أثر (المعدة) في حضارة الإنسان
عثر أخيرا علماء اللامعقول على كنز عظيم " من النظريات والحكم" وذلك بعد بحوث مضنية ولأجل الإنسانية وحب البشرية وتمسكا بالمواثيق الدولية، تقرر "تدويل تلك النظريات وعدم احتكارها".
والنظرية الأولى تقول: إن (معدة الإنسان هي بؤرة مشاكله كلها، وحول هذه البؤرة تلتوي كل عقده النفسية.. فمعدته سر شقائه.. ومصدر متاعبه وأسباب حضارته.. إلخ) والبرهان كالتالي:
بما أن الإنسان يحس بالجوع.. إذن يبحث عن الطعام.. فإذا وجد الطعام وامتلأت معدته فإن معدته تضغط على الحجاب الحاجز الذي يضغط بدوره على "القلب"... ويصبح القلب بعد ذلك منطقة مكشوفة للسهام العاطفية. كما قال شاعر شعبي ساخر...
إذا امتلأ بطني ذكرت أريش العين وإلا ما هو حبه لزوم عليه
وقيل إن (الحب) عند النساء في "الأفئدة" بينما الحب عند الرجال في (المعدة).
فإذا أصيب القلب بسهم مباشر انطلقت شرارة "حبجرافية" وفجرت "الأيونات العاطفية" فتندفع العواطف كالنهر روافده (الشعر.. والفن.. والإبداع)... حيث يصب أخيرا... في (بحر الزواج)، وعندئذ تذوب تلك الأيونات العاطفية ويفقد القلب سيطرته ويسلمها "للعقل"... وبين نشاط العقل وتفكيره وتقديره وتدبيره وبين اندفاع القلب وفتوته نشأت حضارات الإنسان وتراثه وتقاليده... في جميع أطوار التاريخ.
إذن الحضارة و"توابعها" متوقفة على "معدة الإنسان" فإذا لم يجد الإنسان ما يأكله فسيرفض حتما أن يموت جوعا بسهولة.. لذلك سيحتال أو يكذب أو يسرق أو يفسق أو يقتل وسيرتكب كل الموبقات - إلا من عصمه الله – ولهذا وجدت المحاكم والسجون.. هذا إذا كان الجوع في حالات فردية.. أما إذا كان بشكل جماعي فإن القوم سيبحثون عن "زعيم" يقودهم إلى الأماكن المجاورة الغنية يقتلون ويفتحون ولن يبخل عليهم التاريخ بالألقاب البطولية... من هذا نستدل أن "معدة الإنسان" هي أيضا سبب رئيسي وقاسم ومشترك في كل "أسباب الحروب في التاريخ" (وخيرات الله كثيرة.. ولكن جشع الإنسان هو الذي يقلل بركة تلك الخيرات)... وتحاول تلك النظرية السالفة الذكر أن توجد حلا لهذه المشكلات المتشابكة... وذلك أن يملأ الإنسان "معدته" بالتراب وماء البحر فقد، و و و... وإذا رفضت معدته هضم التراب عندئذ يتم استئصال المعدة والأمعاء كما يستأصل المصران الأعور حتى لا نطبق عليه قول الشاعر:
الحر عبد إن طمــع والعبد حر إن قنـع
والوغد ليث إن (شبع) وهو كالكلب إن شبع
وإلى اللقاء في آخر اكتشافات اللامعقول.