Author

المسؤول لا يصرح؟

|
[email protected] لو أجريت إحصاء في صحافتنا وفي تصريحات المسؤولين لدينا، عن أي الكلمات أكثر استخداما لوجدتها الكلمات التي لا تطبق، أي أننا نقول ما لا نفعل، فنجد كلمات كالتالي: "شفافية" و"الإفصاح" و"في القريب العاجل" و"وتم اعتماده" و"على أعلى مستوى" و"لا مثيل له في العالم" و"وسيتم إنجازه قريبا" وغيرها من الكلمات والعبارات التي أصبحت من الخصوصية السعودية لمسؤوليها. ولست هنا بصدد تعقب كل كلمة وعبارة، فقط سأتحدث عن عبارة واحدة أو بمعنى أدق كلمة واحدة ومرادفاتها، "الشفافية"، هذه الكلمة التي استخدمت في كل تصريحات المسؤولين في الوزارات والجهات الحكومية. وهنا لا أحدد أي وزارة أو جهة حكومية أو مسؤول بعينه، بل أتحدث عن نمط الحوار المتبع من قبل الجهات الحكومية وعلى رأسها الوزارات، أنها لا تسمح لمسؤوليها بالتصريح أو الخروج للصحافة والإعلام والتحدث عن أي قضية تطرح. فلا تجد متحدثا رسميا في وزارة التجارة مثلا أو "المالية" أو وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني، أو هيئة سوق المال أو غيرها. التواصل الإعلامي لدينا مفقود، فإما الوزير نفسه وإما من هو المسؤول الأول في الجهة الحكومية فقط لا غير. لننظر لتجربة وزارة الداخلية، فقد حققت نجاحا كبيرا من خلال وضع متحدث رسمي، تستطيع أي جهة إعلامية أن تأخذ البيان والتوضيح الرسمي من مصدر مفوض، فماذا حدث؟ حدث أن انتهت الإشاعة والقيل والقال، وسرعة في تلقي الخبر والتوضيحات سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي. لدينا رهاب وخوف من الإعلام لا أعرف مبررا له من الجهات الحكومية، أتمنى أن تفتح الأبواب والنوافذ ويدخل الهواء والشمس، فلا شيء مخيفا متى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فقد لا حظنا إشاعات تتعلق بالشأن الصحي من "إيدز الشمام" إلى "فيروسات الجوال" وغيرها، ولا ينفى الخبر إلا بعد أن يكون قد وصل لكل المواطنين، فلو وجد المسؤول المفوض من معالي الوزير لقضينا على الإشاعات والقيل والقال التي هي مصدر يومي لا ينقطع، فكل يحمل خبرا وإشاعة لا تنتهي، قد يقول البعض ليس من مسؤولية الوزارة نفي الإشاعات أو ملاحقة نفيها، وأقول بل العكس هو المطلوب، فحين يعرف من يطلق الإشاعة والخبر أن هناك راصدا للإشاعة، ستموت مع الوقت بالتأكيد، فلا شيء سيغذيها أو يسقيها مع النفي والتوضيح. أتمنى من كل وزير ومسؤول، أن يسمح ويضع متحدثا في الوزارة أو الهيئة الحكومية، أو أي جهة حكومية، لماذا لا بد أن يكون المتحدث هو الوزير نفسه، فالوزير لديه مهام أكبر وأهم من أن يكون متحدثا إعلاميا، حتى أن بعض الدول ألغت وزارة الإعلام، فكل مسؤول هو مسؤول بما حدد له، فلماذا الوزير لا بد أن يكون هو المتحدث الأول، هل هي رغبة في الإعلام وحب له، لا أعتقد، ولكن الخوف من المسؤوليات أو ما سيقال من المفوض، أو أن هناك جانبا خاطئا من العمل، لا أجد تفسيرا آخر، وإلا كان المسؤول المختص المتحدث الرسمي هو الأقرب لآلية العمل ودقائقها. ومن باب "الشفافية" التي حفظناها عن ظهر غيب، أن يكون المسؤول والوزارة أكثر شفافية، وأن يسمحوا بوضع متحدث في كل جهة حكومية رسمية وذات أهمية، أن يكون هناك تصريحات ووضوح، ونقفل باب الإشاعات، وأن تحل مشكلات المواطنين إن كانت تتعلق به، أو توضيح مسألة مهمة. يجب على الوزراء أن يعملوا في هذا الاتجاه، ولنا في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عبرة وعظة، فلديه - حفظه الله - مجلس أسبوعي مرة في الأسبوع على الأقل، يقابل فيه المواطنين بلا تمييز أو اختيار لحل مشكلاتهم أو مسألة لهم، مباشرة بلا موانع، فمن هذا المنطلق نريد فتح الأبواب، وإجابة حاجات الناس وسؤالهم، نريد "شفافية" حقيقية، وكل حسب مسؤوليته، فلا يمكن أن يقيم عملا من دون حوار ونقاش، أو يقضى على إشاعة أو بحث عن خبر حقيقي من دون مصدر مسؤول في كل جهة حكومية يقول الإجابة والحقيقة بكل "شفافية".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها