المزاج .. يحكم القبول؟!
يزداد ألمي كلما سمعت عن متفوق في الثانوية العامة قد ذهب ضحية لبيروقراطية الجامعات السعودية، وتنظيراتها المضرة في عملية القبول،.فمن يحصل على معدل عال يفوق التسعين في المائة هو في إطار الحيرة والغم، لأن الأمر مرتبط بما تريده الجامعة ..لا ما يريده أو يرغبه هو ، فالطالبة التي تحصل على 97 في المائة وترغب "مثلا" بطب الأسنان، أو حتى الحاسب الآلي، فوراً يتم توجيهها لكليات العلوم أو الآداب، والسبب أن كمبيوتر الجامعة أو عمادة القبول فيها تريد إرغام المتقدمين على ما تريد، لا ما تريد هذه المتفوقة، ولن يبلغ مبتغاه إلا من يملك الواسطة أو صاحب السعي الحثيث الذي لا يقف عند كل الألغام والمعوقات التي ترمى أمام رغبات الطلاب حسب نسبهم .
قضية الطالب خالد الشلهوب التي عرضت بالصحف وهو صاحب النسبة التي تفوق الـ 99 في المائة هي قضية واحدة من آلاف القضايا التي تكشف عمليات التوجيه العشوائي، وأحسب أن حتى اختبارات القياس المشار إليها تدخل في إطار التطفيش وحصر التخصصات الثمينة لمن يراد ضمهم .. لا لمن يستحقون !!.
مع ذلك هناك سؤال مهم في المسألة فحواه: أن الطالب أو الطالبة الذي يحصل على معدل عال جدا في اختبارات الثانوية العامة، بأي وسيلة حصل عليه ؟.. ألم يتسن ذلك بواسطة ذكاء واجتهاد وتميز جعلته في حال أفضل عن كثيرين،مما يتيح له فرص الاختيار الأكبر للتخصص الذي يريده؟.
هذا التميز الذي عانيناه لدى جامعتنا سبيل للإحباط والأسى فعندما لا يجد هذا المجتهد التقدير الذي يستحقه من خلال قبوله ومن ثم التحاقه بالتخصص الذي يريده.. "وسط تجاهل تام لطموح هؤلاء الطلبة وتطلعاتهم"، فإن الموضوعية والعدل قد اختفيا .. لذا كانت المقولة السائدة بين الشباب والشابات والتي ترمي إلى أن "الضعيف والمتميز أصبحا في أهواء القبول الجامعي سواء" مقولة صحيحة وتشي بالكثير من الألم والإحباط ليس للطلاب المتفوقين وحدهم بل للمجتمع ككل.
نحن هنا لا نشير إلى أن على الجامعات أن تقبل كل المتقدمين وبكل التخصصات، لأنه من الصعب تحقيق ذلك وفقاً للطاقة الاستيعابية لكل كلية .. لكن لماذا لا نتحدث عن الطاقة الاستيعابية إلا حين فترات القبول؟وهل الطاقة الاستيعابية معنية فقط بالمتميزين المتفوقين؟ .. وأين وزارة التعليم العالي منه؟، وهل عنيت هذه الوزارة بدراسات وخطط ؟ لاسيما وأن الطلبة المتفوقين جداً يزدادون عدداً سنة بعد أخرى ومن حقهم أن ينالوا التخصص الذي يريدونه؟ .. لا أن يفرض عليهم فرضاً!.
وأحسب أن توجه وزارة التعليم العالي ومعها جامعاتها، وفق ما يتم عمله مع الخريجين يناقض الأهداف السامية المعنية بتنمية المجتمع، والاستفادة من الطاقات المتميزة لأبنائه.
لابد أن تعيد الجامعات ومعها الوزارة النظر في سياساتها المتبعة حالياً فيما يخص القبول .. وأشد ما أخشى أن تتمادى إجراءات القبول لكي تصل إلى طريقة الأرقام التي تعلن عبر الصحف وتستخدم من قبل بعض الكليات العسكرية لإعلان المقبولين في كلياتها ، تلك التي تحمل من السرية والضبابية الشيء الكثير وفيها لا يعلم المتفوق أن بليداً قد أخذ موقعه.. لأن صاحب الرقم غير معروف، وبالتالي التقدير الدرجاتي غير معروف أيضاً!!.