مطلوب تقنين أسعار المنتجات النفطية وإنشاء برنامج للاستخدامات الصناعية
الترشيد لا يتعارض والنمو الاقتصادي
يؤيد اقتصاديون تقنين دعم أسعار المنتجات البترولية في المملكة استنادا إلى تنامي استهلاكها بما يقود إلى تأثيرات سلبية على مستويات الإنتاج وعوائد الاقتصاد الوطني المتحققة من الصادرات. في الحلقة الثامنة (اليوم) من ملف الشهر حول استهلاك المنتجات البترولية، يطرح الاقتصاديون عدة مقترحات في هذا الجانب، لكنهم يتفقون على أن الأسعار السائدة حاليا تشجع على الهدر خاصة فيما يتعلق بوقود السيارات، كما أنها لن تدعم أي محاولة للترشيد. ويؤكد الاقتصاديون ضرورة إطلاق برامج خاصة للترشيد استهلاك الوقود في قطاع النقل وفي المنشآت الصناعية، بحيث يكون هناك مراعاة للنمو الاقتصادي في البلاد وتزايد عدد المصانع المنتجة فيها، مؤكدين أن الترشيد لا يتعارض مع النمو الاقتصادي للبلاد، خاصة عندما يكون واضح الأهداف. إلى التفاصيل:
اتفق اقتصاديون على ضرورة البدء الفعلي في إطلاق برامج خاصة للترشيد في استهلاك المنتجات النفطية، خاصة في ظل الاستهلاك المفرط لها والذي سيؤثر بدوره في نمو الصادرات النفطية للمملكة بما سينعكس سلبا على مستوى نمو الناتج القومي، مفيدين أن أسباب الاستهلاك المتزايد بشكل غير منطقي للمشتقات النفطية كان نتيجة لعدم وجود وسائل النقل العام والاعتماد بشكل كلي على وسائل النقل الخاصة في التنقل داخل وبين مدن المملكة.
ويؤكد الاقتصاديون أن برنامج الترشيد الذي يطمحون إلى تنفيذه لا يتعارض مع معدل نمو الاقتصاد الوطني في حال كان هذا البرنامج مدروسا بدقة.
ومن الحلول التي يجب اتخاذها حتى لا تتفاقم المشكلة، إنشاء شبكة للنقل العام تسهم بدورها في التخفيف من التوجه نحو استخدام الوقود، وكذلك من خلال إعادة النظر في الأسعار المنخفضة المعمول بها في الوقت الراهن ومن ثم تقنينها وفقا لمعايير اقتصادية تتوافق مع أنماط المعيشة في السعودية.
وتأتي مطالبات الاقتصاديين متوافقة مع تأكيد الدراسات المتخصصة في مجال الطاقة، والتي تفيد أن البترول سيشهد تقلبات كبيرة جدا وعنيفة في كميات إنتاجه وأسعاره في المستقبلين القريب والمتوسط، والتي توقعت أن المتوسط السنوي لسعر برميل البترول لن ينخفض خلال العام الجاري عن 50 دولارا، وخلال عام 2010 عن 65 دولارا، وفي عام 2025 عن 150 دولارا، مقارنة بالعام الماضي الذي سجل سعره المتوسط نحو 96 دولارا.
استراتيجية مختلفة
وأوضح الاقتصاديون أن الاقتصاد السعودي في حاجة إلى استراتيجية جديدة بخلاف خطط التنمية المعمول بها منذ السبعينيات وحتى الوقت الحالي، والتي يعتقدون أنها لم ترتق إلى مستوى التطوير الحقيقي للاقتصاد السعودي في ظل وجود فجوة واضحة بين أداء القطاعات، وفجوة أخرى فيما يتعلق بانعكاس نتائج وآثار الخطط على رفاهية المواطن. وشددوا على ضرورة عدم النظر إلى الاقتصاد الحر بمفهوم النظرية، خاصة في الوقت الحالي مع إمكانية ذلك خلال الأمدين المتوسط أو البعيد. ولفتوا إلى أن هناك عدة مقترحات يمكن التوجه إليها في حال الرغبة في الترشيد في استهلاك الطاقة، والتي من أبرزها الترشيد في استهلاك القطاع الحكومي ووضع البرامج للشركات الكبرى ومن ثم النظر أخيرا في عمليات الاستهلاك الفردي التي تنتج عن استخدامات المواطن للطاقة.
واختلف الاقتصاديون حول المطالبة بتحرير أسعار المشتقات النفطية في الوقت الحالي، مرجعين اختلافهم إلى أن أي قرارات من شأنها أن ترفع أسعار المنتجات النفطية في الوقت الحالي ستنعكس سلبا على شرائح المجتمع، التي تعتمد بشكل كلي على المركبات في رحلاتهم بين وداخل المدن في ظل عدم توافر البدائل.
ويختلف الدكتور إحسان أبو حليقة الخبير الاقتصادي مع المطالب بتحرير سوق المنتجات النفطية داخلياً على الرغم من تأكيداته أنها تسعى إلى الحد من التوسع في نمو الاستهلاك لمنتجات الطاقة بشكل مفرط، وذلك لرؤيته أنها دعوة غير منطقية وغير قابلة للتطبيق في أسواق المملكة لعدم القدرة على الخروج من الواقع المتمثل في تميز المملكة بتوافر الطاقة واختلاف أنماط الاستهلاك فيها مع البلدان الأخرى. وأوضح أن المناداة التي يجب أن يطالب بها عوضاً عن التحرير ترتكز إلى تقنين وتسعير المنتجات النفطية وفقاً لمعايير اقتصادية مع الأخذ في الحسبان وفرة المنتجات في المملكة ونمو اقتصادها ونمو سكانها بما يتجاوز 2.15 في المائة سنويا، وهو الأمر الذي سيساعد على نمو الإنتاج.
الحد من الهدر
وزاد أبو حليقة: "بما أن لدينا في المملكة نموا طبيعيا سواء كان ذلك من خلال تكاثر أعداد السكان أو من خلال نمو الاقتصاد المحلي الذي يحقق معدلات نمو تفوق المتوسط العالمي، لا بد من التوسع في توفير المنتجات النفطية محلياً"، مشيراً إلى أن تحسين استخدام المنتجات النفطية في السعودية يجب أن يكون من خلال الحد من الهدر من تلك المنتجات، التي في حال بيعها بسعر منخفض جدا تشجع بدورها على التوسع في الإهدار لعدم الاهتمام.
ويرى أبو حليقة أن المملكة تتميز بانخفاض تكلفة البترول نظير توافره على أراضيها بكثرة خاصة منتج الغاز المتوافر بأسعار منخفضة، وهو الأمر الذي شجع على نشاط صناعة البتروكيماويات في السعودية بشكل واسع، الأمر الذي جعل حصة المملكة من منتجات البتروكيماويات عالميا تتجاوز 7 في المائة، مبيناً أن هناك تنازعا بين نظريتي تحديد الأولية فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد السعودي أو تصدير المنتجات النفطية، وهو الأمر الذي يجب أن تتم موازنته خاصة أننا في حاجة إلى تصدير النفط وتنويع الاقتصاد معاً.
ومن المسببات التي يرى أبو حليقة أنها تسببت في إهدار منتجات النفط واستخدامات الطاقة عدم وجود وسائل نقل عام تعمل على تلبية احتياجات أفراد المجتمع كافة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتنقل بين مدينة أو أخرى، لافتاً إلى أن الوسيلة الأكثر مرونة في الوقت الراهن هي المركبة في ظل عدم وجود الرحلات الجوية أو البرية الكافية لتلبية متطلبات السوق.
ولم يستبعد أبو حليقة أن تكون هناك عمليات تهريب للمنتجات النفطية السعودية إلى دول الجوار خاصة في ظل تدني أسعارها المعمول بها في السوق المحلية ووجود فارق في السعر بين قيمة المنتجات من بلد إلى آخر، مبيناً أن عمليات التهريب ليست دافعا للمطالبة بتحرير الأسواق ولن تكون سبباً رئيسا، فعمليات التهريب لا تقتصر على السلع المشروعة وهي تمتد إلى تهريب السلع غير المشروعة أيضا، مؤكداً أن سياسة تسعير المنتجات يجب أن تصب في الصالح العام للمملكة ولا ترتكز إلى الهواجس الأمنية، معتبرا الأمر قضية هامشية لا يجب الارتكاز إليها.
وقال أبو حليقة: "عندما يتطلب الأمر أن نفكر بجدية في وضع البرامج اللازمة لترشيد استهلاكات الطاقة فإن الأمر يتطلب عددا من الاشتراطات المبدئية والمسبقة، التي لعل من أهمها توفير نظام كفء للنقل العام بين المدن السعودية وداخلها، وهو الأمر الذي سيخلق نوعا من التخلي الطوعي عن المركبة التي تستنزف بدورها حجما هائلا من الطاقة نظير استخدامها اليومي والمتكرر عند محاولة قائديها قطع المئات من الكيلومترات يوميا في تنقلاتهم الشخصية"، وعاد ليشدد على وجوب النظر في البدائل قبل طرح فكرة رفع أو تحرير الأسعار"، مضيفا أن المطالبات بتحرير السوق أو تقنين الأسعار لا تهدف إلى زيادة الأعباء على المواطنين بالقدر الذي تريد من خلالها أن تدفع بهم إلى استخدام حلول أخرى تسهم بدورها في الحد من استنزاف موارد الطاقة.
وأكد أبو حليقة أنه في حال تم رفع الأسعار في الوقت الراهن فإن التوفير سيكون محدودا جداً لعدم المرونة، بينما سيكون التأثير في المجتمع أكبر، وذلك لارتفاع التكلفة الاجتماعية بشكل عام، لافتاً إلى أنه تجب دراسة أنماط الاستخدام لمنتجات النفط دراسة ميدانية مستفيضة في حال الرغبة في اتخاذ أي قرار من شأنه أن يزيد في الأسعار، خاصة أن قرارات من مثل هذا النوع سيكون لها تأثير ووقع على المجتمع الذي تجب دراسة أنماطه وعدم إصدار القرار والنظر إلى ردة فعله من حيث الإيجابية والسلبية بعد التطبيق.
وأكد أبو حليقة أن انخفاض أسعار المنتجات النفطية ومشتقاتها أسهم في استقطاب الصناعات التي تعتمد عليها بشكل كبير، وهو الأمر الذي يجب أن يعاد النظر فيه في حال استخدام المنتج النفطي كطاقة فقط، حيث يجب أن يتم إنشاء برنامج وطني للاستخدامات الصناعية والاقتصادية في ظل استفادة المصانع استفادة كبيرة من الأسعار المخفضة بعيدا عن الاستفادة الاجتماعية، مستدركا أنه تجب الاستفادة من برنامج الوكالة الدولية للطاقة والذي يعد برنامجاً ضخما لإدارة وترشيد الطلب على الطاقة.
الهدر في القطاعات الحكومية
من جهته قال الدكتور أسعد جوهر أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز: "إن أي محاولة لرفع أسعار المشتقات النفطية في الوقت الحالي ستنعكس سلبا على الأداء الاقتصادي في المملكة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، كما أن الدخل الحقيقي للأفراد في المملكة خاصة من هم من ذوي الطبقة المتوسطة قد تآكل نتيجة للانهيار في سوق الأسهم وللارتفاعات المتتالية في سوق العقارات، فأنا لا أنصح بتاتا باتخاذ أي قرارات من شأنها أن تضيف عبئاً ثقيلا على المواطن السعودي"، مفيداً أنه في حال الرغبة في ترشيد الاستهلاك في منتجات الطاقة يجب أن يكون ذلك على ثلاث مراحل، تبدأ أولاها بترشيد الاستهلاك في القطاعات الحكومية مروراً بقطاع الشركات وتنتهي بالأفراد.
ويرى جوهر أن المشكلة الحقيقية ليست محصورة على مستوى الأفراد، وأنها تتمثل في التوسع في الاستهلاك للمشتقات النفطية في القطاعات الحكومية، التي يجب أن تكون هي النموذج الرئيسي لخطط الترشيد في استهلاك الطاقة وعدم استنزافها، مشيراً إلى أن المطالبات التي تدعو إلى تحرير سوق المشتقات النفطية داخلياً يجب أن تتم من ضمن إصلاحات اقتصادية على الأمدين البعيد والمتوسط، على أن تراعي شرائح المجتمع المختلفة خاصة المتوسطة والفقيرة منها، لافتاً إلى أن دعوته لتحرير السوق على الأمدين البعيد والمتوسط تعود إلى وجود خلل واضح فيما بين دخول الطبقة الفقيرة والمتوسطة في المملكة وطبقة الأثرياء، اللذين وصفهم بأنهم المسيطرون على الأداء وعلى الشركات الكبرى في المملكة.
وأبان جوهر أن الاقتصاد السعودي بحاجة إلى استراتيجية جديدة بخلاف خطط التنمية المعمول بها منذ السبعينيات حتى الوقت الحالي، والتي يعتقد أنها لم ترتق إلى مستوى التطوير الحقيقي للاقتصاد السعودي في ظل وجود فجوة واضحة فيما بين أداء القطاعات، وفجوة أخرى فيما يتعلق بانعكاس نتائج وآثار الخطط على رفاهية المواطن.
وشدد جوهر على ضرورة عدم النظر إلى الاقتصاد الحر بمفهوم النظرية، مستشهدا بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في النشاط الاقتصادي خاصة بعد الأزمة الاقتصادية، وعاد ليؤكد أن تلك الأفكار والتحريرات التي يطالب بها بعض من حفظ كتب النظرية يجب أن تلغى، وأن الواجب على الدولة أمام تلك المطالبات والتحليلات أن يكون لها دور قوي جدا في حفظ حقوق المواطن خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواطن الفقير أو ذوي الدخول المتوسطة.
وأشار جوهر إلى أن هناك عدة مقترحات يمكن التوجيه إليها في حال الرغبة في الترشيد باستهلاك الطاقة، والتي من أبرزها الترشيد في استهلاك القطاع الحكومي الذي يتميز بوجود فاقد كبير لديه، إضافة إلى وجود عمليات استغلال أيضا، وتابع: "بعد أن تحل مشكلة الاستهلاك في القطاع الحكومي يتم التوجه أيضا إلى الشركات الكبرى من خلال فرض نمط معين عليها للاستهلاك، ومن ثم النظر أخيرا في عمليات الاستهلاك الفردي التي تنتج عن استخدامات المواطن للطاقة".
ويعتقد جوهر أن غياب الآفاق والاستراتيجيات الجديدة عن الاقتصاد السعودي جعل بعض القرارات غير متوازنة ولا تؤدي الغرض المقصود من إصدارها، ملمحاً إلى أن المجتمع سيواجه مخاطر عند تحرير أو زيادة أسعار المشتقات النفطية، فهو يرى إن كانت هناك ميزة استطاعت حماية المواطن أثناء فترات التضخم التي بلغت فيها النسبة 11.5 في المائة فهي أن أسعار بعض المشتقات البترولية كانت منخفضة، وأن التحرير للمشتقات النفطية لو تم في الوقت الراهن فإن ذلك يعني أن المواطن السعودي لا يتمتع بأي ميزة اقتصادية حقيقية، الأمر الذي سيجعل منه يدخل في دوامة جديدة مع التضخم، خاصة إذا تم إدراك أن التضخم وبنسب عالية قادم ومن المتوقع له أن يكون في 2010.
وحول سؤال لو تم تحرير أسعار المشتقات البترولية هل سنواجه مرحلة ركود ناجمة عن تراجع القدرة الشرائية وزيادة تكلفة الاستثمار؟ قال جوهر: "هذا سؤال كبير وينبغي ألا يحدد بإجابات معينة، فجميع المؤشرات المعلن عنها محليا هي محل شكوك بالنسبة لي، كما أن أسعار تلك المؤشرات التي بنيت عليها المؤشرات الاقتصادية كمؤشرات البطالة ومؤشرات تكلفة المعيشة بنيت على أسعار قديمة لذلك هي في موضع الشكوك، وإنني في تصوري الشخصي أن التحرير ستكون أضراره بشكل أكبر على الاقتصاد الجزئي"، مبيناً أن نسب الفاقد في الاقتصاد السعودي كبيرة جدا وهي غير متوقفة على الفاقد النفطي، وأن الفاقد يشمل جميع المجالات.
ويرى الدكتور عبد الله صادق دحلان الخبير الاقتصادي أن أمر تحقيق التكلفة الحقيقية للموارد البترولية يجب أن يكون من خلال معادلة سعر البيع عند التصدير مع سعر البيع المنخفض والمشجع في السوق المحلية، مبيناً أن استجابة الدولة للمطالبة بتحرير سوق المشتقات البترولية سيجعلها تضع على عاتقها عبئا آخر يتمثل في مطالبة المواطنين بزيادة دخولهم لتتواءم مع حجم الزيادة، مؤكدا أن الاقتصاد السعودي قادر على تغطية كافة احتياجات ذوي الدخول المحدودة والفقراء في حال تم وضع استراتيجية محكمة ومرشدة.
الاستهلاك في ذروته
كانت دراسة حديثة أعدها الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز توقعت أن البترول سيشهد تقلبات كبيرة جدا وعنيفة في كميات إنتاجه وأسعاره في المستقبلين القريب والمتوسط، مستشهدا بما شهده واقع الأسعار خلال الأشهر الماضية، حيث سجل في آب (أغسطس) الماضي ذروته عندما بلغ سعر البرميل 147 دولاراً، ليبدأ بعدها بثلاثة أشهر في التراجع إلى مستويات الخمسين دولارا، مؤكدة أن الماضي أثبت أن سعر البترول ليس ثابتاً ومحدداً عند نقاط معينة، فقبل نحو عامين كان سعر البرميل يراوح في منطقة 30 دولارا.
وأكدت الدراسة أن دول العالم لا يمكن أن تستغني عن البترول المصدر إليها من دول الخليج، وأن الاستغناء لو حدث سيكون لفترات قصيرة، تعتمد في حينها تلك الدول على الاحتياطيات البترولية المتوافرة لديها التي تسد حاجتها ما بين 6 إلى 9 أشهر، وهو الأمر الذي قد يحدث عند حدوث حرب خلال الأعوام العشرين المقبلة في الخليج يمنع الدول في حينها من التصدير عبر مضيق هرمز، مشددة الدراسة على أن الغربيين يعتقدون أن اعتمادهم على البترول المصدر لهم من الخليج بمثابة الانتحار في المستقبل، كما أنهم يعتقدون أنه في غير مصلحتهم نظير أن تصبح مقدراتهم الاقتصادية في أيدي الآخرين.
وركزت الدراسة توقعاتها على أن المتوسط السنوي لسعر برميل البترول لن ينخفض خلال العام الجاري عن 50 دولارا، وخلال عام 2010 عن 65 دولارا، وفي عام 2025 عن 150 دولارا، مقارنة بالعام الماضي الذي سجل سعره المتوسط نحو 96 دولارا، متوقعاً أنه في حال حدوث نزاع مسلح في منطقة الخليج أن تقفز أسعار البترول تلقائياً وسيسجل سعر البرميل أكثر من 300 دولار، مرجعاً ذلك إلى أن أسعار البرميل شارفت على ملامسة 200 دولار خلال العام الماضي دون أن يكون هناك أي نزاع علني.
وترى الدراسة التي جاءت تحت عنوان "مستقبل دول الخليج الاقتصادي في ضوء الأزمة المالية العالمية"، إن 100 دولار متوسط سعر البرميل التي كان معمولا بها في عام 2008 تساوي في حجمها إذا ما تمت مقارنتها بحال التضخم الاقتصادي التي واكبت زيادة أسعار البترول وغيرها تلك التي كان معمولا بها في عام 1980 عندما كان سعر متوسط البرميل يبلغ نحو 35 دولارا، كاشفة أن الاحتياطيات البترولية الموجودة في الخليج تبلغ نحو 485 مليار برميل وهي توازي نحو 40 في المائة من حجم الإنتاج العالمي، وأن احتياطيات الغاز تبلغ 42 تريليون قدم مكعبة وهي توازي 23 في المائة من الاحتياطي العالمي، موضحة أن دول الخليج أنتجت في عام 2006 نحو ستة مليارات برميل، و196 مليون قدم مكعبة من الغاز، لافتة إلى أن نحو 18 إلى 20 برميل من البترول تمر من خليج هرمز بشكل يومي، مبينة أن السعودية تتصدر قائمة كبريات الدول المصدرة للبترول، تليها روسيا وإيران والإمارات والنرويج، وأن من كبريات الدول المستوردة: الولايات المتحدة واليابان والصين، وأن من المتوقع أن تكون الصين قد تجاوزت خلال العام الماضي دولة اليابان في حجم الاستيراد.