صياغة العقود العقارية

[email protected]

من الحقائق الغريبة أن بعض العقود العقارية لبعض المشاريع الضخمة والبيوع ذات المبالغ الكبيرة كتبت بعبارة بسيطة ومواد غير دقيقة لا تزيد عن صفحة أو صفحتين نتج عن بعضها الكثير من الإشكالات, وقد يكون من أسباب ذلك أنها صيغت في فترة لم يكن للمحامين دور كبير في صياغة مثل هذه العقود, كما أن الثقة بين الأطراف في زمانات ماضية أوجبت مثل هذه الصياغات البسيطة, ومن جهة ثالثة فإن طبيعة بعض تلك العقود تفرض مثل هذه الصياغات، حيث لم يرد عليها تعقيد البيوعات الحديثة والتراكيب المتعددة من أكثر من صيغة, والشروط والضمانات التي لا تخلو منها العقود الحالية.
وعلى كل حال فلابد في صياغة العقود أن تضمن أركان البيع وشروطه وألا يرد فيها شيء من موانعه الموجبة لإبطاله, ولا يمكن هنا أن نعدد العقود وصياغاتها وإنما أشير إلى أهم المواد التي تضمن في العقود والصياغة الأنسب لها – حسب رأيي -, فمن ذلك: ذكر العاقدين "البائع والمشتري", وهو دائما ما يكون في بداية العقد, ويذكر ما يدل عليهما ويميزهما عن غيرهما بوضوح, حيث يكون اسم كل منهما كاملا ورقم هوية كل منهما في حال التشابه, ومما يرتبط بذلك النص على اسم النائب عنهما أو عن أحدهما سواء كان وكيلا أو وليا أو ناظرا ويذكر رقم الوثيقة وتاريخها ومصدرها بعد تأكد الطرف الثاني من صحتها ودلالتها على النيابة في هذا العقد, ومن ذلك أيضا التصريح بالبيع والشراء بالإيجاب والقبول أو ما يدل عليهما, وهو ما يصرح عنه الفقهاء بـ "الصيغة", ومن الصيغ لذلك: "باع الطرف الأول على الطرف الثاني العقار المذكور في التمهيد أعلاه بمبلغ إجمالي قدره ( )، وقد قبل الطرف الثاني ذلك وبالثمن المذكور", ومن ذلك: أن يتم وصف العقار وصفا مفصلا ويذكر وثيقة تملكه بعد تأكد المشتري من صحتها بالطرق المناسبة، وقد أشرت لذلك في مقال سابق, كما يذكر معاينة المشتري له, ومن الصيغ لذلك: "أقر الطرف الثاني أنه قد عاين العقار الموصوف بعاليه معاينة نافية للجهالة والغرر والتدليس وقبل شراءه بحالته التي هو عليها وفق شروط هذا العقد", كما لابد من ذكر الثمن الإجمالي للمبيع وكيفية تسليمه فإن كان مقسطا فلا بد من ذكر الآجال وقدرها, كما من الأفضل أن يتم إشهاد شخصين محايدين على العقد للرجوع إليهما عند الحاجة.
وهناك بعض المواد التي لا تفيد كثيرا في العقود, مثل أول مادة في الكثير من العقود إن لم يكن فيها كلها, ونصها: " يعتبر التمهيد المذكور أعلاه جزءا لا يتجزأ من هذا العقد ومفسرا ومكملا له", لأن الحكم الوارد فيه من تحصيل الحاصل فلا يمكن تصور ألا يكون التمهيد كذلك مع أنه من صلب العقد بل هو صدره وأوله والمتضمن أسماء المتعاقدين, ومثل: "في حال ثبت أن تملك الطرف الأول للعقار غير صحيح أو ورد عليه ما يمنع كامل التصرف فيه فللطرف الثاني فسخ العقد والرجوع على الطرف الأول بالثمن", لأن القواعد العامة في الفقه تكفل هذا الأمر ولو لم ينص عليه في العقد, ولم أقصد ألا يتم إيراد مثل هذه المواد ولكن يلزم ألا يصرف فيها وقت طويل على حساب المواد الأساسية في العقد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي