نعم .. توجيه الدعم للمساكن والتوظيف أجدى اقتصاديا وأنفع للمواطنين

نعم .. توجيه الدعم للمساكن والتوظيف أجدى اقتصاديا وأنفع للمواطنين
نعم .. توجيه الدعم للمساكن والتوظيف أجدى اقتصاديا وأنفع للمواطنين
نعم .. توجيه الدعم للمساكن والتوظيف أجدى اقتصاديا وأنفع للمواطنين

مطلوب.. إعادة ترتيب الدعم الحكومي

في الحلقة العاشرة من ملف الشهر حول استهلاك المنتجات البترولية وعلاقتها بالأسعار، يواصل الاقتصاديون طروحاتهم التي تؤيد توجيه الدعم الحكومي لقطاعي الإسكان والتوظيف في هذه المرحلة تحديدا استنادا إلى وجود نسبة كبيرة من المواطنين لا يملكون منازل بحيث يكون هذا الدعم عن طريق زيادة جديدة في رأسمال صندوق التنمية العقارية، وفيما يتعلق بالتوظيف يكون الدعم بضخ مبلغ إضافي في صندوق تنمية الموارد البشرية.

يأتي هذا الطرح في سياق النمو غير الطبيعي لاستهلاك المنتجات النفطية في السعودية، حتى باتت هذه المعدلات الأعلى في الشرق الأوسط، وقد تقود في نهاية المطاف إلى التأثير في نسبة الصادرات وبالتالي على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على النفط بنسبة 95 في المائة من موارده. إلى التفاصيل:

أيد اقتصاديون سعوديون فكرة توجيه الدعم الحكومي المباشر لمشاريع صندوق التنمية العقاري لتوفير السكن المناسب للمواطن، إضافة إلى دعم صندوق تنمية الموارد البشرية لخلق فرص وظيفية من شأنه تحقيق منافع مباشرة للمواطن يكون تأثيرها محسوسا بشكل كبير في حياة المواطنين.

يقول اقتصاديون محليون إن الحكومة السعودية يجب عليها أن تعمل على زيادة دعمها للقطاعات المرتبطة ارتباطا مباشرا بحياة المواطنين كصندوق التنمية العقاري لتوفير وتهيئة السكن المناسب وصندوق تنمية الموارد البشرية من أجل خلق فرص وظيفية تؤمن مستقبل المواطن، مؤكدين أن تأثير ذلك سيكون أفضل بكثير من توجيه هذا الدعم للمشتقات البترولية في الوقت الحالي.

ووفقا لاقتصاديين تحدثوا لـ "الاقتصادية" أمس، فإن المملكة ظلت تولي اهتماما كبيرا بالقطاعات الخدمية والإنتاجية التي ترتبط مباشرة بالمواطن السعودي، وحرصت على تخصيص جزء كبير من ميزانيتها السنوية، رغم تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية، لدعم المشاريع والبرامج الخدمية والإنتاجية لتؤكد نهج سياساتها الرامية لتحقيق رفاهية المواطن وتوفير احتياجاته الضرورية.

ويرى الاقتصاديون أن الحكومة في السابق كانت تقوم بتنفيذ وإدارة كثير من المشاريع الخدمية المتعلقة بالكهرباء والمياه والصناعة والزراعة، إضافة إلى المصارف والبنوك باعتبار أن الوعي الاستثماري في المملكة قبل 30 عاما كان ضعيفا، ولم تكن هناك رغبة أكيدة من قبل القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات الخدمية المرتبطة ارتباطا مباشرا بالمواطن.

لذا قادت الحكومة السعودية تجربة دعم المشاريع الخدمية والإنتاجية "ذاتيا". وحان الوقت لأن يتحمل القطاع الخاص مسؤوليته مع القطاع العام لدعم هذه المشاريع التي يستفيد منها المواطن والمقيم في المملكة.

وأن يتخلى قليلا عن "اتكاليته" الزائدة على القطاع العام باعتبار أن الدولة لن تستمر للأبد في دعمه دون أن يسهم معها جنبا إلى جنب في تنفيذ المشاريع الخدمية وإدارتها.

توفير البدائل قبل التفكير في الزيادة

#2#

وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الله بن حمد السلامة المستشار الاقتصادي والأكاديمي، إن توفير مزيد من الوحدات الاقتصادية للمواطنين ودعم صندوق الموارد البشرية من أهم البدائل المتاحة لأولوية الإنفاق في حال التفكير في زيادة أسعار الوقود، حيث يرى بعض الاقتصاديين إمكانية استخدام الإيرادات المتحققة من الرفع المقترح في دعم صندوق التنمية العقاري وصندوق الموارد البشرية، ولكن ينبغي ألا نغفل الحاجة إلى أهمية زيادة الإنفاق على القطاع الصحي والتعليمي والاجتماعي لسببين أساسيين، هما إرهاصات الأزمة الاقتصادية وتأثير دخول الطبقة الوسطى ومدخراتها بعد أزمة سوق الأسهم وتغير مستويات الأسعار العالمية والضغوط النفسية.

وأضاف أنه وبطبيعة الحال فإن الدولة تنفق في هذه الحقبة من الزمن بسخاء على القطاعات الحيوية، ولكن الحاجة لا تزال قائمة لمزيد من هذه الخدمات نظرا للمعطيات الحالية وزيادة عدد السكان.

وأوضح الدكتور السلامة أن المتابع لاستهلاك الوقود في المملكة يدرك تماما خطورة وأبعاد هذه الزيادة للنمو المتعاظم مع الزمن، ولن يخدمها سوى إيجاد البدائل مثل وسائط النقل العام الاقتصادية المريحة ومن ثم التفكير في رفع لأسعار المشتقات البترولية.

وفيما يتعلق بصندوق الموارد البشرية، يرى الدكتور السلامة أن الإنفاق على الصندوق لن يكون مجديا ما لم يكن هناك تطبيق صارم لأنظمة تشغيل العمالة الوافدة لضمان إتاحة الفرصة للمواطن أولا للعمل في فرص العمل القابلة للسعودة وبأجور مقبولة اقتصاديا واجتماعيا.

وقال إن المتابع لسوق العمل في المملكة يدرك متناقضات عجيبة، حيث تزايد أعداد الباحثين عن العمل من المواطنين في بلد يستضيف عشرة ملايين عامل أجنبي، بطبيعة الحال هناك بعض فرص عمل قد لا يقبل بها المواطن في الفترة الحالية، إما لصعوبة ظروف العمل وإما للمهارات المطلوبة، وإن كان الأمر الأخير يمكن معالجته من خلال التدريب والتعليم الفني والمهني بمساهمة صندوق تنمية الموارد البشرية، مشيرا إلى أن من الأمور البالغة الأهمية في معالجة قضية البطالة في المملكة تنظيم ساعات العمل وتحديدها لتتناسب ومتطلبات الحياة وطبيعة البشر، فليس من المعقول استمرار ساعات العمل في المؤسسات الصغيرة "التي من المفترض أن تكون الأعلى في تشغيل العمالة الوطنية" لأكثر من 12 ساعة يوميا، مضيفا أن ساعات العمل الطويلة من أهم العوامل الطاردة للسعودة.

وقال إن التفكير في أبعاد أي قرار يمس حياة المواطنين هو من أهم العوائق في رفع أسعار الوقود، حتى لو كان في ذلك مزيدا من التدريب والإحلال عن طريق صندوق الموارد البشرية.

وأوضح الدكتور السلامة أنه ينبغي عدم الإضرار بمستويات الدخل ومراعاة الطبقة الفقيرة والمتوسطة، ما يجعل الحاجة أشد إلحاحا لمراجعة البدائل وتوفيرها ودعم أوجه الصرف الاجتماعي بإيجاد قنوات إعانة جديدة لتخفيف الآثار السلبية لمثل هذه التوجه.

القطاع الخاص يجب أن يتحمل مسؤوليته

من جانبه، قال لـ "الاقتصادية" ناصر القرعاوي المحلل الاقتصادي أمس، إن سياسة الحكومة السعودية ظلت دوما تحرص على تعزيز برامج التنموية التي تقود بدورها إلى نمو الاقتصاد الوطني لتحقيق سبل عيش كريم لكل من يعيش على أرض المملكة من مواطنين ومقيمين.

وبين أن الحكومة السعودية ظل تدعم وباستمرار برامج الإسكان والمشاريع العقارية من خلال صندوق التنمية العقارية وبرامج الرعاية الصحية الأولية، برامج معالجة الفقر وكل هذه قطاعات مرتبطة ارتباطا مباشرا باحتياجات المواطن السعودي ودعم عجلة التنمية الشاملة في البلاد.

وأوضح أن أكبر دليل على ذلك أن ميزانية المملكة لعام 2009، رغم الانخفاض الحاد في أسعار البترول تم توجيهها لبرامج التنمية، ففي قطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة والعلوم والتقنية والبحث العلمي وبرامج الابتعاث الخارجي.

من أجل توفير البيئة المناسبة للتعليم وزيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس والجامعات والكليات المتخصصة وزيادة القدرة الاستيعابية للمستشفيات، ورفع مستوى الرعاية الصحية الأولية، كما شملت الميزانية مواصلة دعم برامج معالجة الفقر، وقطاعات المياه والخدمات البلدية والزراعة والصناعة التي تشكل ضرورة من ضروريات الحياة التي يحتاج إليها المواطن وتعزيز مصادر المياه، وخدمات الصرف الصحي لتنفيذ طرق جديدة وإكمال وإصلاح عديد من الطرق القائمة، وتمثل تلك المبالغ أعلى ما تم اعتماده حتى الآن للطرق.

وأكد أن الحكومة السعودية حرصت على تسخير موارد البلاد وطاقاتها للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم.

وبين أن المناخ الاقتصادي الاستهلاكي للمملكة متنوع يجب استغلاله على الوجه الأكمل، وأن من عادة الدول أن تبحث عن الإنتاج الوطني وتعزيز روافده من خلال التسهيلات الحكومية ودعم البنى التحتية وتوفير المناخ الملائم للمشاريع الإنتاجية كالصناعة والزراعة والتعليم والصحة والتدريب والتأهيل، مشيرا إلى أنه ما لم تكن هذه المشاريع ذات صلة مباشرة بالمواطن وتلبي استهلاك الفرد والمجتمع سيبرز عامل الاستيراد التي في الغالب ما تكون فاتورته مكلفة للغاية.

وأردف قائلا "الدولة التي لا تعتمد على إنتاجها المحلي تصبح عرضة للمشكلات الاقتصادية من الدولة التي تعتمد على إنتاجها الوطني بشكل أكبر".

وأكد أن الحكومة السعودية حرصت على أن يكون القطاع الخاص اللاعب الرئيس في الوقت الحاضر بعد أن كانت في السابق هي التي تقوم بتنفيذ وإدارة كثير من المشاريع الخدمية المتعلقة بالكهرباء والمياه والزراعة والمصارف والبنوك باعتبار أن الوعي الاستثماري في المملكة قبل 30 عاما كان ضعيفا ولم تكن هناك رغبة وإقبال من قبل القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات الخدمية المرتبطة ارتباطا مباشرا بالمواطن لذا قادت الحكومة السعودية التجربة "ذاتيا " بإنشاء شركة سابك وتم طرح 30 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام وأنشأت أيضا شركة نادك واحتفظت لنفسها بحصة من أسهمها وطرحت البقية للاكتتاب.

وأيضا امتلاكها مشاريع إنتاجية أخرى تخدم المواطن بشكل مباشر، أما الآن فإن القطاع الخاص أصبح يأخذ دوره في المشاريع المتاحة أمامه كالصحة والتعليم والصناعة والتدريب والتأهيل.

أما فيما يتعلق بتجارة التجزئة فهناك قصور وضعف قويين فالثقافة الإنتاجية قائمة على "امتلك مصنع أو لا أكون" رغم أنه بإمكان المواطن أن يكون تاجر تجزئة بتوزيع منتجات محلية وغير محلية والاستفادة من عوائدها المالية باعتبار أن المصانع لا تقوم بعمليات البيع والشراء والتوزيع، وهذا ما يجب أن يستغله المواطن.

الأسهم والعقار أكبر وعائيين لامتصاص السيولة

وبين القرعاوي أن من بين الأخطاء الاستراتيجية التي وقع فيها القطاع الخاص وأسهم فيها القطاع العام بصمته وعزوفه عن توجيه وحماية الاستثمارات التي دخلت سوق الأسهم والعقار باعتبار أنهما أكبر وعائيين لامتصاص سيولة المواطنين، فسوق الأسهم التي خرجت بكوارث وخيمة نتيجة تبخر مليارات الريالات وسوق العقار التي جمدت مثلها بعد انهيار سوق الأسهم، أصبح القطاع الإنتاجي والخدمي في حاجة إلى سيولة ذهبت أدراج الريح مع الأسهم وتجمدت في مشاريع عقارية لم يستفد منها المواطن.

وقال "على القطاع الخاص ألا يكون اتكاليا وأن يتحمل مسؤوليته جنبا إلى جنب مع القطاع الحكومي في دعم المشاريع الإنتاجية والخدمية سعيا إلى تحقيق رفاهية المواطن وتوفير احتياجاته من المتطلبات الضرورية".

عليه ألا ينظر إلى ما تقدمه الدولة أو ما يمكن أن يستفيد منها لأن الدولة لن تستمر في دعم القطاع الخاص للأبد. وأكد أن المملكة لديها مكونات اقتصادية جدية وبيئة استثمارية واعدة تحتاج إلى إدارة اقتصادية صحيحة لخلق مشاريع خدمية وإنتاجية مرتبطة بالصحة والتعليم والتدريب والكهرباء والبني التحتية.

حسابات ضرورية

#3#

في المقابل، أوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور خالد المانع متخصص في الاقتصاديات الدولية، أن المملكة تعد أكبر الدول استهلاكا للمشتقات البترولية، وكثير من الاقتصاديين يتفهمون مدى تأثير ذلك في صادراتها في المستقبل، ما يحتم اتخاذ إجراءات سريعة حيال ذلك.

واقترح المانع إعداد دراسة مفصلة وشاملة نستشف من خلالها مدى تأثير تحرير أسعار المشتقات البترولية في بقية قطاعات الاقتصاد السعودي مثل القطاعات الاستهلاكية وقطاع النقل والطاقة والقطاعات الاقتصادية الأخرى، خاصة أن ارتفاع أسعار الطاقة يقود إلى سلسلة من الارتفاعات الأخرى في كثير من القطاعات الاقتصادية، وهذا ما يجب أخذه في الحسبان جيدا، ووفقا لهذا النمط من التفكير العلمي يكون بمقدورنا تقدير الأثر بشكل أكثر وعيا بالتبعات، ومن ثم وعد ذلك أن كانت منافع التحرير - الذي سيرفع الأسعار على المستهلكين - أكبر من وضعها الحالي، فلا بأس في أن نتبنى نموذجا اقتصاديا جديدا يقوم على ترك الأسعار ترتفع بنسبة معينة لا تتجاوز 40 في المائة تحت كل الظروف، شريطة مراعاة مستويات الدخول بالنسبة للأفراد أن يترافق ذلك مع زيادة دعم قطاعات اقتصادية ربما كانت أكثر جدوى وفائدة لخلق حالة استقرار للمواطن قد يكون القطاع العقاري واحدا من تلك القطاعات لذا فإن زيادة مخصصات دعم صندوق التنمية العقاري بشكل ملموس يؤدي إلى تحريك تلك الصفوف الطويلة التي ما زالت على سلم الانتظار، كما أن دعم الصناديق التي تمول المشاريع الصغيرة وتخفيف شروط التمويل في هذه الصناديق التي تمنع عددا كبيرا من المتقدمين الجادين للعمل من فرصة الحصول على قروض تمويلية لمشاريعهم.

وأجمع الاقتصاديون الثلاثة في أن هناك خيارات استثمارية كثيرة مطروحة لإيجاد حلول كثيرة لتحقيق رفاهية المواطن، لكن تبقى أهمية الجدوى الاقتصادية الشاملة لأي مشروع وضمان آليات تطبيق الحلول البديلة القابلة للتنفيذ. وأن المملكة لديها تجارب ناجحة كثيرة في دعم المشاريع الإنتاجية والخدمية المرتبطة بحياة المواطن سواء عن طريق دعم صندوق التنمية العقاري لتوفير السكن المناسب للمواطن وتوفير فرص عمل جيدة عن طريق دعم صندوق الموارد البشرية لدعم برامج التوظيف.

الأكثر قراءة