محاور القوة الاقتصادية للمطارات الشهيرة عالميا

المطارات اليوم عبارة عن منشآت حضارية واقتصادية واستثمارية وخدمية ضخمة . فقد أكد التقرير الأخير الصادر عن مجلس المطارات الدولي بجنيف في آخر إحصائية له عام 2007 أن مطارات العالم عبرها أكثر من 4.8 مليار مسافر و88.5 مليون طن متري من حيث الشحن الجوي، وبلغت الحركة الجوية 76.4 مليون حركة جوية؛ مما يدل على الريادة الاقتصادية المنوطة بالمطار لينهض باقتصاد الدولة بشكل غير مباشر باعتباره حلقة من حلقات المواصلات السريعة والضرورية التي تخدم كافة القطاعات في الدولة، والتي من دونها قد تتباطأ النهضة والتنمية بشتى صورها وأشكالها إن لم يصب بعضها بالشلل أو بشكل مباشر والذي ينعكس فيما يحققه من موارد مالية واقتصادية خاصة بالمطار ذاته وهو مقصد موضوعنا البحثي هذا. فالمطارات المشهورة عالمياً تتميز عن غيرها بكثرة ازدحام صالاتها بالمسافرين وساحاتها تعج بحركة الطائرات وأبوابها ومواقفها مزدحمة بالشاحنات والسيارات، وما ينتج عن هذا التميز من رسوم وضرائب وتشغيل تجاري للمطار بما يكفل موارد مالية عالية للمطار. فالموارد المالية النابعة من تلك المحاور (المسافر - الطائرة - الشحن الجوي) تأتي من الرسوم المفروضة على هبوط الطائرات وعلى المسافرين المغادرين المطار، بل إن بعض المطارات تتجاوز هذه الرسوم وتفرض رسوما إضافية تكون بسيطة أو رمزية على المسافرين الذين يستخدمون المطار كنقطة تحول لوجهة أخرى كمطار أمستردام ومطار فينا ومطار كوبنهاجن، بل إن بعض المطارات وصل بها الأمر أنها ترفع وتزيد رسوم المسافرين والهبوط وقت الذروة والصيف أي وقت ازدياد الحركة الجوية وأعداد المسافرين كمطار لوتن ومطار مانشستر في بريطانيا, إضافة إلى الرسوم الناتجة من عمليات تشغيل الطائرة للمطار كرسوم وقوف الطائرة في المطار, وكذلك رسوم استخدام الصالات في المطار, والرسوم الأمنية في المطار, وأيضاً هناك رسوم مستقلة في بعض المطارات خاصة بالتسهيلات والخدمات في المطار, وحمولات الشحن والمصادر التجارية المتولدة من النشاطات التجارية كإيجارات مساحات الصالات، وخصوصا تلك المتعلقة بالصالات لأنها اليوم أصبحت موردا ماليا كبيرا للمطار فهي تستخدم كمدن تسويقية للمسافرين, وأيضا رسوم أرض المطار كرسوم التراخيص والإيجارات والمبيعات المباشرة من المشغل (التموين, المتاجر, الخدمات المقدمة بواسطة مشغل المطار) ومواقف السيارات إذا كانت بواسطة المشغل مباشرة وإعادة شحن وتعبئة الغاز والكهرباء والماء, وبزيادة وتنوع وتعدد ضرائب ورسوم المطار ينهض المطار بنفسه ماليا واقتصاديا، ونقصانها يهبط بالمطار ماليا، وزيادة وتنوع رسوم وضرائب المطار مرتبط بزيادة المحاور السابقة الذكر (المسافر - الطائرة - الشحن الجوي)؛ أي أن جوهر اقتصاد المطار هو الثلاثية السابقة؛ وسأتناول مستعينا بالله عددا من المطارات الشهيرة مع تسليط الضوء على مبررات شهرتها ونجاحها معتمدين بعد الله في الإحصائيات على آخر إحصائية وهي عام 2007م وهي كالتالي:
أولا: مطار أتلانتا ATL في ولاية جورجيا في مدينة أتلانتا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ عدد المسافرين العابرين لهذا المطار في عام واحد سنة 2006م أكثر من تسعة وثمانين مليون مسافر، أي أنه احتل المرتبة الأولى على جميع مطارات العالم بسبب هذا المحور (المسافرين)، فتدفق أعداد المسافرين أعطاه الصدارة على بقية مطارات العالم لهذا المحور, وأيضاً تصدر المطار بقية المطارات العالمية من حيث محور الحركة الجوية التي بلغت أكثر من تسعمائة وأربع وتسعين حركة جوية (994346).
ثانيا: مطار شيكاغو ORD في مدينة شيكاغو الأمريكية ويحتل المرتبة الثانية من حيث محور (المسافر) , فقد بلغ أعداد المسافرين أكثر من ستة وسبعين مليون مسافر؛ وأيضا احتل المرتبة الثانية بعد مطار أتلانتا من حيث محور الحركة الجوية التي بلغت قرابة تسعمائة وسبعة وعشرين ألف حركة جوية.
ثالثا: مطار هيثرو LHR بمدينة لندن العاصمة البريطانية ويأتي المطار في المركز الثالث، حيث بلغ عدد المسافرين أكثر من ثمانية وستين مليون ونصف المليون مسافر، ويتميز بأنه يأتي في مقدمة مطارات العالم من حيث أعداد المسافرين الدوليين الذين تجاوزوا اثنين وستين مليون مسافر دولي.
رابعا: مطار طوكيو HND في اليابان وأهم ما يتميز به أنه يعد رابع مطار في العالم من حيث محور تدفق المسافرين الذين اقتربوا من سبعة وستين مليون مسافر.
خامسا: مطار ممفيس MEM الدولي في مدينة ممفيس بولاية تينيسي بالولايات المتحدة الأمريكية، وتصدر هذا المطار المرتبة الأولى على مطارات العالم من حيث محور الشحن الجوي، الذي اقترب من أربعة ملايين طن متري؛ والسر في تفوق المطار في هذا المحور هو أنه يقع في مدينة تجارية وصناعية كبيرة، إذ يتم شحن أكثر من 12 مليون طن متري من البضائع في العام إلى جميع أرجاء العالم، وتتميز مدينة ممفيس أيضاً بالصناعات التحويلية الرئيسية مثل المواد الكيميائية، والأغذية والمنتجات الغذائية، والورق والمنتجات ذات العلاقة، والأجهزة الكهربائية، والآلات غير الكهربائية، والخشب والمنتجات الخشبية، إضافة إلى صناعة الخدمات التي تؤدي دوراً مهماً في اقتصاد المدينة.
سادسا: مطار هونج كونج الصيني تفوق في هذا المحور (الشحن الجوي)، الذي بلغ قرابة ثلاثة ملايين وثلاثة أرباع مليون طن متري.
سابعا: مطار انكوراج في ولاية ألاسكا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث سجل الشحن الجوي في المطار قرابة ثلاثة ملايين طن متري؛ حيث إن الولاية تتصدر صناعة صيد الأسماك عن بقية الولايات الأخرى، ومن أهم موانئ صيد الأسماك انكوراج، ومن أهم صناعات معالجة الأغذية في ولاية آلاسكا صناعة تعليب وتجميد الأسماك.
ثامنا: مطار شانغهاي الذي سجل أكبر نسبة نمو شحن جوي عن العام السابق (2006م) بين مطارات العالم والتي كانت (18 في المائة)، ووصل معدل الشحن الجوي في المطار إلى أكثر من مليونين ونصف مليون طن متري؛ فعوامل الاكتظاظ السكاني الذي اقترب من اثنين وثلاثين مليون نسمة، والاقتصاد والموقع الجغرافي اللذان تتمتع بهما المدينة، إضافة إلى أن المدينة تعد من أكبر أقطاب الصناعة في الصين ساعد المطار في تحقيق هذا النجاح المتميز وأكسبه شهرة عالمية.
يتبين لنا من خلال الدراسة أن مرتكزات تفوق شهرة ونجاح المطارات الاقتصادية هي محاور (المسافر - الطائرة - الشحن الجوي) فهي سر قوة المطار المالية؛ علاوة على ذلك فإن هذه المطارات تتميز بالقوة التشغيلية لها وبجودة الخدمة والخدمات، إضافة للتسهيلات المالية والإدارية التي تمتلكها تلك المطارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي