هل يجوز لمكتب استشارات اقتصادية تقديم استشارات قانونية؟!
نشر أحد مكاتب الاستشارات الاقتصادية إعلاناً بتاريخ 16/5/1428هـ الموافق 2/6/2007م، في إحدى الصحف المحلية يتضمن التعريف بالخدمات التي يقدمها هذا المكتب. ولفت نظري أن الإعلان تضمن أن المكتب يقدم استشارات متنوعة في مجالات محددة منها (الاستشارات القانونية).
والمعروف أن الاستشارات القانونية تدخل ضمن أعمال مهنة المحاماة طبقاً للمادة الأولى من نظام المحاماة، حيث نصت بأنه (يقصد بمهنة المحاماة في هذا النظام الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلية في اختصاصها. ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية. ويسمى من يزاول هذه المهنة محامياً ..). والمعروف أيضاً أنه لا يجوز لأي شخص ممارسة مهنة المحاماة إلا إذا توافرت لديه شروط مزاولة المهنة التي حددتها المادة الثالثة من نظام المحاماة وحصل على ترخيص من وزارة العدل.
ولذلك يصح التساؤل على أي أساس يزعم مكتب استشارات اقتصادية أن خدماته تشمل تقديم الاستشارات القانونية؟! .. الأمر في تقديري، لا يخلو من احتمالين. الاحتمال الأول: أن صاحب مكتب الاستشارات الاقتصادية، ناشر الإعلان، لديه المؤهلات اللازمة لممارسة مهنة المحاماة وحصل بموجبها على ترخيص من وزارة العدل لممارسة هذه المهنة، فضلاً عن حصوله على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة بمزاولة مهنة (الاستشارات الاقتصادية) أي أنه جمع بين المهنتين. ولا تثريب عليه من هذا الجمع لأن الفقرة (ب) من المادة (3/1) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة أجازت الجمع بين مهنة المحاماة والمهن الحرة التي لا تتعارض مع طبيعة مهنة المحاماة. وفي تقديري لا يوجد تعارض بين طبيعة مهنة المحاماة ومهنة الاستشارات الاقتصادية. وبالرغم من أنه يمكن الجمع بين المهنتين المذكورتين إلا أن هذا الإعلان قد اكتنفه خطآن، الأول أنه ليس من الجائز لمكتب استشارات اقتصادية أن يعلن أن خدماته تشمل تقديم الاستشارات القانونية، فهذا المكتب محصور نشاطه في المجال الاقتصادي فقط ولا يجوز له أن يتجاوزه إلى أي مجال آخر، كما أنه ليس من الجائز للمحامي الذي يجمع بين هاتين المهنتين أن يقدم (الاستشارات القانونية) من خلال مكتبه الخاص بمهنة (الاستشارات الاقتصادية). فالاستشارات القانونية باعتبارها عملاً من أعمال المحاماة يجب أن تقدم من خلال مكتب محاماة مستقل إعمالاً لمقتضيات المادة (21) من نظام المحاماة. والخطأ الثاني أن الإعلان بهذه الكيفية عن تقديم الاستشارات القانونية لا يتفق مع المادة (13/6) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة التي تحظر على المحامي أن يعلن عن نفسه بشكل دعائي في أي وسيلة إعلانية.
والاحتمال الثاني: أن صاحب مكتب الاستشارات الاقتصادية، ناشر الإعلان، لم يحصل من وزارة العدل على ترخيص بممارسة مهنة المحاماة، وبالتالي لم يكن جائزاً له أن يضمن إعلانه بأن خدمات مكتبه تشمل تقديم (الاستشارات القانونية). وهنا تجدر الإشارة إلى أن المادة (37) من نظام المحاماة قررت بأن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن 30 ألف ريال أو بهما معاً كل من انتحل صفة المحامي أو مارس مهنة المحاماة خلافاً لأحكام هذا النظام. وأوضحت المادة (37/1) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة الأفعال التي تجعل الشخص منتحلاً صفة المحامي حيث نصت على ما يلي:
(يكون الشخص منتحلاً صفة المحامي إذا قام بعمل يجعل له صفة المحامي ومن ذلك: فتح مكتب لاستقبال قضايا الترافع والاستشارات أو الإشارة في مطبوعات إلى نفسه بصفة المحامي).
ولا شك أن أي شخص غير مرخص له نظاماً بمزاولة مهنة المحاماة يقوم بتقديم الاستشارات القانونية من خلال مكتب استشارات اقتصادية أو مكتب أي مهنة حرة أخرى، يكون قد ارتكب عملين غير مشروعين بسلوك واحد. الأول انتحال صفة المحامي، والثاني ممارسة مهنة المحاماة خلافاً لأحكام نظام المحاماة ولائحته التنفيذية.
والمأمول من الإدارة العامة للمحاماة في وزارة العدل أن تراقب الإعلانات المخالفة لأحكام نظام المحاماة ولائحته التنفيذية وأن تحمي مهنة المحاماة وحقوق المحامين من الافتئات عليها.