المستثمر بين البقاء.. والمغادرة!

[email protected]

في الوقت الذي تحجم فيه أعداد كبيرة من رجال الأعمال السعوديين عن الاستثمار داخل المملكة وتخرج بأموالها للاستثمار في دول عربية وأجنبية، يواجه الاقتصاد السعودي تحديا كبيرا يتمثل في قدرته على التكيف والتطور مع متطلبات الاقتصاد العالمي ومتغيراته، وفي ضرورة أن يجد موقعا للمملكة على خريطة التنافسية العالمية.. ومواجهة هذا التحدي تتطلب إصلاح بيئة الاستثمار المحلي، ووضع استراتيجيات جديدة تضع نصب أعينها تطوير الأدوار التي يقوم بها القطاعان الحكومي والخاص وتفعيل العلاقة بينهما.
من الواضح أن سبب إحجام 57 في المائة من رجال الأعمال السعوديين عن الاستثمار داخل المملكة، طبقا لما جاء في دراسة "سليمان المنديل" عضو اللجنة المنظمة لمنتدى الرياض الاقتصادي، هو الصعوبات الشديدة التي تواجه المستثمرين السعوديين فيما يخص تطبيق اللوائح والنظم بالتشريعات الحكومية، إضافة إلى الإجراءات والاتصالات بين القطاع الخاص والأجهزة الحكومية، التي تتصف بعدم الشفافية.
أكثر العوائق والصعوبات خطورة على البنية الاستثمارية في السعودية، التي هي محل انتقاد شديد من قبل خبراء الاقتصاد ومن قبل المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين، تتركز في التشريعات الحكومية ولوائح ونظم العمالة، إضافة إلى أن المستثمرين السعوديين وجدوا في الفترة الأخيرة أن تكلفتهم التشغيلية قد ارتفعت عن نظيرتها منذ خمس سنوات، بسبب ارتفاع معدلات الجريمة والسرقة وزيادة تكلفة الحراسة والأمن لحماية ممتلكاتهم وأصولهم، في الوقت الذي يرى فيه المستثمر السعودي أن السلطات الأمنية لا تحميه بالقدر الكافي، ناهيك عن صعوبات ربط الإجراءات القضائية مقارنة بدول عربية وأجنبية أخرى.
إن عدم شفافية الإجراءات والاتصالات الذي يعانيه المستثمر السعودي عند تعامله مع الأجهزة الحكومية السعودية يؤدي بالقطع إلى انتشار الفساد المالي والإداري المتمثل في لجوء رجال الأعمال إلى طرق ملتوية لإنهاء أعمالهم، مثل الواسطة والرشوة، التي تمكنهم من تفادي التعقيدات الروتينية والبيروقراطية داخل الأجهزة الحكومية، وتلك التعقيدات التي تتسبب في أن يقضي مديرو الشركات التجارية والاستثمارية أكثر من ربع وقتهم في إنهاء المشكلات المترتبة على مراجعة الأجهزة الحكومية، الأمر الذي ينعكس بالسلب على الوقت المخصص من قبل مديري هذه الشركات للتشغيل والإنتاج والتسويق.
هناك أيضا غياب اللقاءات الدورية، التي من الضروري أن يعقدها المسؤولون الحكوميون مع رجال الأعمال السعوديين بهدف التعرف على المشكلات والصعوبات التي تعترضهم، إضافة إلى ضآلة نسبة تمثيل القطاع الخاص في مجالس اتخاذ القرارات الاقتصادية في المملكة، وفي صناديق التنمية المختلفة، الأمر الذي يتسبب في تخوف رجال الأعمال السعوديين من حدوث تغيرات فجائية في القواعد والقوانين المنظمة لقطاع الاستثمار.
إن ما يحتاج إليه رجل الأعمال السعودي بشدة لكيلا يحجم عن استثمار أمواله في بلده هو الإسراع بتذليل عوائق الاستثمار داخل المملكة وتقرير سياسة اللامركزية الإدارية بالأجهزة الحكومية، ورفع نسبة تمثيل القطاع الخاص في المجالس العليا ذات الصلة بشؤون الاقتصاد والاستثمار. وهذا اجتهاد مني فلست من خبراء الاقتصاد ولكني أقرأ وأحاول أن أفهم.. فلعلني لا أكون قد تجاوزت الصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي