طحينية "جيت" والطاسة الضايعة

[email protected]

حفلت وسائل الإعلام (المطبوعة منها على وجه الخصوص) خلال الأسابيع القليلة الماضية بالحديث عن حلاوة الطحينية وأن إضافة مادة ثاني أكسيد التيتانيوم لها بنسب عالية قد تؤدي إلى إصابة المستهلك بمرض السرطان (وقانا الله وإياكم منه) التحذير صدر من الجهة الأولى المعنية بتحديد مواصفات ومعايير ومقاييس السلع الاستهلاكية في البلاد وهي الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس ذلك أن مجلس إدارة الهيئة منع استخدام مادة ثاني أكسيد التيتانوم بعد أن وافق على تعديل المواصفة القياسية السعودية 159/2002 الحلاوة الطحينية. وإثر ذلك تحركت ثلاث أمانات هي أمانات الرياض وجدة والدمام لسحب هذا المنتج من الأسواق (جريدة الرياض 8/2/2007م) وبغض النظر عن وجود علاقة بين هذا المنتج ومرض السرطان أو عدم وجودها حسب إفادة الهيئة العامة للغذاء والدواء (الاقتصادية 25/2/2007م) مع يقيني أن هيئة المواصفات والمقاييس لم تتحرك من فراغ، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل الأمانات الثلاث تحركت من تلقاء نفسها أم أنها تحركت بناء على تعميم وردها من وزارة الشؤون البلدية والقروية؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتحرك الأمانات العشر الباقية؟ وإن لم يكن كذلك فأين دور الوزارة ولماذا لم تتحرك ؟!
أم أن الوزارة تركت الأمر لتلك الأمانات لتفعل ما تراه ؟ ثم أين دور وزارة التجارة أليست معنية بحماية المستهلك وأين وزارة الصحة أليست معنية بهذا الأمر؟
ثم ماذا عن الهيئة العامة للغذاء والدواء التي بقيت متفرجة لمدة سبعة عشر يوماً بالتمام والكمال لتخرج علينا نافية وجود ما يمنع إضافة المادة المذكورة لحلاوة الطحينية. ألا تلاحظون أن هناك العديد من الجهات التي لها علاقة مباشرة بهذا الأمر بغض النظر عن حجم المسؤولية الملقاة على أي منها.
المشكلة أيها الإخوة ليست في الحلاوة الطحينية، فكما يقول المثل الشعبي (يجوز العيد بلا حنا) فالناس ليسوا مضطرين لها ويمكن الاستغناء عنها، المشكلة أن أسواقنا بدءاً من البقالات الصغيرة ومروراً بالكبيرة وانتهاء بالصيدليات ومحلات العطارة وأخيراً أبو ريالين! تزخر بالعديد من المنتجات التي لها أول وليس لها آخر ومعظم هذه المنتجات سواء كانت مأكولات وأطعمة أو كانت مستلزمات تجميل أو أوانٍ منزلية أو أجهزة كهربائية ومواد بناء أو غيرها معظم هذه المنتجات تحتوي بنسب مختلفة على مواد ضارة بصحة الإنسان ومع ذلك لم تجد من يحرك ساكناً أو يقيم معوجا. وبحسب استشاري التغذية العلاجية في وزارة الصحة ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية الدكتور خالد المدني فإنه (لا يوجد لدينا نظام جيد لمراقبة جودة وسلامة الغذاء وبالتالي فمن الصعوبة ضمان توفير مصادر أغذية مأمونة) بمعنى (أن الطاسة ضايعة) والكل يرمي بالمسؤولية على غيره والضحية المواطن الذي لم يجد من يحميه ليقع ضحية تاجر همه الأول والأخير رفع إيراداته بغض النظر عن جودة وسلامة المنتج وهذه مشكلة كبرى تحتاج إلى إعادة النظر في تحديد المسؤوليات وتعيين الجهات المنوط بها الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان وجودة السلع وتوافق المنتجات مع القوانين والمواصفات التي تضمن صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
ولا أعتقد أن الأمر يحتمل التأخر فصحة الإنسان هي أغلى ما نملك. وقانا الله وأياكم من الأمراض . وحمانا من كل سوء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي