تخلف الوعي الصحي داخل المجتمعات العربية

[email protected]

لا أبالغ حين أقول إن العناية بالصحة هي علامة أساسية ومؤشر جوهري لتقدم المجتمعات، فالعلاج من الأمراض حتى وإن كان جانبا صحيا إيجابيا إلا أن الوقاية من الأمراض خاصة تلك التي يستطيع الإنسان فعليا تحقيق الوقاية منها هي الأمر الأكثر حضارية، لا أعتقد أنني سوف أبخس حق المجتمعات العربية إذا أطلقت عليها تهمة الاستهتار بالصحة واللامبالاة بالمرض وانعدام الوعي بأهمية الحذر من انتقال العدوى للآخرين إن كان الفرد مصابا بأي من الأمراض المعدية البسيطة أو حتى الخطيرة منها، فلنتخيل مشهدا لطفل مصاب بالحصبة حثه أهله على الخروج من المنزل ولو قليلا من أجل الترفيه عن نفسه وهو يمسك بيد الخادمة المتجهة لاصطحاب أخته من المدرسة وهذا الطفل الذي يتجول بين عشرات من أطفال المدرسة لتتحول الحصبة بعد ذلك من حالة فردية إلى وباء ربما يقطن طويلا داخل أسوار تلك المدرسة .. إن هذا المشهد الواقعي ليس نادر الحدوث على الإطلاق بل إن كنت تعيش داخل المجتمع العربي قد تلاحظ أن كثيرا من الأسر لا تكترث بانتقال الأمراض ليس قصورا منها فحسب وإنما لأنها من الأساس تفتقد التوعية الصحية التثقيفية التي تحافظ بها على صحة الفرد وكذلك على صحة الآخرين وسلامتهم. أعتقد أنك كثيرا ما قد تتهم بالوسواس القهري إن كنت ممن يحاول الحفاظ على صحته عن طريق إتباع بعض الجوانب الوقائية من الأمراض ولعل أقل ما يكون هو اتباعك نظاما غذائيا منظما، منطق شديد التخلف نفكر به حتى فيما يتعلق بالصحة وهي أهم الثروات التي يمتلكها الإنسان الذي سيدرك قيمتها حتى لو أصيب بأبسط درجة من درجات الصداع.
في المجتمعات الغربية ذات الوعي الصحي المتقدم تمارس الثقافة الصحية للأفراد في حياتهم العامة حتى من خلال أبسط وسائل الإعلام بل تدخل ضمن أنشطة المدارس بشكل طبيعي مبسط, أما في حالات الطوارئ فإنه سرعان ما تقام المؤتمرات الصحافية وتحديدا الصحية عند وجود شائعة عن وجود وباء معين أو على الأقل حالات من مرض ما, وذلك للإجابة عن تساؤلات الناس واستفساراتهم ومخاوفهم. أما داخل المجتمعات العربية فإننا نسحب بأنفسنا البساط من تحت أقدامنا عمدا حتى لا نتحمل المسؤولية ليس على مستوى الجهات المسؤولة عن تلك المواضيع الصحية والتي من المفترض أن تتعامل مع أي شائعة بكل حرص واهتمام ولكن حتى على مستوى الأفراد ذوي المستوى التعليمي المرتفع هم لا يكلفون أنفسهم حتى أن يعطوها بعض الوقت للاهتمام بما يسمى الجانب الصحي الوقائي.
أعتقد أننا لابد أن نؤسس إعلاما صحيا مفتوحا يبدأ من المدارس لنعلم أطفالنا الطرق الإيجابية لحماية أنفسهم من الأخطار البيئية ومن أهم أشكالها الأمراض لا أن ننتظر فقط وقت الطوارئ لنطبق الإسعافات الأولية التي يجهلها الكثيرون, وذلك لتحقيق الثقافة الصحية الوقائية لمجتمعات عربية بصحة أفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي