خريجو التقنية (مشاكل وعوائق)
هل أصبح خريجو التقنية عبئا على المجتمع؟ هذه المشكلة ذات شجون وسوف أجتهد لطرحها من باب تلمس حل أمثل لهذه المشكلة. علماً أن توجيهات قيادتنا الرشيدة نحو تشجيع وتأهيل الشباب إلى الدخول لسوق العمل لا تخفى على أحد، خصوصاً في هذه المرحلة التي تتجه فيها الدولة إلى العمل من أجل بناء أجيال مقبلة وواعدة للمشاركة في بناء منظومة المدن الاقتصادية العملاقة.
هناك من ديدنه الدائم وسعيه الدءوب تلمس مشاكل الشباب، خصوصاً خريجي الكليات التقنية، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله. فقد أنشئت جامعة تقنية باسمه، إسهاماً في بناء العقول والسواعد الوطنية، والتي تحقق طموحات الدولة والشباب لمواجهة التحديات المستقبلية، التي يفرضها علينا واقعنا الحالي. فنحن في عصر العولمة والمنافسات الحادة التي تتطلب إعداد جيل من الشباب يستطيع التعامل مع هذا الواقع. حقيقة الدولة (مشكورة) لم تأل جهداً في فتح آفاق واعدة للشباب السعودي فقد قامت بما هو أكثر من واجبها نحو بناء الأجيال وتأهيلهم مقارنة بالدول المتقدمة وذات الاستراتيجيات الواضحة وذات النمو السكاني المتزايد.
يجب ألا نقارن أنفسنا بدول ذات دخل عال ونسبة سكانية قليلة جداً, مثل بعض الدول الخليجية المجاورة وغيرها، ولكن يجب أن تكون المقارنة بدول في حجم المملكة العربية السعودية ذات المساحات الشاسعة. إضافة إلى التحديات والأعباء الكبيرة التي تقع على عاتق هذا البلد المسلم والتي يفرضها الواقع. المملكة قبلة المسلمين ومحط أنظارهم, إضافة إلى مكانة المملكة الاقتصادية والسياسية والجغرافية بين دول العالم.
القائمون على هذا البلد يعملون ليل نهار بإخلاص واجتهاد لرفع كفاءة هذا المواطن وجعله بالمستوى المطلوب، بل بذل الكثير في سبيل الرقي بالفرد لأنه الأساس في بناء المجتمع ولكن هناك مشكلات أخرى ليس للتخطيط أو الجهات الرسمية دخل فيها.
أعتقد أن المشكلة تقع على عاتق القطاع الخاص, فقد أُعطِي من التسهيلات - خلال الثلاثين السنة الماضية - ما لم يعط أي قطاع خاص في دولة أخرى. فهناك عدد كبير من الشركات الكبيرة والمؤسسات والمصارف والبنوك التي أسهمت الدولة وبشكل فاعل في إنشائها. بل كانت الأساس في بنائها من خلال مشاريعها العملاقة ومساعداتها ودعمها للمشاريع الخاصة.
أستطيع القول إن القطاع الخاص (خلال العقدين الماضيين) لم يقم بواجبه تجاه وطنه, ولم يبذل إلا النذر القليل لخدمة هذه الدولة وهذا المجتمع الذي هو جزء منه. باستثناء الشركات التي كانت تشرف عليها الدولة مباشرة. وبعض المصارف البنكية التي كانت حريصة على استقطاب الشباب السعودي.
القطاع الخاص لا يخضع لضرائب كما تخضع لها الدول الأخرى, ولا يخضع لصناديق تنموية كما تطلب من أمثاله في الدول الأخرى. بل قد يكون هناك من لا يدفع الزكاة الشرعية على الوجه المطلوب, فهو يسعى - فقط - لجمع الأموال.
والبنوك على سبيل المثال، لم أسمع أن هناك بنكا قام بمشروع استراتيجي من شأنه المساهمة الفعالة في تهيئة الشباب وتدريبهم وتحسين مستوياتهم المعيشية، بما يخدم الاقتصاد الوطني. بل قد أصل إلى مستوى التحدي أن يكون هناك بنك قد قام بمشاريع جيدة ومعروفة لدى الجميع يشهد بها القاصي والداني.
نأتي إلى بعض المصانع والمؤسسات المتوسطة الحجم, والأقل منها, تجد أن معظم العمال أجانب, وهذه مشكلة كبيرة. بل هناك ما يسمى بالتستر, فقد يكون المالك مقيما لا يحرص على تدريب الشباب السعودي بقدر ما يحرص على تشغيل أبناء جنسه لأن ذلك يضمن له البقاء والربح.
الشباب العاطل:
كيف له أن يدبر أمور حياته ؟ كيف يتزوج ؟ كيف نريده أن يكون عضواً فعالاً في هذا المجتمع ؟
عملية السعودة قد تصل إلى مستوى مرض عندما يكون هناك رقابة قوية, وزيارات بشكل دوري للقطاع الخاص. يجب أن يكون هناك موظف من قبل الدولة يشرف على السعودة ويعمل في الشركة نفسها لفترة زمنية إلى أن يتحقق المطلوب، أو زيارات بشكل أسبوعي لمعرفة المشكلة عن قرب ومن ثم معالجتها. نختار أشخاصا منصفين وشفافين عندهم القدرة على التعامل مع الشباب, خصوصاً الشباب العاطل, خريجي الجامعات والكليات.
مشاكل وعوائق:
من ضمن المشكلات التي يقابلها خريج التقنية أنه لا يصرف لهم مستحقات مجزية من قبل القطاع الخاص, وليس هناك انسجام أو قبول من بعض العاملين, وأحياناً من صاحب العمل نفسه. كذلك لا يحرص صاحب العمل على تدريب الموظف التدريب المناسب, وذلك لانعدام الثقة بين الطرفين. صاحب العمل لا يثق في استمرارية وبقاء الشاب فقد يذهب إلى مكان آخر وبعرض أفضل وبدون سابق إشعار.
الشباب فيهم خير كثير, ومن واقع التجربة التي فرضها عليَّ واقع مهنتي كأستاذ في الجامعة, ومن مخالطتي للشباب والتحدث معهم ومعرفة همومهم, فإنهم يحتاجون إلى من يوجههم ويفهمهم، حيث إنهم إذا وجدوا من يوجههم التوجيه السليم ويصبر عليهم ويعلمهم ويحترمهم ويعطيهم ثقة بأنفسهم سوف يعملون وينتجون.