خالد الفيصل والهم الوطني السعودي
خالد الفيصل بن عبد العزيز إنسان سعودي يحمل هم الوطن السعودي وهم الوطن العربي وهم الإنسان أينما كان، همه الوطني السعودي ينطلق من عمله الدؤوب والدائم في طرح قضاياه التنموية والثقافية والاجتماعية والأمنية والعمل على تفعيل التنمية بمضمونها الشامل والمتوازن والدائم، في سعي دؤوب وسريع مع الزمن. أخذ الفرصة المكانية فأبدع في تقديم نموذج تنموي مكاني الأبعاد، إنساني الهدف، واهتم بالهم العربي فسعى إلى إنشاء مؤسسة تهتم بالفكر العربي الذي يرى فيه العمق والوضوح والقدرة على التطوير، هذا الفكر العربي الذي يمكن الانتقال به من فكر الشارع والغوغائية إلى الفكر المنظم المتطور الساعي إلى بناء قدرات وإمكانات الإنسان العربي ومنافسته الآخر، منافسة تحقق احترام إنسانية وحقوق الآخر دون الإضرار بمصالح المواطن والحكومات العربية مع تجســـــير الفجوة بينهما وتأصيــلها, وليست دعوة قومية أو دينية أو غيرها كما يعتقد البعض. مؤســــــســـــــة الفكــــر العربي تحمل رسالة لا يسمح هذا الحيز المكاني بطرحها ومناقشتها ولكن تمت الإشارة إليها لإبراز أهمية واهتمام المواطن السعودي خالد الفيصل بالشأن العربي.
أما الشأن العالمي فتمثل في نجاح فكرة جائزة الملك فيصل الإسلامية العالمية التي عمل سموه وإخوانه على تبنيها ووضعها في مصاف جوائز دول العالم المرموقة, التي أعطت المملكة مع غيرها من الأنشطة الوطنية الأخرى المكانة العالمية المرجوة وهاهي الجائزة تعبر الثلث الأول من قرنها الأول وهي تحمل المزيد من النجاح والتفوق.
خالد الفيصل يحمل من الصفات التي تُسعد العاملين معه في العمل وتدفعهم للحماس لإحساسهم بقدرته غير الطبيعية والمتميزة في فهم الشأن المحلي والوطني والإقليمي والدولي, وتوقعاته لكل حدث وما يتبعه من أحداث, فهو أيضاً ابن ملك وحفيد ملك وأمير وشاعر ورسام وإداري من الطراز الأول وتنموي فريد في الفكر والرؤية والقدرة على التنفيذ ومتابعته والتقويم وطرحه ومناقشته، والصدق في تقويم التقويم. العمل معه تحد من نوع آخر، لا يقتل الفكرة مهما كانت بسيطة وإنما يسمح بطرحها ومناقشتها وإذا لم تكن تصلح لما يراد فإن أول المؤيدين لرفضها هو من طرحها لقناعته أنها نوقشت ولم تكن مناسبة لما هو مطلوب.
يجيد فن الحوار والنقاش ويشيد بالجهد مهما قل ويدعم الفكر ويحرص على التواصل مع جميع أبناء الوطن من خلال مجلسه الأسبوعي الذي يتجاوز عمره عمر العديد من أبناء الوطن الواعدين، فله في كل يوم من أيام الأسبوع ساعات يقضيها معهم، فيوم السبت يخصص لأصحاب الفضيلة والقضاة وطلاب العلم الشرعي ومن في حكمهم، ويوم الأحد لأساتذة التعليم العالي والأدباء ومن في حكمهم، ويوم الإثنين لشيوخ القبائل، والثلاثاء لمديري الإدارات الحكومية، تناقش في هذه الأيام القضايا الوطنية والمحلية تشخص فيه الحالة وتطرح الأسئلة وتختم بالإجابات التي يبحث عنها، لا مجاملة في المجلس ولا تقية تمنع الأســــئلة أو الحوار أو الطرح، ردوده قوية في الحق، لا يجامل في الرأي أو الطرح مهما كان الشخص.
هذه اللقاءات تشمل حديثا أو محاضرة قصيرة عن الموضوع ثم يطرح بعدها الحوار والنقاش، ومع اهتمام خالد الفيصل بالفكر والحوار فإنه لا يحرم المعدة من حقها بعد إعطاء العقل حقه، فينتهي الحوار والنقاش بوجبة عشاء يستمر فيها الحوار والنقاش، ساعات يومه وليله كلها فكر وعمل، تستغرب قدرته "ما شاء الله" على كل هذا الجهد، حتى أن بعض العاملين معه لا يستطيعون مجاراته في ذلك، فكل الوقت لقاءات علمية وعملية واجتماعية وعمل دؤوب.
عمل في منطقة عسير في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية أكثر من ثلث قرن، في منطقة لها من اسمها نصيب, فهي عسيرة في جغرافيتها قوية بصلابة رجالها, ولكن خالد الفيصل ومن عمل معه جعلوا من العسير يسيرا حتى أن الشخص يخطئ عندما يزور منطقة عسير ويرى ما فيها من نهضة تنموية فتراه من دون شعور أو ربما خجل يقول حقيقة إنها منطقة يسير وجمال. تعشق المنطقة عندما تزورها وتعشق مستقبلها عندما كان يتحدث خالد الفيصل عنها وتكاد ترى الصورة الكاملة الجميلة لهذا المستقبل في عينه وفكره وقلبه وعقله فهو لا يتكلم أو يتحدث وهو لا يعني ما يقول أو يضع العراقيل في طريق التنفيذ، حتى أن الأنظمة والتعليمات وغيرها مما يعده البعض عقبة في وجهة التنمية.
يؤكد خالد الفيصل أن الأنظمة تحمل الكثير من الإيجابيات التي يمكن تسخيرها لصالح المواطن السعودي وتنميته والاهتمام به وحرصه على تحقيق المعادلة الأصعب في بلدنا وهي تحقيق التوازن بين بناء الإنسان وتنمية المكان وتأكيد أن المطلوب هو تفعيل الأنظمة وتحسين الأداء. ولعل الإشارة إلى بعض الإنجازات التي حققها خالد الفيصل الأمير في منطقة عسير لتعطي النموذج والقدوة التي أحرص على طرحها للقارئ ليعلم أن الإنسان ذا الإرادة القوية والرؤية الواضحة والإصرار الصادق والعمل الدؤوب لا تقف في وجهه أي عقبة لأداء عمله، والآن دعونا نقف على بعض تلك الإنجازات في المنطقة ومنها:
أولاً: الاهتمام بالإنسان واستقراره, خصوصاً ذوي الدخل المحدود ويبرز ذلك في منهج مراكز النمو التي تزيد اليوم في المنطقة على 20 مركزا تنمويا تحتضن آلاف المواطنين السعوديين العاجزين عن توفير السكن المناسب، هذا الاهتمام تبع بالاهتمام بتوفير فرص التعلم والعمل لهم حتى أن أبناء بعض هؤلاء الأسر وبناتهم أصبحوا من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين وغيرها من التخصصات.
ثانياً: توفير مختلف المرافق والخدمات للمواطنين والمقيمين في منطقة عسير مع صعوبة التضاريس, خصوصاً خدمات الكهرباء والطرق والمياه, ولعل حرصه على توفير المياه جعل مشروع التحلية مشروع الحلم حقيقة بانتقال مياه التحلية من الساحل إلى الجبل على ارتفاع يزيد على ثلاثة آلاف متر، كما تتمتع المنطقة اليوم بشبكة من الطرق السريعة الإقليمية والمحلية تضاهي طرق المناطق السهلة والمنبسطة.
ثالثاً: فهِم خالد الفيصل معنى التنمية ومفهومها وقدرته على مسابقة زمنه من خلال إنشاء الإدارات التي تتطلبها التنمية ومنها مثلاً إنشاء إدارة لتنسيق الخدمات في المنطقة أصبحت اليوم مجلسا للمنطقة، وإنشاء إدارة للتطوير السياحي، أصبحت اليوم هيئة عليا للسياحة، وهناك أمثلة أخرى مشابهة لهذا السبق الإداري.
رابعاً: حارب الإرهاب والفكر الضال قبل أن تبرز أنيابه وينقلب أصحابه على أهل الأيادي البيضاء التي دعمته في مراحل نموه اعتقاداً منها أنها تربي جيلا مسلما صادقا يحرص على البناء بدل الهدم وضمان حياة البشر بدل قتلهم وهم يستغفرون ربهم ويعبدونه، هذه الحرب لم تحمل السلاح أو تفجر الأرواح أو تدمر التنمية وإنما كان بالحوار البناء والفكر المترابط والعزم القوي والعمل المستمر، ولعل ما تم تبنيه في المنطقة من خلال رفع راية فكرية حوارية تحمل مضامين وطنية سعودية بدأت قبل الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) واستمرت بعده بوتيرة قوية ومتسارعة تتفق مع نبض العصر الحديث, فكل سنة تحمل جائزة أبها شعارا يدعو إلى تعزيز الانتماء للوطن والخروج من شرنقة الفكر الضال أو المضلل بقصد أو بغير قصد أو العمل تحت مظلة المنهج الخفي أو غياب احترام النظام أو عدم الاعتزاز بالانتماء السعودي إلى آخر الجهود نحو مجتمع سعودي الانتماء عربي اللسان مسلم الإيمان عالمي الطموح والتطوير.
قبل شهرين طرح خالد الفيصل فكرة المرحلة القادمة للتطوير والإبداع من خلال مشروعين متوازنين مهمتهما بناء الإنسان وتنمية المكان تراعى فيها كل متطلبات الحياة للمسلم المعاصر، كما أنه أطلق فكرة تواصل أبناء المنطقة من خلال لقاء سنوي يجمع أبناء المنطقة وبناتها من داخلها وخارجها للحوار والاستفادة من قدراتهم وخبراتهم الفكرية والإنسانية والمالية بدعوة صريحة مباشرة نحو الاستثمار في منطقة عسير استثماراً شاملاً لكل الإمكانات والقدرات، هذه الاستثمارات مفتوحة للجميع من المنطقة إلى المملكة إلى العالم أجمع.
اليوم لن نقول إن خالد الفيصل يودع أو يغادر منطقة عسير إلى منطقة أخرى, ولكن نقول إن خالد الفيصل يفجر قدرات جديدة في منطقة غالية تحتاج كل العطاء في سبيل استمرار تطوير مكانها وإنسانها, ونسأل الله له التوفيق والسداد.
ولهذا دعونا نقف صفاً واحداً لتحقيق التنمية المستحقة لإنسان ومكان منطقة عسير مع أميرها الجديد فيصل بن خالد بن عبد العزيز, الذي شارك أخاه خالد الفيصل مرحلة مهمة من مراحل التنمية في منطقة عسير, وفقه الله لكل خير.