هل من مساكن لأوقات الكوارث؟!
يتعرض جزء من بلادنا الغالية هذه الأيام لهزات زلزالية، بلغت قوتها في مركز العيص منتصف ليلة الخميس الماضي 19 (جمادي الأولى) أربع درجات على مقياس ريختر (حسب ما أوردته الصحف المحلية)، مما دفع ببعض الأسر إلى ترك مساكنها والإنتقال إلى مخيمات الإخلاء. ويتأثر في كل عام مئات الآلاف من الناس وأحياناً الملايين بسبب الكوارث الطبيعية حول العالم، وفي بعض الحالات بسبب الحوادث البيئية المفاجئة، والتي تجعل المتضررين في الغالب بلا مأوى، وفي حاجة ماسة إلى الحصول على المؤن المعيشية، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة، علماً بأن سلبياتها تظهر بعد ساعات قليلة من حدوثها. ويصعب في أكثر الحالات التنبؤ بوقت وقوع الكوارث أو الحوادث، أو ما يمكن أن تخلفه من أضرار، على الرغم من أن تأثيراتها السلبية تنال جميع قطاعات المجتمع، وهو ما يترك للمسؤولين عن إدارة مواجهة الكوارث القليل من الوقت لاتخاذ القرارات وتلافي السلبيات واقتراح المعالجات.
ويُعدُّ توفير الطعام والعلاج والمستلزمات الطبية اللازمة من أولويات إدارة عمليات الإسعاف والإنقاذ والإغاثة اللازمة في أوقات الكوارث، كما أن توفير المأوى يأتي ضمن قائمة هذه الأولويات، فلا يمكن ترك البشر في العراء يتعرضون لمختلف الظروف المناخية، سواء كانت برودة الشتاء ورياحه القارسة، أو حرارة الصيف وشمسه الحارقة، أو تحت الأمطار أو العواصف الترابية من دون مأوى؛ لذا يلزم الاستعداد بتوفير مساكن مؤقتة أو مأوى لأوقات الطوارئ.
وتعد الخيام بمختلف أشكالها والمواد المصنوعة منها أكثر المآوي استخداماً في أوقات الكوارث، ولكن نظراً لعمرها الافتراضي القصير جداً، وعجزها عن مقاومة تأثيرات العوامل المناخية، وعدم بقائها صالحة للاستخدام طوال الفترة اللازمة لبناء مساكن دائمة للمتضررين؛ فإن ذلك يدفعنا إلى التفكير بجدٍّ لتطوير مساكن مؤقـتة لإيواء المتضررين في أوقات الكوارث تكون ذات عمر افتراضي أطول من العمر الافتراضي للخيام، وأن يتم تطويرها من خلال التعاون بين مراكز البحث العلمي في الجامعات، وقطاع صناعة مواد البناء، والقطاعات الحكومية المعنية بأعمال الإغاثة وإدارة مواجهة الكوارث.
ويوجد عدد من الاعتبارات التصميمية والموجهات الفنية التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند صياغة الأفكار التصميمية لنماذج المساكن المؤقتة لإيواء المتضررين في أوقات الكوارث أو عند تطويرها وتصنيعها، ومنها ما يلي:
أن يكون شكل المأوى بسيطاً ويتألف من عدد قليل من
الأجزاء.
أن تحفظ جميع الأجزاء في طرد واحد ذي وزن ومقاس مناسبين يجعلان تخزينه ونقلة سهلاً من دون الحاجة إلى استخدام المعدات الثقيلة؛ لتقل بذلك تكلفة تخزينه ونقله.
أن يمكن تجميع أجزائه بيسر وسهولة من قبل الأفراد دون الحاجة إلى أدوات أو أجهزة متخصصة، وأن يصبح بعد تجميعه منشأة متماسكة ومتينة.
أن يوفر الحماية الكاملة للسكان من المؤثرات الخارجية، والأمن والسلامة في ذاته.
أن يستوعب التمديدات الكهربائية والصحية البسيطة.
أن يوفر العزل الحراري والمائي الجيد.
أن يصنع من مواد تقاوم التآكل بفعل الزمن أو الحشرات، أو التحلل بفعل الرطوبة أو الحرارة أو غيرها من المؤثرات.
أن يمكن إنتاجه بالجملة وبكميات كبيرة وفي وقت قصير.
حمى الله بلادنا وجميع بلاد المسلمين - بفضله وكرمه ومنِّه - من شر الكوارث والحوادث والمحن، ولكن يبقى التخطيط الاستراتيجي من مقومات نجاح الأمم.