(لكـُــلِّ نبإٍٍِ مستقرُّ) صدق الله العظيم
أنماط معيشة المجتمعات النامية عامة والسعودية خاصة، تتأثر بالرفاهية المجتمعية الغربية. محاكاة استعمالات الطرق والوسائل الغربية المتوفرة دوليا مستوْعبة بنسب تعكس القدرات الاستهلاكية محليا (للفكر) المستورد وتحديثه وتطويره. السيولة النقدية للطبقات المتوسطة المتوفر لها (الثقافة) الاستهلاكية الغربية تُصعِّد الرغبات الشرائية المدعومة بمتوفرات الأموال المكتسبة والمدخرة المقترضة. المجتمعات النامية تتمسك مظهريا بتقاليدها وتحافظ مرحليا على عاداتها. الرغبات تتزايد لديها لتوفر المؤسسات التعليمية والثقافية والفكرية المقاييس المنهجية المتفق عليها لحماية القيم المعيشية المتوارثة والذود بقديم الخلق وتطوير أخلاق التعامل، تماشيا مع تيارات الفكر المعيشية الحديثة. القلم يعجز عن تقييم نتائج متغيرات الحياة الاجتماعية محلياً، واحتساب المكاسب والخسائر للنقلة الاستهلاكية المعيشية خلال نصف قرن. وقفة كل منا لمقارنة واقع حياتنا اليوم ببدايات دخولنا حياة الوفرة، تعطينا فرصة ترتيب أولويات المخاطر المجتمعية على مستقبل الأبناء والبنات.. اهتماماتهم لإصلاحها يوفره فرص العمل والانشغال الذي يقدمه تعديل مسارات المعيشة. التحديات (الْخطرة) الاجتماعية المتولدة مع التطور والتقدم والزيادة السكانية المتنامية تعـظـِّم من تكاثرها وتعقيد متابعتها. فكر التعامل مع المتغيرات (المُخطرة) تقليد مركزي تفاعله وتنوعّه متطور ولا تقيده حدود جغرافية ولا سياسية. مخاطر الأمم النامية الحديثة تظهر في شاكلة أنماط محلية متجددة المظاهر ومتطورة التكوينات ومتعددة الأشكال: متابعاتها داخليا تمر بدورات اجتماعية دولية مؤثرة وأخرى تتولد من داخل المعيشيات المتفردة للحياة الاستهلاكية الحديثة. الانعكاسات الاجتماعية المضطربة، المترتبة للتغيرات الاقتصادية ضارة على مصائر دول العالم قاطبة. تردد القادة عالميا في التصدي لها، خوفا من أضرار محتملة، من تصحيح المسيرة الاجتماعية العالمية على اقتصاديات الدول الصناعية يزيد من ضغوطها على الدول النامية لتصبح كبش الفداء كسبا للوقت في اتخاذ القرار وتقديم الفرص والمجالات للوسطاء في تحقيق المكاسب لخدمات مالية مريحة للتوفيق بين أصحاب الحاجة لمستويات المعيشة على حساب من لديهم الفائض. ضمن الأفكار العابرة المقدمة في صدر البحث لتبادل المصالح بين اقتصاديات الشمال والجنوب نرى أن موضوع الساعة عالميا يجْير الدول الصناعية أضرار استخدامات الذهب الخام على الدول المنتجة: معادلة (ضربني وبكى وسبقني واشتكى):
الدول الصناعية أضحت الأكثر استخداما لطاقة (الذهب الخام)، تشكو تأثير النشاطات الاقتصادية العالمية الضارة عالميا في البيئة، لتزايد الكربون ونقص الأكسجين نتيجة الإفراط لاستخداماتها الاقتصادية الاجتماعية. انتشار الضرر عبر الحدود يجعل مواجهة الأخطار الناتجة مهم في حد ذاته. التحدي البيئي وضرورة التعاون بين الحدود لوقف انتشار كربون الصين على برامج كاليفورنيا النظيفة مدعاة للخوف من الصراعات. إعادة بناء تركيبة مسيرة الطاقة عبر الحدود تزيد من حركـية عجلة الاقتصاد العالمي. التغيير المنتظر لاستخدامات الطاقة مستقبلا ليس مشابها لتاريخ تطورها القديم من العصر الحجري حتى اكتشاف الذهب الخام. استعمالات الطاقة للمستقبل المنظور لا يُــتوقع أن يـأخذ القفزات القديمة: من البخار للهواء والماء حتى الذهب الخام. آخر الصيحات تفوُُّق الذهب الخام على جميعها ليصبح قلب النهضة الصناعية الغربية لقدرته المحركة للصناعة والتشغيل والوصل والمواصلات. فوائده للحضارة البلاستيكية، دفعت به لدرجة تجعله المورد الأساسي للدول المنتجة و(خامة) حيوية للصناعة الحديثة. أضرار كثرة استخدامات الذهب الخام في نظر علماء الغرب وساسته على البشرية والحياة قاتلة. اختلافات الدول الصناعية الغربية للحلول المقترحة لمواجهة مشكلات البيئة واستمرار استخدمات (الذهب الخام) مصدر إزعاج للدول المنتجة. فقدان التعاون لتقاسم تطبيق قرارات دولية لتقليل الأضرار على الحياة الكونية دفع بتوجُّهات متفاوتة بين اقتصاديات العالم من جهة وداخل بعض اقتصاديات الدول الصناعية الغربية من جهة أخرى. الاختلافات وفرت مدارس فكرية غربية متعددة وفتحت فرصا علمية متجددة في مجموعها تنشيط للاقتصاد الصناعي الغربي المسيحي وتوفير زيادة تسريع استخدامات لبدائل الطاقة مضافة للذهب الخام. الدول النامية (نائمة) عن الدفاع لأوضاعها وغارقة في الرفاهية الغربية الاستهلاكية.
توفر القراءات عالميا ومحليا عن نشاطات الدول المصدرة عامة و"أوبك" خاصة، يعطي علما جديدا: صيانة لمكانة استعمالات الذهب الخام وتقليل مخاطره. اهتماماتها التسعيرية وإضافات كميات الإنتاج البرميلية شغلها الشاغل. انعكاسات "شطط" أحلام اليقظة المسيطرة على الدول المصدرة للزيت الخام نراها في استحداث أفكار تأميمية قديمة من فنزويلا، وإضرابات "عرض مستمر" في نيجيريا وانتكاس للوعود الدولية المُلغية لعقود روسية. العلْمُ الذي يُفرِّغ مشكلة الطاقة من محتواها نراه في تصريح مسؤول نفطي سعودي للصحافة المحلية، أن لا خوف لبدائل الطاقة كونها لا تزيد على 3 في المائة من الذهب الخام المستخدم. الأول والثاني والثالث أخذها من قصيرها ورجع لدفاتره القديمة لتقوية مواقعه الدفاعية، بدلا من الانطلاق بحرية العلم والمعرفة التي تبنتها البرازيل في القرن الأخير من القرن الماضي ودخلت من الصفر، عصر البدائل والتنقيب عن الذهب الخام خارج حدودها الإقليمية إلى المحيطات لتصبح رائدة الطاقة الحديثة عالميا: تبيع الخبرة التقنية في اتفاقية وقعها الرئيس الأمريكي منذ شهرين, وتصدر كميات كبيرة من الطاقة البديلة ونقل التكنولوجيا. الثالث حامي ثروة الذهب الخام ومحافظ على المقدرات المستقبلية والخطط الدفاعية: بترويج فكر "مكانك قف" ومتناسيا مضاعفات نسب الزيادة المئوية الموفرة فرصا جديدة ومتجددة عوضا عن الغوص في بحور العلم والمعرفة في طريق توفير فرص عمل للبطالة الشبابية!
السعودية تقدمت (اقتصاديا واجتماعيا) خلال نصف قرن مضى بمستويات غير مسبوقة. وتحدثت استهلاكيا بمستويات وفرتها القيادة الآمنة الرشيدة والدخل الريعي المتنامي. العاملون المهيمنون على مقدرات الأمور يجعلون الفكر الاستهلاكي، في الإنفاق والاستثمار، يطغى على القدرات النشطة المتوفرة والطاقات النيرة (لتقُوقع) عن تدوير الثراء الهائل لمشاريع وفرص تقوم على الوفرة الزائدة والاستفادة منها. الأمل في الله كبير أن هذه الوفرة مضمونة العائد. الفكر الاقتصادي المدبر لا يمنع من إقامة نشاطات فكر تنوع مصادر الدخل المضافة وتعظيم الاستخدامات للعناصر المحلية المنتجة دون تركها معطلة وحبيسة لعلاقات داخلية للعامة وللخاصة والأسرة.
الحديث العلمي عن صناعة الذهب الخام محليا قد لا يكون متبادلا أو مقبولا أو مرغوبا من القائمين على صناعته. استمرار عدم توفر المعلومة محليا يعوضه الاطلاع علميا على مجريات الأمور النفطية عالميا في الاقتصاديات الأجنبية من فنزويلا مرورا بروسيا إلى الصين والولايات المتحدة الأمريكية. المعلومات المتوفرة للبحث العلمي محليا عن مستقبل الطاقة وتأثيرها في الذهب الخام قد تكون قليلة ليس لتجنب الاطلاع ولكن لأن "اليد قصيرة والعين بصيرة". القناعة متوفرة أن شيوخ الذهب الخام (أبخص) بالمصلحة العامة. ضمن هذا التعتيم الفكري ومن خارج أسوار الصناعة المحلية والغوص خارج المنافع. السلبيات المصاحبة للإنتاج والاستهلاك تمثل فرص عمل واستثمار لبدائل الطاقة المتوفرة عناصرها محليا ويمكن تنميتها عبر الجزيرة العربية: تعليما للنشء وتثقيفا للعامة ومصادر استثمار تمتص السيولة النقدية التي ترى الجهة النقدية الرسمية أنها خلف التضخم. الاقتصاد الوطني السعودي آفته التقليدية نشاط في الأسهم والعقار وما يتبعه لمنافع أخرى. المعاناة المضافة من زيادة أسعار السلع والخامات والخدمات داخليا وتزايد أسعار وكميات الإنتاج البترولي يترتب عليها تكاثر النقدية الفاقدة لقيمتها الشرائية طالما تخلفت السياسات النقدية والمالية محليا لاحتواء التباين بين (الكثرة) العددية للنقود والقيمة الشرائية. الاستثمار في المعادن تأخر نصف قرن لتهاوننا في أهميته. استثمارات المعادن تحتاج اليوم، أكثر من ذي قبل، إلى فكر متحرر وخلاّب داعم للنيات الصادقة والجهود المخلصة. نصف قرن في البتروكيماويات استثمار عاقل متعقل: يرفع علم "سابك" خفاقا عالميا ومورد دخل جيد داخليا. السكك الحديدية توجه منطقي ومعقول طالما أنه مصاحب للثروات الطبيعية وداعم للفرص التزاحمية المقارنة وبعيدا عن ضغوط المصالح الجانبية. توجيه قدراتنا ومعرفيتنا لتتفتّـَح لها فرص استثمارية طبيعية هائلة.
النفرة الفكرية الاقتصادية التي نلمسها من القرارات الرشيدة دون اطلاع معلن لخلفيات فكرها الاقتصادي الوطني السديد، تطمئن التوجه لنشاطات اجتماعية اقتصادية (مُدِّرة) للثراء بجانب الاستمتاع الاستهلاكي الحياتي. النشاطيون المحليون يعرفون أنه يندر توافرها لكثير من اقتصاديات العالم. شكواهم من التطوير والتعطيل وضعف الالتزام. الحاجة ملحة أن يرتبط الاقتصاد الوطني السعودي معلوماتيا ومعرفيا ومؤسساتيا بمجريات الأحداث في العالم اقتصاديا ليزيد من الاستفادة والربط بتقدمه والارتباط بنشاطاته من داخل الفرص المتوفرة والعناصر الموجودة والعناية لتصحيح النواقص والسلبيات.
التحدي الاجتماعي الأكبر الواجب ألا تغفله القيادة الرشيدة, تكمن مخاطره في الأعداد الكبيرة من المواطنين المتخلفين عن المهارات والعلوم وتدني القدرة لاكتساب المعيشة والدخول المناسبة. التكوينات الرسمية الاجتماعية المسؤولة محليا، عاجزة عن تقديم المطلوب لأنها ذاتها تفتقد (مستلزماته). التضخم مصطلح بسيط لا نعرف حقيقة أبعاد معناه: نستخدمه لتبرير مواقف اقتصادية غريبة علينا وحجج لتبرئة إعوجاجات معيشية. الأبسط استعمالا والأفيد علما أن الأسعار (بتولع نار) بين بعضنا بعضا من أسعار الأراضي للعقار وسوق الأسهم والخضار. تقلبات الأسعار لا يمكن تجنبها: تحجيمها مستطاع من واقع المشكلة بعيدا عن قصْر فكر الإصلاح على مدارس نظرية نقدية لاقتصاديات صناعية غربية مسيحية متكاملة النمو مقارنة لمرحلة النماء المحلي المختلفة في كلف التشغيل للاقتصاد السعودي العالية ومكوناته" المقنعة" وتحتاج إلى تهذيب!!
تحدي الاقتصاد الوطني السعودي في قدرة الالتزام لدعم الجهود القائمة لتدوير السيولة المتوفرة في تأمين نشاطات اقتصادية منتجة مضافة من الثروات الطبيعية واحتواء أمراض العصر المنتشرة. الأهم تطوير فرص الطاقة المقبولة بيئيا للمعيشة محليا بما يوفر للاقتصاد السعودي الانطلاق من مُصدِّر للذهب الخام إلى مصدِّر للطاقة: يوفر ضروريات الحاضر واحتياجات المستقبل بتوسع يستوعب توظيف المواطنين وزيادة ازدهار الاقتصاد الوطني.
التوجه الصائب لمسيرة نشاطات احتياجات المستقبل الاقتصادي الوطني يتطلب"نفرة" علمية متقدمة عما يحياه القائمون عليها والقادرون على توفيرها لإعداد البدائل، والله أعلم.