تحديات أمام قطاع الكهرباء (2من2)
(إيقاف الاستنزاف وترشيد الاستهلاك)
إلحاقاً بمقال الأسبوع الفائت (تحديات أمام قطاع الكهرباء في السعودية)، فقد ورد هناك بعض الأخطاء الإملائية، مثل الطاقة المنتجة حالياً، التي تتجاوز 28 جيجا وات وليس ميجا وات، أي أن جميع الأرقام التي وحدتها ميجا وات (في المقال السابق) يجب أن تكون جيجا وات. وقد اتصل بنا معالي محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، موضحاً أن الطاقة المنتجة حالياً تصل إلى 33 جيجا وات، وطلب منا الحضور إلى مكتب معاليه للتعرف على إنجازات الهيئة عن قرب من أصحاب الشأن.
تم الاجتماع في مكتبه وبحضور سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الشهري، نائب المحافظ للشئون التنظيمية والمهندس منصور هلال العنزي من إدارة الشؤون الاقتصادية والتعرفة، والمهندس سمير زخاري كبير مستشاري الهيئة. كان اجتماعا مثمرا شرح فيه معالي الدكتور فريد وسعادة الدكتور عبد الله دور الهيئة في تذليل كثير من الصعوبات التي تواجه قطاع الكهرباء، وأن هناك خطة من شأنها تطوير هيكلة صناعة الكهرباء. أُقِرَ جزء منها والجزء الآخر سوف يُرفع إلى مجلس الوزراء. ذكروا كذلك أن هذه الخطة سوف توازن فيما بين توفير الخدمة والتعرفة، حيث إن الدولة هي التي تقرر التعرفة، وقد يكون هناك تأثيرات في المستهلك، ولكن ما الحل الأمثل؟ خصوصاً ما يحصل للمصانع حالياً؟ سوف أحاول إيجاز هذا اللقاء في مقال منفرد في المستقبل إن شاء الله بعد أن أقرأ بعض الكتيبات والتقارير التي أُعطيت لي من قبل الهيئة.
نجاحات وإنجازات:
حجم الإنجاز الذي حققه قطاع الكهرباء في مجال الطاقة وتلبية الطلب على الكهرباء وتوسيع نطاق التغطية تعكس مدى اتساع نطاق المسؤولية الملقاة على عاتق هذا القطاع المهم، فقد تضاعفت طلبات المشتركين ونطاق تغطية الكهرباء في ارتفاع ملحوظ والاستهلاك في ازدياد وهذا يشكل مسؤولية كبيرة على مستقبل طلب الطاقة في المملكة.
الطاقة الكهربائية في المملكة لا بد أن تواكب معدل النمو السكاني الذي يؤثر في عدد المشتركين ومن ثم خدمات الكهرباء. وهذا سوف ينعكس على استهلاك الطاقة، حيث تشير التوقعات إلى أن عدد سكان المملكة سوف يصل إلى 24 ونصف مليون نسمة تقريبا بحلول عام 2009م. وهذا طبعاً سوف يزيد من عدد المشتركين والاستهلاك في الطاقة، ويتوقع أنه بحلول عام 2009 سوف يكون معدل الاستهلاك نحو 184.4 مليار كيلو وات في الساعة، حيث من المتوقع ارتفاع مستوى استهلاك الفرد للطاقة الكهربائية وذلك لاستخدام الأجهزة المنزلية الحديثة. تشير التقارير الاقتصادية إلى أنه سوف يكون هناك تحسن كبير في مستلزمات السكن الحديث للأسر السعودية في المستقبل، حيث إنه سوف يتحسن المستوى المعيشي خلال السنوات المقبلة في ظل ارتفاع في متوسط الدخل.
أما بالنسبة للتوسع في القطاع الصناعي فتشير التقارير إلى أن هناك ارتفاعا في نسبة نمو تصل إلى 6 في المائة وهذا يعني أنه بحلول عام 2009 سوف يكون هناك 4410 مصانع، وهذا سوف يؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية للأغراض الصناعية.
شركة الكهرباء تخضع حالياً لإعادة هيكلة وذلك بخصخصة القطاع، وهذا تحد بذاته، حيث إن قطاع الكهرباء في السعودية سوف يُقَسم إلى شركات مستقلة خاصة بقطاع النقل والتوزيع وإنتاج الكهرباء (التوليد). لذا فإنه يجب تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في هذا القطاع الحيوي.
تحديات آنية ومستقبلية:
توطين التقنية في مجال الأجهزة والمعدات أو ما يسمى بالمحولات الكهربائية وتوطين تكنولوجيا معدات الكهرباء يشكل تحديا كبيرا في الفترة الحالية، ولكنها سوف تكون فرصة ذهبية يستفيد منها كبار المستثمرين.
الربط مع دول مجلس التعاون والدول العربية لاستغلال الطاقة الكهربائية بكفاءة عالية وهذا من التحديات المستقبلية.
بعد دمج شركات كهرباء الغربية والوسطى والشرقية والجنوبية وغيرها من مناطق المملكة، فإنه يجب توحيد المواصفة بخصوص التيار الكهربائي وفرق الجهد في جميع أنحاء المملكة. وهذا سوف يشكل تحديا كبيرا، حيث إن لكل منطقة نظاما يختلف (إلى حد كبير) عن المناطق الأخرى. المنطقة الغربية (في الغالب) 220 فولت، بينما المنطقة الوسطى (في الغالب) 110 فولتات، والمنطقة الشرقية لديها عدد من المواصفات المختلفة.
هذا النمو قد يواكبه ارتفاع في أسعار ( التعرفة)، فقد تزيد الفواتير وهذا سيُضِيف عبئا على كاهل المواطن، وسوف يكون له انعكاسات سلبية على القطاع الصناعي أيضا. لذا فإنه يجب تدارك الوضع والعثور على الحلول المناسبة والمنطقية.
وهناك مشاكل يعانيها قطاع الكهرباء ولكنها (في الغالب)، ليست مشاكل مالية، حيث إن الشركة حققت أرباحا صافية بلغت ملياري ريال خلال عام 2006، ومن ثم فإن المشكلات التي يعانيها قطاع الكهرباء قد تكون مشاكل إدارة أو مشاكل لها علاقة بترهل الشركة وزيادة الأعباء وعدم وجود نظام واضح لكي تلتقط أنفاسها. وبما أن 81 في المائة من الشركة السعودية للكهرباء مملوك للحكومة ولشركة أرامكو فإنه يجب ألا يكون هناك ارتفاع في التكاليف قد يكون لها أعباء على المواطن والصناعات الوطنية التي تحقق استراتيجيات المستقبل وحتى لا ترتفع أسعار استخدام الطاقة. ولذا فإنه يجب إعادة النظر في التكلفة الميسرة لبعض الشرائح من المجتمع وما دام في مجال استهلاك الطاقة فإني أقترح أن يكون هناك ترشيد للطاقة وذلك بعمل التالي:
إعطاء المصانع تعرفة ثابتة ومنخفضة بحيث تحقق الربح المعقول للطرفين. أما بالنسبة للمستهلك العادي فيجب أن يكون هناك نظام يحث على ترشيد الطاقة. وقد يكون النظام الحالي مناسبا مع بعض التعديلات البسيطة، التي من شأنها إيقاف استنزاف الطاقة والإسراف في الاستهلاك وتشجيع ما يمكن تسميتهم (تجاوزا) بصغار المستهلكين عن طريق تقليل التعرفة إلى أقل من 60 في المائة من التعرفة الحالية.