي عام 2007 البالغ 1.05 مليون برميل يوميا، وبافتراض أن نسب النمو في الاستهلاك التي سجلت خلال عام 2007 ستستمر على معدلاتها القوية (6.6 في المائة سنويا)، يمكن تقدير حجم الطلب المحلي عام 2020 بنحو 2.41 مليون برميل يوميا، بمعنى أن حجم الاستهلاك في المملكة في حينها سيزيد بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا على مستوياته الحالية، وهذا المستوى من الاستهلاك لن يكون بالإمكان تلبيته من خلال إنتاج المصافي العاملة في المملكة، آخذين في الاعتبار أن المصافي الثلاث المخطط بناؤها خلال السنوات المقبلة مصممة للتصدير، ما يعني أننا سنواجه حتما عجزا في حجم المعروض من المحروقات لن يكون بالإمكان سده سوى من خلال الاستيراد من الخارج، ناهيك عن إضاعة فرصة لتحقيق موارد لموازنة الدولة من خلال تصدير الفائض من المشتقات النفطية المكررة إلى الأسواق العالمية! ويبدو أننا لن ننتظر طويلا لنرى تحول أكبر منتج للنفط في العالم إلى دولة مستوردة للمشتقات النفطية إذا استمرت معدلات الاستهلاك المحلي على مستوياتها الحالية.

وتابع عضو لجنة المكاتب الاستشارية والدراسات الاقتصادية في غرفة جدة " عند تحليل ميزان العرض والطلب على المشتقات النفطية في المملكة خلال عام 2007 م تبرز أمامنا إشارات مهمة أولاها: أن معدل الطلب على المحروقات (الجازولين والديزل) يشكل نحو 54 في المائة من إجمالي الطلب على المشتقات النفطية المكررة في السوق المحلية، وثانيتها أن حجم الإنتاج من البنزين بلغ خلال ذلك العام 351.7 ألف برميل يوميا، فيما كان الطلب 400.4 ألف برميل يوميا، ما يعني وجود عجز وصل حجمه إلى نحو 49 ألف برميل يوميا، ويمكن إرجاع السبب في عجز المعروض من البنزين في المملكة إلى عدة أسباب، منها تدني أسعار هذه المشتقات في المملكة، الأمر الذي يحفز الاستهلاك بشكل كبير، فوفق تقرير صدر عن مجلة "بيزنس ويك" الأمريكية في 2008 احتلت السعودية المركز الثالث ضمن قائمة الدول التي تتمتع بأدنى أسعار الوقود في العالم حيث بلغ متوسط سعر جالون الوقود 47 سنتا، بعد فنزويلا متصدرة القائمة بـ 12 سنتا للجالون ثم إيران في المركز الثاني بـ 41 سنتا، والنمو الكبير في أعداد المركبات في المملكة، نتيجة لمستوى دخل الفرد المرتفع، الأمر الذي يعني حرق كميات أكبر من البنزين، وعدم وجود قبول شعبي لوسائل النقل الجماعية، وأوضح البتال تدني أسعار المشتقات البترولية في المملكة قياسا بدول الجوار، ما نتج عنه تنامي ظاهرة تهريب المشتقات النفطية إلى الدول المجاورة، وهو الأمر الذي أدى في فترات سابقة إلى حصول أزمات توقفت على أثرها مشاريع حيوية، فعلى سبيل المثال نجد أن أسعار البنزين بنوعيه العادي والممتاز في الإمارات يراوح بين 247 و304 في المائة نسبة إلى أسعاره في المملكة.

والأمر نفسه ينطبق على الديزل الذي تبلغ نسبة فارق سعره في الإمارات نحو 828 في المائة قياسا بسعره في المملكة، والأمر نفسه ينطبق عند مقارنة أسعار البنزين في المملكة مع أسعاره في الكويت التي تزيد بنسبة 64 في المائة وقطر التي تزيد بنسبة 33 في المائة والبحرين التي تزيد بنسبة 49 في المائة.

ثقافة الاستهلاك للمنتجات النفطية معدومة

من جهته علق محمد السويلم اقتصادي ومحلل سعودي أن هناك توجها جديا في كافة الدول في العالم بالحد من استهلاك الوقود بكافة أنواعه نظرياً لسببين رئيسيين مرتبطين ببعضها، الأول هو إنقاذ البيئة من التلويث المفرط من أدخنة المصانع وعوادم السيارات والسبب الآخر هو الحد من الزيادة المستمرة لاستهلاك النفط الخام، وخاصة الآن لتخفيف العبء عن اقتصادات دول العالم الكبرى للخروج من الأزمة المالية.

فهذه الولايات المتحدة الأمريكية رئيسها أوباما يشدد على تعديل وتحسين مستويات استخدام الوقود الكربوني، وإلى استخدام النقل العام بدلاً من قيادة السيارات، حيث يتوقع أن ينخفض الاستهلاك للنفط الخام هناك إلى معدلات أقل منها حالياً.

والحال نفسه قائم على قدم وساق في معظم الدول الأخرى في أوروبا وآسيا.

وأضاف السويلم أنه بالنظر إلى الوضع في السعودية، فإن زيادة الاستهلاك تتضح حسب ما صدر وتم التحدث عنه هي فقط في استهلاك وقود السيارات.

وسائل النقل العام في مدن المملكة بكافة أنواعها محدودة جداً وتكاد تكون معدومة، والكل من المواطنين والمقيمين على جميع المستويات يحتاج أن يملك سيارة لمواصلات الأبناء للمدارس والزوجات العاملات لأعمالهن.

فلا يوجد بديل حتى الآن عن النقل الخاص. وأشار السويلم أن سياسة الترشيد في استهلاك وقود السيارات في المملكة لن يكون فاعلاً حتى يتم توفير بديل ملائم للنقل الخاص، معتقدا أن تحرير أسعار الوقود أو ما شابه ذلك لن يكون حلاً مناسباً لترشيد استهلاكنا لوقود السيارات.

واختتم السويلم حديثه "إن ثقافة الاقتصاد والاسترشاد أو عدم الإسراف في الاستهلاك لكل ما أنعم الله علينا به بشكل عام تكاد أن تكون معدومة لدينا إلا ما ندر، ونحن كمسلمين الأولى بهذه السمة، وأرى أن المجتمع الآن في حاجة ماسة للتذكير والتثقيف بالاقتصاد في الاستهلاك من خلال نشر الوعي والتثقيف بمراعاة ما نقوم به لأسلوب حياتنا الاستهلاكية لوقود السيارات وغيره.

فمن خلال هذه المبادرة بإمكاننا تغيير أسلوب استهلاكنا ومحافظتنا على ما أنعم الله سبحانه وتعالى به من نعمة امتلاكنا لأثمن ثروة في العالم" وهنا يقع الدور على العلماء وأئمة المساجد وأساتذة الجامعات ومعلمي المدارس ووسائل الإعلام المختلفة.

خطة استراتجية تثقيفية عالية المستوى

ومن جانب أخر أكد حسام جخلب محلل ومستشار مالي، أن الحديث عن الترشيد الفردي للاستهلاك للمنتجات النفطية، يجب أن تكون هناك معرفة لعدة عوامل أساسية هي التي تحدد إنفاق الفرد، حيث إن عملية ترشيد استهلاك الفرد تحتاج إلى عديد من المفاهيم والمعايير التي تحكم ذلك الإنفاق وعلى مستوى السعودية، مضيفا أنه يلاحظ أن هناك كثيراً من العوامل التي أسهمت في الفترة من خمس أو عشر السنوات الأخيرة، فالذي يحكم الإنفاق الخاص للفرد على المنتجات النفطية أو غيرها، هي معدلات التضخم التي كلما ارتفعت حدت من قدرة الإنفاق للشخص، ومعدل الإنفاق الحكومي، الذي كلما ارتفع ارتفع معه مستوى دخل الفرد مما يساعد في عملية الإنفاق للفرد، إضافة إلى أن معدل النمو الاقتصادي للدولة وخاصة عند نهاية أو بداية دورة اقتصادية كل فترة خمس سنوات، إذا ارتفع معدل النمو وانخفض معدل التضخم أدى ذلك إلى حالة من الانتعاش الاقتصادي الذي يسهم في رفع مستوى الثقة لدى الأفراد مما يسهم في زيادة الإنفاق.

وأضاف حسام جخلب أن الاستهلاك بعدة عوامل سابقة هو الذي يحدد معدل الاستهلاك للفرد ومن ضمن ذلك ما يسمى (بمستوى دخل الفرد السنوي) فبناء على مستوى دخل الفرد يحدد ما يسمى أسعار المنتجين وأسعار المستهلكين وبناء عليه يتم الإنفاق على أساس أن الاستهلاك لأي منتجات سواء كانت نفطية أو غير نفطية تحدد بناء على تلك العوامل، قدرة الأفراد على الاستهلاك، ويلاحظ على مستوى المملكة العربية السعودية ومنذ ظهور الثروة النفطية في المملكة أن هناك ارتفاعاً عالياً جدا في الإنتاج وارتفاعاً في عملية الأسعار، وبلا شك أن هذا الارتفاع في الإنتاج يؤدي إلى زيادة الطلب والاستهلاك سواء على مستوى الدول أو الأفراد، ويتضح ذلك من خلال تأثير ارتفاع أسعار النفط في طلبات الدول المنتجة والمستهلكة من خلال تأثير الأفراد في مستوى الدخل والإنفاق والاستهلاك، وقد ظهرت خلال الأعوام الأخيرة بداية منذ عام 2003م إلى نيسان (أبريل) 2008م بتسجيل أسعار النفط مستويات قياسية وتضخمية مما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات النفطية على مستوى العالم واختلف بذلك عديد من معايير الدول المنتجة والدول المستهلكة، أسهم ذلك الارتفاع في تسجيل عوائد نفطية قياسية إلى بداية عام 2008 وبالنسبة للدول المستهلكة (الدول الصناعية الكبرى) يمثل ذلك عبئاً كبيراً على اقتصادها، ويتضح ذلك في أن الفرد يتأثر بذلك من خلال ارتفاع مستويات التضخم.

وأشار جخلب أن العوائد النفطية العالمية وتعدد المنتجات النفطية كانا مصحوبين بارتفاع تلك المنتجات منذ عام 2004 على مستوى المملكة العربية السعودية، ومع زيادة العوائد النفطية والدعم الحكومي، ارتفاع مستوى دخل الفرد وارتفاع استهلاك الفرد، ويتضح ذلك الارتفاع من خلال عديد من البيانات والإحصاءات حيث شكلت المنتجات النفطية المكررة معظم استهلاك المملكة من الطاقة حيث بلغت 97 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة وهي نسبة قياسية لو تمت مقارنة تلك الأرقام بالإحصاءات لأعوام سابقة حيث كانت المملكة تستهلك جزءاً بكميات قليلة من مصادر الطاقة واتفق جخلب مع من ينادي بثقافة استهلاكية لترشيد المنتجات النفطية في المملكة من خلال تضافر جهود الجميع القطاع الحكومي والخاص للحفاظ على الثروة وطرح فكرة إعداد دراسات بحثية على واقع المستهلكين من الميدان وعلى ضوئها تعد خطة استراتجية تثقيفية عالية المستوى، وأضاف جخلب أنه يجب أن يفهم الشخص الأسلوب الخاص بالترشيد والمعايير والمفاهيم المستنبطة به من خلال (التضخم، معدل النمو، الإنفاق الحكومي) من خلال متابعة تلك البيانات ومتابعة الحركة السعرية لأسعار النفط ومراقبة عملية الإنتاج الخاص بالدول المنتجة ومتابعة تأثير الأزمات وحضور الندوات والبرامج التوعوية والتدريب على ذلك.

وأشار جخلب إلى أن هناك بعض الآراء التي ترى أنه خلال الأعوام السابقة لم يكن هناك قدرة لدى المملكة على استغلال إنتاج الغاز بسبب انخفاض حجم الاستهلاك المحلي ولم يكن الغاز لأغراض التصدير ومع ارتفاع مستويات التضخمية خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة والأنشطة الاقتصادية المتعددة للدولة وارتفاع مستوى دخل الفرد وأن مستوى معيشة الأفراد مع ذلك النمو والتقدم قد اختلف عن السابق بصورة مباشرة من حيث وسائل التقنية والمعيشة ووسائل النقل.

ومع هذا الارتفاع اختلف أسلوب استهلاك الفرد حيث ارتفع إنفاق الشخص على المنتجات النفطية حيث أصبح هناك ارتفاع في عملية المنتجات النفطية والغاز الطبيعي و أسعارها وخلال ذلك الارتفاع فقد ارتفع الناتج القومي بأكثر منه 70 مرة مما يؤدي إلى تحسين معدل النمو الذي يسهم في إنفاق الفرد على تلك الطاقة على مستوى جميع القطاعات سواء كانت الزراعية، الصناعية، الحكومية وغيرها مما أسهم في ارتفاع مستوى دخل الفرد وبناء على ذلك إذا استمر الوضع في زيادة الطلب على المشتقات النفطية تبرز أهمية التوعية في عملية ترشيد الاستهلاك
بحوث غير فاعلة ونادرة وعلى استحياء
من جهته، قال عبد الله الدوسري مستشار مالي "إن ترشيد استهلاك الطاقة يظل برنامجا وظيفيا يهدف إلى خدمة المجتمع السعودي حيث يعتبر ذلك الترشيد بهدف عدم استنزاف حق الأجيال من سلعة النفط وأهمية تلك السلعة بالنسبة إلى البضاعة العالمية لأنها هي المحرك الأساسي للصناعة مما يدل على قوة الاقتصاد السعودي بين الاقتصادات العالمية".

وأشار الدوسري إلى أن لتنامي الاستهلاك خلال السنوات الأخيرة تأثير مباشر في الثروة النفطية للمملكة لذلك لابد من ترشيد الاستهلاك من خلال التقليل من استهلاك وقود للسيارات خوفا من الآثار السلبية للاستهلاك الكبير وغير المسؤول من شرائح ومؤسسات المجتمع.

وأضاف أن البحوث والدراسات في مجال ترشيد استهلاك الطاقة خاصة فيما يتعلق بالمنتوجات النفطية وتلك التي يدخل النفط في صناعتها غير فاعلة، ونادرة وعلى استحياء إذا ما جاز القول.

وطالب المختصين في مجال البحوث والدراسات الاقتصادية بوضع البحوث التي تلائم وتوجد وتخلق فرصة توعوية لترشيد المجتمع بتقنين استهلاكهم لمنتجات الطاقة النفطية.

إدارج ثقافة الاستهلاك في المناهج

وقال الدكتور فهد المحمدي أكاديمي سعودي إن الثقافة الاستهلاكية لدى أفراد المجتمع تكاد تكون معدومة وأشار إلى أن الأرقام التي نشرت عن ارتفاع الاستهلاك في المنتجات النفطية في المجتمع السعودي أرقام عالية وتعكس عدم وعي المجتمع بأهمية هذه الثروة والتي يعتمد عليها اقتصادنا الوطني وساعد كثافة الاستهلاك انخفاض سعرها وهنا لابد أن تكون الحلول متزامنة مع البعض من خلال حملات توعوية بأهمية ترشيد الاستهلاك وتعديل للأسعار الحالية بما يتواكب مع دخل الفرد وتابع إن أهمية إنتاجنا الوطني في تأثيره في مستقبل الوطن والرفع من قيمة المنتوج المحلي والوطني وتحبيبه إلى الناس أصبحت مسألة من الضرورة بمكان والأكثر من ذلك هو أن تكون لنا الإرادة للحفاظ على مواردنا النفطية وهنا أقترح سلسة من الحوارات والندوات المتخصصة عن ثقافة استهلاك المنتجات النفطية وأن تدرج في المناهج الدراسية خصوصا في الجامعات والتي يعد الدارسون فيها من الطلبة الأعلى استهلاكا لمنتج البنزين فلو كان هناك مادة تعد متطلبا من متطلبات الجامعة كي نغرس الثقافة الاستهلالية للمنتجات النفطية في نفوس شباب المستقبل الذين سيستفيدون من هذه الثروة في مستقبل الأيام.

## تفاعل
## هكذا يرتفع الاستهلاك: لا قطارات ولا "مترو" ولا حافلات ملائمة

لقيت الحلقات الأولى، من ملف الشهر تفاعلا واسعا من القراء عبر الموقع الإلكتروني، كانت تقف معظمها موقف الضد من مراجعة أسعار الوقود، وكثير منها حمل أفكارا ومقترحات لمعالجة الوضع. يبرز من تلك المقترحات إيجاد حل للنقل العام داخل المدن وبين المدن والمناطق، ليتسنى للمواطن والمقيم الاستغناء عن السيارة قدر الإمكان. هنا مقتطفات من تعليقات القراء:

عند مقارنة أسعار البنزين بين السعودية والإمارات يجب أن تستحضر دخل الفرد في البلدين, ودخل الفرد لدينا لا يمثل 40 في المائة من دخل الفرد في الإمارات، حسب ما نعرفه من التقارير الاقتصادية.

أبو عثمان

مراجعة أسعار الوقود إجراء منطقي وواقعي وتفرضه المرحلة الآنية واللاحقة

رغم أنه لن يعجب الكثيرين من مختلف طبقات المجتمع وكل له أسبابه وسيقيس الأمور بناءً على مصلحته أو ظروفه وأحواله الشخصية، وفي رأيي أن مثل هذه المراجعة هي للصالح العام ومسؤولية وطنية عليا.

والترشيد يبدأ بمحاسبة الإنسان لنفسه البشرية سؤال الكثير من القطاعات الخاصة: كم عدد الموظفين الذين لا يستخدمون كمية الوقود من البنزين المخصصة لهم للأمور الشخصية ونقيس على ذلك في الكثير من القطاعات الحكومية سواء كانوا موظفين عاديين أو يعملون في مواقع المسؤولية .

ابن الحياة

قبل أن نتحدث عن أسعار البنزين يجب أن نستحضر أن المملكة لا تتوافر فيها وسائل نقل فاعلة غير السيارة والطائرة، حتى حافلات النقل ليست مهيأة، ولا توجد قطارات سوى بين الشرقية والرياض.

منصور السعود

رخص المشتقات البترولية في المملكة تعطيها ميزة تنافسية لجذب الاستثمار الأجنبي، ومن أسباب انتقال بعض المصانع من الإمارات إلى السعودية هي هذه الميزة إضافة إلى عوامل أخرى. ويمكن معالجة العجز في الوقود بزيادة الاستثمار في المصافي وتوسيع القائم منها لتستفيد الدولة من هذه الميزة التنافسية.

فالح السبيعي

لدينا نحو سبعة ملايين أجنبي ينعمون بما تقدمه الدولة لمواطنيها من تخفيض لسعر البنزين وأي عامل باستطاعته شراء سيارة ويسمح له بقيادتها حتى لو كانت من التشليح ثم لدينا مئات الآلاف من سيارات الليموزين تجوب شوارعنا وتضيق علينا دون ضابط هذا ما يجب معالجته وسترى مقدار الوفر الذي سنحققه في كمية البنزين.

ساري

قد يكون هنالك طلب متزايد على البنزين ولكن يجب ألا ننسى طور النهضة والتنمية في بلادنا، مما يجعل الطلب على هذه السلعة يزداد بوتيرة عالية. أضف إلى ذلك أن الحكومة الرشيدة عندما خفضت أسعار البنزين، كان هدفها بجانب مساندة المواطن، هو إيجاد حافز لجذب الاستثمار وتشجيع الشركات الأجنبية إلى السوق المحلية.

متسامح

اقترح إيجاد تنظيم لمحطات البنزين بحيث تكون هذه المحطات شركات مثل بقية الدول بدلا من أفراد يديرونها، ومن خلال هذه المحطات تتوافر خدمة جيدة للمواطن ونوقف تهريب البنزين للخارج. ففي حال إدارة المحطات من قبل الشركات سيكون من السهل مراقبتها من الجهات المعنية. ولا أتفق مع رفع الأسعار.

عبد الله

أتمنى من شركة أرامكو أن ترفع بصرها قليلاً وسترى أن هناك تهريب للوقود بشكل غير طبيعي، وهو ما يرفع معدل الاستهلاك لدينا، ثم هناك شركات تمنح موظفيها بطاقات للتعبئة من أجل العمل لكنهم يستخدمونها في الشأن الخاص, واقترح تزويد سيارات الشركات (ومن بينها أرامكو) بأجهزة "جي بي آر إس" لمراقبة تحركاتها.

محمد عبد العزيز

يجب ألا ننسى أن بين ظهرانينا أكثر من ثمانية ملايين مقيم يستفيدون من دعم الماء والكهرباء والوقود ويحولون ما يتوافر لهم إلى بلادهم. أتصور أننا يجب أن نوقف الدعم الجماعي للسلع بما فيها الأرز والحليب والبنزين والكهرباء والماء وأن ندعم المواطن فقط عبر جمعيات استهلاكية أو عبر دعم نقدي لكل طفل. الدعم بصورته الحالية يذهب ثلثه للوافد ويذهب الثلث الآخر في الاستهلاك المفرط.

محمد سعد الغامدي

لا يتوافر لدينا نقل عام والوسيلة الوحيدة المناسبة في ظل الوضع القائم هي السيارة، وبالتالي مع ارتفاع عدد السكان أن يزيد الاستهلاك، ولا يمكن المقارنة بين بلاد مثل بلادنا وأخرى تصغرها في الحجم. قبل الحديث عن الاستهلاك يجب النظر إلى إيجاد بدائل النقل.

الأكثر قراءة