من رسائل القراء (أطباء الامتياز يشكون ويندبون حظهم)

[email protected]

في هذا المقال أعرض إحدى الرسائل التي وصلتني عبر البريد الإلكتروني لأحد أطباء الامتياز والذي رمز لأسمه بـ "لؤي". سأورد الرسالة كما وصلتني وأمل الرد عليها من ذوي الاختصاص. في المقالات المقبلة سأورد التعليقات والردود. لا أعلم فيما إذا سبق نشر هذا المقال في مكان آخر.
الرسالة التي وصلتني تقول: "أنا طبيب امتياز سعودي تخرجت من الثانوية قبل سبع سنوات تقريبا بنسبة 98 في المائة، بعد جد واجتهاد وسهر ومدرسين خصوصيين وضغط نفسي لكي أدخل كلية الطب، مع العلم أنني قدمت على كليات عسكرية وغيرها وجميعها ولله الحمد تم قبولي فيها".
قدر الله علي ودخلت كلية الطب وكانت في غاية الصعوبة والجدية والضغط النفسي والاجتماعي بسبب طول فترة الدوام وكثرة الدراسة والاختبارات. دخلت الكلية لأني أحب هذا التخصص والحمد لله استمررت في الكلية مع وجود بعض الصعوبات والعقبات.
صعقت قبل سنتين بقرار تقليص وتخفيض رواتب أطباء الامتياز والكليات الصحية الأخرى الذي ترافق مع رفع رواتب جميع الموظفين بـ 15 في المائة وتخفيض رواتبنا بـ 50 في المائة تقريبا، وتزامن هذا القرار مع تجاوز النفط 60 دولارا للبرميل وارتفاع تكاليف المعيشة.
بعد سماع هذا القرار لم أصدقه في البداية لعدم وجود مبرر واحد لاتخاذ مثل هذا القرار.
شعرت بأني غبي ومغفل لدخولي هذه الكلية وهذا التخصص المتعب وأنا أرى زملائي الذين تخرجوا قبل سبع سنوات وهم أقل مني معدلا دخلوا كليات عسكرية وحاسب آلي وهندسة وغيرها من الكليات قصيرة المدة وتخرجوا وتزوجوا ورواتبهم أكثر مني بكثير حيث ارتفعت جميع رواتب الموظفين ماعدا رواتب الأطباء!!
أنا لا أحسد أحدا، والله يوفقهم جميعا، ولكن ليس من العدل ما يحصل لنا.
شعرت بأني غير مرغوب فيه وأن جهدي واجتهادي لمدة سبع سنوات، لخدمة هذا البلد الذي تجاوز الأطباء الأجانب فيه 80 في المائة، بينما الطبيب السعودي يفاجأ بقرار محبط كل يوم. وهذا سيؤدي إلى قلة الإقبال على كليات الطب بصفة خاصة والكليات الصحية بصفة عامة في ظل وجود هذه الظروف المحبطة. أدعو جميع زملائي من الأطباء المميزين إلى البحث عن تخصصات أخرى من خلالها يمكن أن يقدر تعبهم ومكانتهم وجدهم واجتهادهم. فقد ضيعوا أحلى أيام عمرهم في التحصيل العلمي المميز والذي من خلاله يخدمون وطنهم، ولكنهم حرموا أنفسهم أشياء كثيرة من أجل هذا الهدف السامي.
ليس عيبا أن أعمل في دولة أخرى تقدر ما أقوم به وتمنحني مميزات بخلت وزارة الصحة في تقديمها لي وأنا أستحقها.
هناك نقص حاد في التخصصات الصحية في جميع دول الخليج وهناك دول ترحب بالأطباء المتفوقين كالولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا وتقدم لهم مميزات جيدة وتدريبا جيدا، حيث إن التخصصات الطبية مطلوبة في معظم دول العالم.
الوطنية وحب الوطن موجود ولكن حبي لعائلتي ولأبنائي ومستقبلي أيضا مهم بالنسبة لي. جميع دول العالم تقدر الطبيب وتمنحه مميزات شتى ليكتفي هو وأسرته، لكي يتفرغ لعمله. رواتب الأطباء في كثير من دول العالم أكثر بكثير منا، ففي الكويت - على سبيل المثال - راتب طبيب الامتياز نحو 22 ألف ريال وقس على ذلك بقية دول الخليج.
أنا لا أريد أن يفهم كلامي بأني أبحث فقط عن المادة ولكن أريد لو جزء بسيط من حقي أنا وزملائي ممن تعبوا واجتهدوا ودخلوا هذا التخصص الحيوي. كنت أتمنى معرفة هذا الحدث (تخفيض الرواتب) قبل أن يقع الفأس في الرأس. ولكنني متأكد أن هذا القرار سوف يؤثر في الأطباء السعوديين في المستقبل، فقد يجعل الكثير منهم يذهب إلى دراسة الطب أو العمل بعد التخرج في الخارج. وهذا سيؤدي إلى هجرة العقول والتي نحن بأشد الحاجة إليها. يجب عدم لوم الطبيب والطلب منه أكثر من استطاعته.
هناك ظاهرة تلام عليها وزارة الصحة والجهات المسؤولة، حيث إن الطبيب الرخيص أصبح هو الهدف، وليست الكفاءة ولا التميز. وهذا بدوره سيؤدي إلى أخطاء طبية قاتلة كما نسمع عنه كل يوم. وهذا سببه المستوى المتدني للأطباء والشهادات الطبية المزورة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي