أهداف التخصيص المعطلة .. مَن المسؤول؟

[email protected]

قرار مجلس الوزراء الشهير رقم (1/23)، الصادر بتاريخ 23/3/1423، نجح في إرساء قواعد ومرتكزات التخصيص في المملكة العربية السعودية، بالشكل الذي يكفل تحقيق أفضل النتائج الاقتصادية والتنموية المنشودة.
القرار الوزاري المذكور، بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (60)، الصادر بتاريخ 1/4/1418هـ، حصر أهداف التخصيص في المملكة العربية السعودية في ثمانية أهداف رئيسية، وهي:
الهدف الأول: الرفع من كفاءة الاقتصاد الوطني وزيادة قدرته التنافسية لمواجهة التحديات، بما في ذلك المنافسة الإقليمية والدولية، من خلال تعزيز الكفاءة الاقتصادية، بإخضاع المشاريع لقوى السوق، الأمر الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستراتيجية العامة لتنمية القطاع الخاص في السعودية، بما في ذلك توفير مناخ الاستثمار المناسب والملائم لتطوير سوق رأس المال وسوق العمل، وإخضاع جميع منشآت القطاع الواحد لظروف المنافسة نفسها.
الهدف الثاني: الدفع بالقطاع الخاص نحو الاستثمار والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، وزيادة حصته في الناتج المحلي القومي، بالشكل الذي يحقق نمواً حقيقياً في الاقتصاد، وبالذات في ظل وجود قطاع خاص سعودي ناضج وقوي قادر على تحقيق الميزة الاقتصادية النسبية المنشودة، ولديه القدرة على تنويع القاعدة الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد على النفط، إضافة إلى أن لديه القدرة والكفاءة على توجيه الاستثمارات الرأسمالية نحو القطاعات الأعلى مردوداً والقدرة على الاستمرار الذاتي تجارياً.
الهدف الثالث: توسيع نطاق مشاركة المواطنين في الأصول المنتجة، من خلال استخدام أسلوب الاكتتاب العام في التخصيص، والذي بدوره سيسهم في رفع مستوى الوعي الاستثماري والادخاري لدى أفراد المجتمع السعودي، بما في ذلك المحافظة على المدخرات الشخصية من التهالك وتنميتها.
الهدف الرابع: العمل على تشجيع رأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار محلياً، من خلال تسهيل مشاركة الاستثمارات الأجنبية في ملكية المشاريع وأنواع الأنشطة الإنتاجية المخصصة وفق الضوابط المنظمة لذلك، بالإضافة إلى العمل على التطوير المستمر للسوق المالية لإتاحة الفرصة لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية للبلاد، بما في ذلك تنمية الاستثمارات المحلية، وكذلك توفير المزيد من القنوات الاستثمارية لاستقطاب المدخرات.
الهدف الخامس: العمل على زيادة فرص العمل والتشغيل الأمثل للقوى الوطنية العاملة، بما في ذلك مواصلة تحقيق زيادة عادلة في دخل الفرد، من خلال وضع البرامج والأنظمة الملائمة والحوافز للقطاع الخاص لتوظيف السعوديين، وتعزيز القوي العاملة الوطنية وزيادة معدلات السعودة، وتوفير فرص تأهيل وتدريب العمالة الوطنية على رأس العمل، ومعالجة أوضاع العمالة الفائضة الناتجة عن تحويل النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص.
الهدف السادس: العمل على توفير الخدمات العامة والأساسية للمواطنين والمستثمرين في الوقت وبالتكلفة المناسبين، من خلال إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للتعامل مع المسائل الاجتماعية والتنظيمية والإشرافية لمراعاة مصالح المستهلكين، المتمثلة في توفير الخدمات بالجودة والتكلفة المطلوبتين، إضافة إلى وضع أسلوب منظم لتحديد تعرفة الخدمات، يراعى فيه التكلفة، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار الخدمة.
الهدف السابع: العمل على ترشيد الإنفاق العام والتخفيف عن كاهل ميزانية الدولة، من خلال إتاحة الفرصة للقطاع الخاص بتمويل وتشغيل وصيانة بعض الخدمات، التي يمكنه القيام بها، الأمر الذي يتطلب تقييم مشاريع التجهيزات الأساسية والمرافق العامة لتحديد جدوى تحويل إدارتها إلى القطاع الخاص، شريطة المحافظة على دور الدولة في توفير بعض الخدمات الضرورية، هذا إضافة إلى إيقاف الحكومة لأية استثمارات إضافية للمشاريع العامة بعد الموافقة على تخصيصها، باستثناء ما هو ضروري منها.
الهدف الثامن: العمل على زيادة إيرادات الدولة عن طريق تعزيز عائد المساهمة في النشاط المراد تحويله للقطاع الخاص، وأيضاً عن طريق تعزيز ما تحصل عليه الدولة من مقابل مالي مثل ما تحصل عليه مقابل منحها للامتيازات، وكذلك عن طريق الإيراد المحصل من بيع الدولة لجزء من حصتها.
قرار مجلس الوزراء رقم (257) الصادر بتاريخ 11/11/1421، قضى بأن يتولى المجلس الاقتصادي الأعلى مسؤولية الإشراف على برنامج التخصيص ومتابعة تنفيذه، بما في ذلك التنسيق بما يتطلب مع الجهات الحكومية، وبناء على قرار المجلس الاقتصادي الأعلى رقم (6/22) الصادر بتاريخ 12/5/ 1422، تم إعادة تشكيل لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة الأمين العام وعضوية مندوبين ممثلين لعدد من الوزارات، للقيام بمسؤوليات اقتراح استراتيجية التخصيص، تمهيداً لاعتمادها من المجلس الاقتصادي الأعلى، واقتراح المؤسسات والمشاريع والخدمات العامة المستهدف تخصيصها وفق الأولويات، وتحديد إطار العمل التنظيمي والتنفيذي لعملية التخصيص، ومتابعة تنفيذ عمليات التخصيص والإشراف عليها، وفق مبادئ أساسية للتخصيص، تتمثل في الالتزام بالإفصاح والوضوح، وسرعة التنفيذ، وتغيير نمط الإدارة.
بالرغم من الجهود الكبيرة، التي بذلتها الحكومة السعودية خلال الفترة الماضية، في سبيل تخصيص نحو 22 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً وتنموياً حيوياً، في المملكة العربية السعودية، إلا أن تلك الجهود وحتى يومنا هذا، لم تتوج بالنتائج المرجوة، ولم تأت بأكلها الاقتصادية والتنموية المنشودة، هذا التباطؤ الشديد في تنفيذ استراتيجية التخصيص، سيكون له نتائجه وعواقبه السلبية، بالذات المرتبطة بعدم تحريك وتحفيز القطاع الخاص، على المساهمة في التنمية الاقتصادية، التي تعيشها البلاد، بما في ذلك الحد من القدرة على تفعيل معطيات ومتطلبات وافتراضيات الشراكة الاقتصادية المطلوبة بين القطاعين العام والخاص. ولعلي أتساءل في ختام مقالي هذا عن أسباب التباطؤ في التنفيذ، هل هو مثلا بسبب عدم اكتمال آليات التنفيذ والانتهاء من وضع الضوابط، التي من بينها، على سبيل المثال، عدم نضوج سوق المال السعودي، أم نتيجة لعدم جاهزية القطاع الخاص السعودي لخوض تجربة التخصيص لبعض القطاعات الاقتصادية الحساسة، التي لها مساس مباشر باحتياجات المواطن الأساسية، مثال خدمات المياه والكهرباء، أو أن الحكومة ليست في حاجة في الوقت الحاضر إلى المزيد من السيولة في ظل التحسن الكبير على الذي طرأ أخيراً على الكتلة النقدية، بسبب التحسن العام الذي طرأ على العوائد المالية المتولدة من النفط، أو لأية أسباب أخرى قد لا أعلمها أو أجهلها، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي