كيف نحد من تأثير اكتتاب كيان على السوق؟
طرح 45 في المائة من أسهم شركة كيان أو ما مجموعه 675 مليون سهم بقيمة عشرة ريالات للسهم يعني أن قيمة هذا الاكتتاب ستكون 6.75 مليار ريال، لذا فهو أكبر اكتتاب في تاريخ سوق الأسهم السعودية، وقيمته تبلغ نحو ضعفي قيمة اكتتاب شركة إعمار المدينة الاقتصادية البالغة 2.55 مليار ريال والتي تسبب طرحها ثم تداولها نهاية العام الماضي في تراجع سوق الأسهم السعودية بحدة. لذا من الطبيعي توقع حدوث تأثير سلبي كبير على سوق الأسهم السعودية جراء هذا الاكتتاب، والسؤال المهم هنا هو كيف لنا أن نحد من هذا التأثير السلبي على السوق؟
هيئة السوق المالية أعلنت أن الحد الأدنى للاكتتاب سيكون 50 سهما، وقياسا على الاكتتابات السابقة، فإن ذلك يعني أيضا أن الحد الأدنى للتخصيص قبل اللجوء لنظام النسبة والتناسب سيكون 50 سهما أيضا، ما يعني أن تغطية هذا الاكتتاب، بشكل كامل، ضمن نطاق الحد الأدنى للتخصيص ودون الحاجة لتطبيق نظام النسبة والتناسب، سيتطلب مشاركة 13.5 مليون مواطن في هذا الاكتتاب على أقل تقدير. وإذا أخذنا في الاعتبار أن عدد المكتتبين في شركة إعمار كان عشرة ملايين مكتتب، في مشاركة كانت الأكبر في تاريخ سوق الأسهم السعودية في اكتتاب أولي، وأن ذلك الاكتتاب جاء في وقت كانت الاكتتابات الأولية في أوج جاذبيتها حتى أن بعض التقديرات كانت تتوقع وصول سعر سهم "إعمار" بعد التداول إلى قيم خيالية تبلغ عشرات أضعاف قيمة الاكتتاب، فإن ذلك يؤكد، بما لا يدع أي مجال للشك، أنه من غير المتوقع الآن وصول عدد المكتتبين في شركة كيان لهذا الرقم العالي جدا، ناهيك أن يتجاوزه بما يزيد على ثلاثة ملايين مكتتب. ما يعني أن التخصيص وفق الحد الأدنى للاكتتاب، البالغ 50 سهما فقط، لن يكفي لتغطية كامل الأسهم المطروحة، وأن جزءا كبيرا منها سيخصص بالتالي وفق نظام النسبة والتناسب. ما يوجد حافزا لدى معظم المكتتبين للاكتتاب بأكبر مبلغ ممكن، والسعي للحصول على تسهيلات بنكية تضاعف قيمة اكتتابه، في محاولة لزيادة عدد الأسهم المخصصة وفق نظام النسبة والتناسب. وإذا تذكرنا أنه في اكتتاب "إعمار"، رغم معرفة معظم المكتتبين أن التخصيص سيكون دون الحد الأدنى، بلغت المبالغ المكتتب بها 7.18 مليار ريال أو 2.82 ضعف المبلغ المطلوب لتغطية الاكتتاب، فإن وجود حافز قوي جدا الآن في اكتتاب "كيان" للمبالغة يعني أن هذا الاكتتاب الضخم أصلاً ستتم تغطيته في ظل هذا الوضع مرات عديدة، ما يفاقم من تأثيره السلبي على السوق بشكل غير مبرر.
الحل في أن يستمر الحد الأدنى للاكتتاب 50 سهما، ما يتيح الفرصة لذوي الدخل المحدود للمشاركة في هذا الاكتتاب دون إرهاقهم ماليا، لكن يرفع الحد الأدنى للتخصيص قبل اللجوء إلى نظام النسبة والتناسب إلى 200 سهم. ما يعني أن المكتتب بـ 50 سهما أو مضاعفاتها وصولاً إلى 200 سهم سيضمن أن يخصص له كامل عدد الأسهم التي اكتتب بها، وفي حال تجاوز عدد الأسهم المطروحة عدد الأسهم المكتتب بها ضمن هذه الفئات يتم التخصيص وفق النسبة والتناسب. في هذه الحالة سيتأكد معظم المكتتبين أنه لن يكون هناك أي حاجة على الإطلاق لتطبيق نظام النسبة والتناسب لتخصيص أسهم هذا الاكتتاب، وأن كامل الأسهم المطروحة ستخصص ضمن الحد الأدنى، ما يحد من اندفاعهم لتسييل محافظهم رغبة في الاكتتاب بمبالغ أكبر ترفع من عدد الأسهم المخصصة لهم، وستضيع على البنوك فرصة استدراج واستغفال المكتتبين للحصول على تسهيلات وهمية تحقق منها البنوك أرباحا كبيرة ترفع تكلفة الاكتتاب على المكتتب دون مبرر بدعوى تحسين فرص حصوله على عدد أكبر من الأسهم المخصصة، فمعظم المكتتبين، إن لم يكن جميعهم، سيكتفي بالاكتتاب ب 200 سهم كحد أعلى، ما يحد بالتالي من التأثير السلبي لهذا الاكتتاب على السوق بشكل كبير.
على سبيل المثال، في حال تحديد الحد الأدنى للاكتتاب بـ 50 سهما والحد الأدنى للتخصيص بـ 200 سهم، وإذا افترضنا أن نصف المكتتبين فقط اكتتب بالحد الأدنى للتخصيص البالغ 200 سهم، بينما اكتفى نصفهم الآخر بالاكتتاب بالحد الأدنى للاكتتاب البالغ 50 سهما، فإن كامل الاكتتاب سيتغطى، باكتتاب 5.4 مليون مكتتب فقط، وهو عدد يقل كثيرا عن العدد المتوقع للمكتتبين في شركة كيان، ما يعني أن عدد الأسهم المتوقع تخصيصها سيكون أقل بكثير من 200 سهم لكل مكتتب، وأن كل الأسهم بالتالي ستخصص ضمن نطاق الحد الأدنى للتخصيص ولن يتم اللجوء مطلقا للنسبة والتناسب، لذا ليس هناك أدنى مصلحة لأي مكتتب في المبالغة والاكتتاب بأعلى من الحد الأدنى للتخصيص.