محللون: ارتفاع الاستهلاك يؤثر سلبا في الصادرات ودخل الاقتصاد

محللون: ارتفاع الاستهلاك يؤثر سلبا في الصادرات ودخل الاقتصاد
محللون: ارتفاع الاستهلاك يؤثر سلبا في الصادرات ودخل الاقتصاد

إيرادات الاقتصاد تتآكل بالاستهلاك المحلي

تشير بحوث ودراسات إلى أن هناك علاقة بين انخفاض أسعار البنزين وزيادة الازدحامات والاختناقات المرورية والحوادث والوفيات والتلوث. فكلما خفضنا سعر البنزين زادت الرحلات والاختناقات المرورية وكثرت الوفيات والتلوث البيئي، هذا ما يورده الدكتور عبد الله الفايز ضمن مشاركته اليوم في ملف الشهر حول أسعار المنتجات النفطية في المملكة.
في الوقت ذاته يتفق اقتصاديون أن الأسعار الحالية للوقود تشكل تهديدا حقيقيا لمستوى الصادرات وهذا يعني تأثيرا سلبيا في مداخيل الدولة. هنا يؤكد الاقتصاديون والمختصون في شؤون النفط أن تزايد وتيرة الاستهلاك المحلي للوقود تعاني بالتأكيد تناقص حصة الصادرات وبالتالي التأثير في مقومات الاقتصاد الكلي من جهة انخفاض عائدات الخزانة العامة من النفط الخام المصدر للأسواق الخارجية. لا بد من البحث عن حلول جذرية – كما يرى الاقتصاديون – لمعالجة الموقف قبل فوات الأوان، قد يكون الحل في تعديل الأسعار وربما يكون في جوانب أخرى، لكن الأهم هو إيجاد الحل.

اقر اقتصاديون ومحللون مختصون أن ارتفاع معدل الاستهلاك الحالي للوقود في المملكة يؤثر سلبا في مستوى الصادرات النفطية للسعودية، وبالتالي يؤثر في مداخيل الاقتصاد الوطني، مشيرين إلى أنه رغم المزايا التي يحققها انخفاض أسعار النفط في المرحلة الراهنة إلا أن ذلك سيحدث أثرا غير محمود وبعيد المدى في حال استمرار الاستهلاك على نفس النمط الراهن.

وبين الاقتصاديون خلال حديثهم لـ "الاقتصادية" أن تكلفة إنتاج الوقود أو استيراده لتغطية حجم الاستهلاك المتنامي هي أيضا تكلفة إضافية على الاقتصاد الوطني يمكن الاستغناء عنها بتقنين الاستهلاك وإيجاد البدائل الملائمة والقوانين المحفزة على الترشيد، لكي يتحقق الأثر الإيجابي لامتلاك المملكة لكميات كبيرة من النفط.

وهنا أوضح الدكتور خالد المانع المتخصص في الاقتصاديات الدولية أن الطلب على الطاقة في السعودية بشتى أنواعها ارتفع بمتوسط  يبلغ 5.6 في المائة سنويا خلال الفترة بين 2001 و2007 مقارنة بـ 3.6 في الفترة بين 1995 و2000 وهو الأمر الذي يدعو للتوقف لإعادة النظر في الأمر ودراسة حقيقة القيمة المضافة التي حدثت في الاقتصاد السعودي جراء هذه الأسعار المدعومة خلال الفترتين ومن ثم تقدير ما بعدها، وانعكاسها على صعيد القطاعات الأكثر أهمية مثل الصناعة والكهرباء والمياه والمقاولات والإنشاء.

وبين المانع أن استمرار هذه المعدلات من استهلاك الطاقة خصوصا الخام منه أمام المزيد من المشاريع الطموحة المزمع تنفيذها في السعودية، قد يلقي بأثر سلبي في الكميات المتاحة للتصدير مستقبلا وهو الأمر الأشد تأثيرا في الدخل القومي.

ويعتقد المانع أن علاج الأمر يتطلب السير على ثلاثة خطوط متوازية، يتمثل الخط الأول في إعادة تقييم استفادة الاقتصاد السعودي من هذا الدعم والتوقف عن دعم ما لا جدوى فيه شريطة ألا يكون ضروريا، وتبني سياسات جادة لترشيد استهلاك المشتقات في القطاعات المذكورة، إضافة إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية والنووية في الأغراض السلمية كإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، حيث بالإمكان توفير الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة بأسعار مناسبة، وقد أثبتت هذه الخيارات البديلة جدواها الاقتصادية أو غير الاقتصادية وانخفاض تكاليفها المباشرة وغير المباشرة.

ويذهب المانع إلى ضرورة أن تطول هذه الإصلاحات قطاع الأفراد سواء كان مواطنا أو مقيما على مستوى التوعية بأهمية الترشيد، بيد أنه في الوقت نفسه ليس مع ارتفاع رفع أسعار البنزين عليهم عبر ما يسمى إعادة تحرير الأسعار، وأرجع ذلك إلى عدم حل مشكلة عبر خلق مشكلة أكبر تثقل ميزانية المواطن، مما قد يؤثر في قطاعات الاستهلاك الأخرى في الاقتصاد، بينما الأمر يتم إيجاده من خلال العمل على الخطوط الثلاثة بالتوازي مع التوسع في إنشاء المصافي إلى الحد الذي يمكننا من تصدير الفائض، ولا سيما مع فجوة الطب على البنزين التي تقدر بقرابة 50 ألف برميل يوميا، والتي هي لا تزال تحت السيطرة على الأجل المتوسط.
#2#
وهنا يقول المانع" إن انخفاض تكلفة المشتقات النفطية يؤثر بالإيجاب في الاقتصاد السعودي من حيث مساهمة ذلك في خفض تكاليف الإنتاج "التكاليف المتغيرة" بالنسبة للمصانع وغيرها,الأمر الذي يعطي الصناعات المحلية ميزة إضافية تساعدها على المنافسة، ناهيك عن أنها تعطي الاقتصاد السعودي ميزة تنافسية متمثلة في انخفاض تكاليف الوقود، مقارنة باقتصادات دول أخرى عديدة على صعيد الاستثمار الأجنبي، إضافة إلى عوامل أخرى.

وأضاف الدكتور المانع أنه على مستوى الأفراد الذين يتركز استهلاكهم المباشر منها من خلال سلعة البنزين وربما الديزل بالنسبة للمزارعين الأفراد، فلاشك أن الأسعار المنخفضة والرخيصة تؤدي إلى ارتفاع دخلهم الحقيقي كونهم ينفقون عليها مبلغا أقل مقارنة بدول مجاورة.

برنامج وطني للترشيد

من جهته، أكد ناصر السبيعي ـ خبير نفطي ـ ضرورة بناء برنامج وطني لترشيد استهلاك الطاقة يراعي وضع المملكة ومرحلة النمو التي تمر بها وضرورة الاستخدام الأمثل للطاقة في القطاعات المختلفة بما يعكس التكلفة الحقيقية للموارد البترولية واستمرارها للأجيال المقبلة، مبينا أن المطالب بتحرير سوق المنتجات النفطية داخليا ترمي إلى الترشيد في استهلاك الطاقة، وأضاف السبيعي أنه لطالما أن السعودية تشهد نموا طبيعيا، يتعين عليها التوسع في توفير المنتجات النفطية محليا.

الحراك الاقتصادي السبب

على الجانب الآخر قال عبيد الله الغامدي رئيس المركز العربي لتقنية الوقود إن ارتفاع معدلات استهلاك المنتجات البترولية هو مؤشر جيد على قوة الاقتصاد السعودي، ويدل على أن وضع المملكة الاقتصادي مشجع جدا، وهو أقل الاقتصادات تأثرا بالأزمة المالية العالمية، وطالما أن الاقتصاد السعودي جيد، لا بد أن يكون هنالك حراك ونشاط يؤديان إلى ارتفاع معدل استهلاك المنتجات البترولية.

وأضاف الغامدي أن الأسعار منخفضة منذ فترة طويلة، وهي ليست المحرك لارتفاع معدل الاستهلاك، إنما النشاط الاقتصادي الكبير الذي تشهده السعودية هو السبب الحقيقي في ارتفاع معدل الاستهلاك، مؤكدا أن أسعار المنتجات النفطية السعودية منخفضة جدا في السوق المحلية، ويتضح ذلك بمقارنتها بدول العالم الأخرى، ولا سيما دول الخليج الغنية بالنفط، وهو ما يساعد على الحركة الاقتصادية.

وقال رئيس المركز العربي لتقنية الوقود إن مصافي النفط المملوكة لشركة أرامكو السعودية لديها إنتاج كاف، وهي تصدر الفائض للأسواق الخارجية بعد تغطية الطلب المحلي، مشيرا إلى أن السعودية لديها طاقة كبيرة في مصافي النفط، إذ إن مصفاة رأس تنورة وحدها تعالج 550 ألف برميل في اليوم، وهذه طاقة كبيرة جدا، إضافة إلى المصافي في المناطق الأخرى، وأن شركة أرامكو السعودية تملك التخطيط ولديها القدرة البشرية والمالية، وتتم التغطية من المصافي الأخرى أو من برامج الخزن الاستراتيجي في حال حدوث نقص أو برمجة صيانة دورية لإحدى مصافي النفط.

الأكثر قراءة